x

نظام الانتخابات والرئاسة وهوية الدولة.. ألغام دستورية أمام لجنة «الـ50» (ملف خاص)

الثلاثاء 10-09-2013 19:08 | كتب: محمد علي الدين, آيات الحبال, عمر عبد العزيز |
تصوير : أحمد المصري

تجاوز دستور 2012 المعطل المرحلة الأولى من التعديلات بعد خروجه من لجنة «العشرة» التى أدخلت عليه العديد من التغييرات، وحذفت منه بعض المواد فى إطار تحسين صياغته وجعله أكثر انضباطاً من الناحية القانونية. الدستور وتعديلاته وصلا الآن إلى المرحلة الثانية التى تمثلها لجنة الخمسين بأعضائها المنتمين إلى عدة تيارات وتوجهات ومهن، والتى ستعمل على إدخال تعديلات جديدة تعبر عن احتياجات المصريين خلال السنوات المقبلة.

تحاول «المصرى اليوم» أن ترصد مقترحات وتصورات أعضاء لجنة الخمسين عن الدستور وتعديلاته، وأبرز المواد التى سيتقدمون لإضافتها أو تعديلها أو حذفها، وكيف سيتعاملون مع مواد الحريات، والشريعة الإسلامية، وصلاحيات الرئيس، ودور الشرطة، وغيرها من مواد مثيرة للجدل.

1- نظام الانتخابات

جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة: الشرقية «ضد القرار»، هكذا رد حسين عبدالرازق، المرشح عن التيار اليسارى فى لجنة الخمسين لإعداد الدستور، على مقترح لجنة العشرة بإجراء أول انتخابات تشريعية ومحلية وفق النظام الفردى. وأضاف عبدالرازق، عضو المكتب السياسى لحزب التجمع: «صحيح مصر عرفت النظام الفردى منذ دستور 1923، لكن التجربة أثبتت أن النظام الفردى يتم الاختيار فيه على أساس الشخص والانتماء القبائلى وقدرته المالية، وتغيب البرامج والأفكار، وهذا ما يخلق ظاهرة (نائب الخدمات) والأعضاء المستقلين، وحان الوقت لتصحيح الوضع والاعتماد على نظام القائمة». وعن رأيه فى مقترح «لجنة العشرة» بإلغاء مجلس الشورى وإعادة استخدام اسم «مجلس الشعب» بدلاً من «مجلس النواب» كما كان دستور 1971.

قال عبدالرازق: «مجلس الشورى كان زائدة دودية ويجب التخلص منه لأنه فى الأصل كان يحل محل مجلس الاتحاد الاشتراكى، والحزب الوطنى فى السابق دفع باتجاه استمراره لترضية أعضاء مجلس الشعب المستبعدين وترشيحهم فى الشورى». واعتبر عضو لجنة الخمسين أن النص بوضوح على اختصاصات المحكمة الدستورية العليا، ومهامها فى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتفسير نصوص الدستور والنصوص التشريعية- قرار سليم وتصحيح لوضع خاطئ، وهذا هو دور المحكمة الدستورية العليا الأصيل منذ إنشائها، والإخوان قاموا باستبعاده من دستور «نص الليل»، فى إشارة إلى دستور 2012.

2- حرية الرأى والتعبير

وقفة احتجاجية ضد وزير الثقافة أمام دار الأوبرا يواجه الصحفيون موقفاً صعباً بعد رفض مطالبهم المتعلقة بإنهاء العقوبات السالبة للحريات فى قضايا النشر، من قبل اللجنة التأسيسية لدستور 2012، فى ظل النقيب السابق ممدوح الولى، ثم تم تجاهل نفس المطالب مجدداً من قبل لجنة «العشرة» المكلفة بإجراء تعديلات على دستور 2012 فى ظل النقيب الحالى ضياء رشوان. من جانبها، أعلنت النقابة رفضها تجاهل «لجنة العشرة» التعديلات التى تقدمت بها. وقالت إن تعديلات اللجنة جاءت لتصر على دسترة مصادرة الصحف وإغلاقها، واستخدمت عبارات مطاطة فى نص المادة الخاصة بحرية الصحافة، وذلك فى بيان صحفى أصدرته النقابة.

وأضاف البيان: «لم تتجاهل لجنة العشرة مطالب الصحفيين فقط بل أدخلت تعديلاً جديداً يعتبر حالة الطوارئ من الحالات الاستثنائية التى يجوز فرض الرقابة خلالها على الإعلام، والتى كانت مقصورة على زمن الحرب فى دستور 2012، كما أن اللجنة لم تلب مطالب الصحفيين المتعلقة بتحرير قيود الحصول على المعلومات وتدفقها وتداولها». الصحفيون ومجلس نقابتهم يصرون على مقترحاتهم التسعة، وكلفوا النقيب ضياء رشوان ممثل النقابة فى لجنة الخمسين بإجراء اتصالاته مع القوى الوطنية لتبنى المقترحات، وهو ما تعهد «رشوان» بتحقيقه فى أكثر من مناسبة منذ انتخابه. من جانبه، يعتقد محمد عبلة، الفنان التشكيلى، عضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور، أن حماية حرية الفكر والتعبير ستكون من أبرز أولوياته خلال عمله فى اللجنة المشكلة من مختلف التخصصات والتوجهات. وقال إن أهم ما يشغله هو ضرورة النص فى تعديلات الدستور على ضمان حرية الفكر والإبداع، وألا يعاقب مبدع أو فنان أو تصادر أعماله دون حكم قضائى.وشدد «عبلة» على ضرورة أن يتضمن الدستور مادة تؤكد على أهمية المحافظة على التراث الحضارى والإنسانى والثقافى ورعاية الآثار وتجريم المتاجرة بها وتشويهها، وأن تتحمل الدولة مسؤولية تشجيع البحث العلمى ودعم شباب الباحثين وتوفير المناخ العلمى المناسب لهم. ويقترح الفنان التشكيلى أن تناقش لجنة الخمسين إضافة مادة تنص على تجريم الاعتداء على نهر النيل وشواطئه، وتجريم كل ما يحجب رؤية النيل عن المصريين، وقال: «النيل حق لكل المصريين ويجب أن يمثل حجبه عنهم جريمة».

3- نظام الرئاسة

مرسي يؤدي اليمين أمام المحكمة الدستورية حاولت لجنة الخبراء إجراء المزيد من التعديلات على سلطات وصلاحيات الرئيس الواردة فى دستور 2012، وفتحت الباب للقانون لإضافة المزيد من شروط الترشح لمنصب الرئيس، بالإضافة إلى الشروط الدستورية، كما تمنع التعديلات الرئيس من عقد أى معاهدات يترتب عليها الانتقاص من إقليم الدولة، ورفع نسبة موافقة البرلمان على إعلان الحرب أو إرسال قوات مصرية للخارج إلى ثلثى الأعضاء بدلاً من أغلبيتهم (50%+1).

قيَّدت تعديلات لجنة الخبراء قدرة الرئيس على دعوة المواطنين للاستفتاء العام إذا كان الموضوع مخالفاً لأحكام الدستور، وقيَّدت أيضاً صلاحيات الرئيس فى مجال عقد معاهدات الصلح والتحالف ومنح العفو دون الرجوع لمجلس الشعب أو الاستفتاء. ويرى الدكتور عمرو الشوبكى، عضو لجنة الخمسين، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن لجنة الخبراء أجرت تعديلات دستورية مناسبة وجيدة فيما يتعلق بالصياغة القانونية، لذا فإن معظم مواد الدستور ستكون محل نقاش موسع بين أعضاء لجنة الخمسين. ويعتقد «الشوبكى» أن صلاحيات رئيس الجمهورية والقواعد المنظمة للحياة السياسية والفصل بين السلطات ستكون من أكثر الموضوعات جدلاً فى اللجنة. وقال «الشوبكى» إنه يميل بشكل كبير إلى النظام الرئاسى أو شبه الرئاسى بينما لا يفضل تطبيق النظام البرلمانى. وأضاف: «الأفضل نظام رئاسى ديمقراطى بشرط ألا يتحول لديكتاتورية». وأوضح الخبير بمركز الأهرام أنه فى حال تقرر تطبيق النظام شبه الرئاسى فيجب تجنب سلبيات النظامين الرئاسى والبرلمانى، موضحاً أن دستور 2012 اختار أسوأ ما فى النظامين، وكان متأخراً جداً فيما يتعلق بالمواطنة والحقوق والحريات.

4- الشرطة

اشتباكات بين المتظاهرين و الأمن المركزي أمام مجلس الشوري فى يومٍ ما حاول الرئيس المعزول محمد مرسى استمالة الشرطة، فقال مخاطباً ضباط وجنود الأمن المركزى: «الشرطة كانت فى القلب من ثورة يناير»، وهو ما أثار انتقادات واسعة لأن ممارسات الشرطة فى زمن مبارك كانت أهم أسباب الثورة التى اندلعت ضد نظامه، حيث كانت الشرطة وممارساتها القمعية فى قلب هذا النظام. وتحاول وزارة الداخلية عن طريق ممثلها فى لجنة الخمسين اللواء على عبدالمولى أن تطرح رؤيتها لوضع الشرطة فى تعديلات الدستور، وبالفعل أعدت الوزارة مجموعة من المقترحات التى ستتقدم بها للجنة لدراستها ومحاولة إقناعها بتبنيها.

يقول اللواء على عبدالمولى، مساعد وزير الداخلية للشؤون القانونية، إن الوزارة لديها موضوعات رئيسية ستحاول التأكيد عليها خلال مناقشات لجنة الخمسين أهمها: التأكيد على دعم جهاز الشرطة، والمساندة الكاملة له ولعناصره، وتمكينهم من أداء واجباتهم تحت مظلة الحماية القانونية التى تقيهم أى محاولات لزعزعة الجهاز، ووضع نصوص تكفل مساندة دستورية وتشريعية تمكن رجال الشرطة من أداء واجبهم. وأضاف ممثل وزارة الداخلية فى لجنة الخمسين أنه سيسعى إلى وجود نصوص تؤكد على وطنية هيئة الشرطة وولائها للشعب باعتباره جهازاً يهدف لتحقيق الأمن والأمان، ويحافظ على هيبة الدولة، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد عقيدة شرطية جديدة قائمة على سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات. ويرى «عبدالمولى» أن تعديلات الدستور يجب أن تتضمن التأكيد على أهمية الأمن بجميع أنواعه، سواء الأمن العام بمفهومه الشامل أو الأمن الاجتماعى والاقتصادى والصحى والتعليمى. وأضاف أن مقترحات الوزارة تشدد على تفعيل دولة القانون باعتباره أساس حقوق وحريات المواطنين ومشروعية السلطة.

5- العمال والفلاحين

مسيرة لعمال غزل المحلة بالنعوش للمطالبة برحيل مرسي ألغت لجنة العشرة التى شكلها الرئيس عدلى منصور نسبة الـ 50% من العمال والفلاحين فى الانتخابات التشريعية المقبلة من المادة 207 من دستور 2012، ما أثار استياء عدد من القيادات العمالية ونقابات الفلاحين الذين اعتبروه حقاً أصيلاً لهم أقرته ثورة 23 يوليو. يقول محمد عبدالقادر، نقيب الفلاحين، وممثلهم فى لجنة الخمسين المشكلة كمرحلة ثانية لتعديل دستور 2012 المعطل، إن الفلاحين غير راضين عن إلغاء نسبة العمال والفلاحين من التمثيل البرلمانى القادم، وممثلو العمال والفلاحين سوف يعملون على إعادة إقرار هذه النسبة مرة أخرى كما كانت مقررة فى الدساتير السابقة.

ويتساءل عبدالقادر: «كيف تلغى ثورة 30 يونيو حقاً أصيلاً للفلاح منحته له ثورة 23 يوليو؟». وقال إنه سيطالب بأن تعود نسبة العمال والفلاحين فى البرلمان، مع إضافة توضيح للمادة لصفة الفلاح، وهى أن الفلاح «من يفلّح الأرض، وليس لديه مصدر رزق آخر»، وهذه الصفة هى التى يجب أن تتوافر فيمن يحمل صفة فلاح فى البرلمان. وأوضح أنه يقوم حالياً بدراسة مقترحات تعبر عن مطالب الفلاحين واحتياجاتهم وسبق أن قدمها فى اللجنة التأسيسية السابقة وكانت ممثلة فى «أن ينص الدستور على توفير التأمين الصحى الشامل، ومعاش يكفى حاجة الأسرة لا يقل عن 500 جنيه يستحقه الفلاح فى سن 60 سنة وليس 65 كما كان منصوصاً عليه فى الدساتير السابقة، كما يقترح أن ينص الدستورعلى أهمية التوزيع العادل لموارد الدولة والخدمات فى القرى مثل المدن».

6- هوية الدولة والشريعة

 مليونية «الشرعية والشريعة» بميدان نهضة مصر أثار اقتراح لجنة العشرة المكلفة بالتعديلات الدستورية الذى أوصى بحذف المادة‏ 219 ‏الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، واختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير المادة الثانية من الدستور وإلغاء مرجعية الأزهر فى تفسير تلك المادة وفقاً لما جاء فى الدستور السابق- جدلاً واسعاً. الدكتور عبدالله النجار، عضو لجنة الخمسين، ممثل الأزهر بها، يقول إن الأزهر الشريف يسعى لتأكيد الهوية الإسلامية لمصر فى الدستور، وإن هدف لجنة الخمسين أن يكون الدستور معبراً عن جميع الشعب المصرى. وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية: «المادة الثانية كافية للتعبير عن الهوية الإسلامية لمصر»، مشيراً إلى أن الهوية الاسلامية كلمة عامة تستخدم لتحديد شكل الدولة وليس جوهرها. ويشدد «النجار» على أن كل الخيارات مفتوحة أمام لجنه الخمسين، موضحاً أن المادة 219 مطروحة للنقاش وإعادة الصياغة، مضيفاً أنه لا يوجد مادة بعينها باقية وكل مواد الدستور مطروحة للمناقشة وإعادة صياغتها. من جانبه، قال الدكتور كمال الهلباوى، القيادى الإخوانى السابق، إن المادة الثانية من الدستور كافية للحفاظ على هوية الدولة الاسلامية.

وأضاف:«المادة 219 تثير الكثير من الاختلافات والمشاكل أكثر مما تحسمها، لأن الأدلة الكلية فى الشريعة الإسلامية مختلف عليها، والمصادر والقواعد الفقهية مختلف عليها أيضاً فى مذهب أهل السنة والجماعة». وعن رأيه فى مقترح «لجنة العشرة» بحذف الإلزام بأخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، قال الهلباوى المرشح عن التيار الإسلامى: «الأزهر هو المرجع الأساسى للشريعة الإسلامية ويجب الأخذ برأيه، مع رأى دار الإفتاء، فيما يتعلق بمواد الشريعة الإسلامية».

7- الحقوق والحريات

«لا للمحاكمات العسكرية» على كوبري قصر النيل أجرت لجنة العشرة عدداً من التعديلات على المواد المتعلقة بالحقوق والحريات، حيث أضافت اللجنة مادة خاصة بقواعد إنشاء الأحزاب، تمنع ممارسة أى نشاط أو إنشاء حزب على أساس دينى، وأيضاً اهتمت التعديلات بتعدد الحالات التى لا ينبغى فيها التمييز بين المواطنين على أساس «الجنس أو النوع أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو لأى سبب آخر». ورغم تلك الإيجابيات إلا أن تعديلات لجنة العشرة أضافت حالة الطوارئ ضمن الحالات الاستثنائية التى يجوز فيها فرض الرقابة على الإعلام، والتى كانت مقصورة على زمن الحرب فقط فى الدستور المعطل. ويرى محمد سامى، رئيس حزب الكرامة، ممثل التيار القومى فى لجنة الخمسين، أنه ستتم مراجعة عدد من البنود التى صاغتها جماعة الإخوان المسلمين بما يتوافق مع مصالحها ولا سيما الخاصة بالحقوق والحريات، وذلك من خلال حوار مجتمعى مع الأحزاب اليسارية والقومية لصياغة عدد من المواد المعبرة عن روح ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ومن بينها على سبيل المثال أهمية أن ينص الدستور على حق المدنيين فى المحاكمة أمام قاض طبيعى وليس أمام قاض عسكرى، وأنه يجب أن ينص الدستور الجديد على أن تكون هناك مواد تتعلق بحق التظاهر السلمى دون تعرض المتظاهرين للعنف، كما رحب بتعديل لجنة العشرة المتعلق بحرية تكوين الأحزاب وحظر تكوين الأحزاب على أساس دينى.

وأضاف «سامى» أن لجنة العشرة لم تضع مواد تتعلق بالعدالة الاجتماعية، وهذه من أبرز المواد التى سوف نسعى إلى وضعها فى الدستور، وأن يكون هناك إطار وبرنامج واضح متعلق بالعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى إجراء تعديلات على المواد المتعلقة بحقوق الإنسان وتقييد حالة الطوارئ قدر الإمكان. وأبدى ترحيبه بالتعديلات التى تم إدخالها على المادة المتعلقة بمنع التمييز.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية