متظاهرون يتجمعون بالآلاف أمام المساجد وفى الميادين، ترتفع أياديهم بأعلام وصور الشهداء، يتحركون ببطء وبهتاف يرج الشارع وحناجرهم تشق الطريق أمامهم، تشق صفوف الأمن المركزى، وتنحى المدرعات حتى يلوح فى الأفق القصر المهيب. هذه المشاهد ليست فى فيلم وثائقى عن مسيرة الغضب الأخيرة إلى قصر الاتحادية فى 11 فبراير 2011، لكنها مشاهد تعيد إنتاج المسيرة الأولى بتغيير بسيط، هو رئيس الجمهورية المطالب بالتراجع أمام غضب الشعب، هو الآن محمد مرسى وليس محمد حسنى مبارك. الشعب لم يكن وحده يحاصر الرئيس،
لكن رسومات «الجرافيتى» والشعارات أيضاً حاصرت أسوار قصر الرئيس، وكتبت عليها شعارات كثيرة، من أهمها «الثورة تحكم» و«كل السلطة فى يد الشعب».
«المصرى اليوم» ترصد 8 مشاهد من يوم حاصر فيه الشعب قصر الرئاسة للمرة الثانية فى عامين، والرئيس محمد مرسى للمرة الأولى بعد مرور أقل من 6 أشهر على توليه المنصب.
(2:00 ظهرا)
هنا قصر الاتحادية.. الهدوء يسيطر على المكان.. قوات الأمن المركزى بمساعدة قوات الجيش والحرس الجمهورى يسيطرون على الوضع الأمنى.. صفوف الأمن المركزى تقف بقوتها وبدروعها من جميع المداخل ومن أمامها المدرعات والأسلاك الشائكة التى تم نصبها بعد إعلان دعوة مظاهرات «الإنذار الأخير».
الرئيس ومعه مستشاروه ومساعدوه داخل القصر يواصلون عملهم ويتابعون الأخبار وأعداد المتظاهرين وموعد تحركهم إلى قصر الاتحادية.
(4:00 عصرا)
المسيرات تبدأ فى التجمع استعدادا للتحرك، مسيرة مسجد النور تتحرك وتنضم إليها مسيرة جامعة عين شمس. آلاف المتظاهرين يهتفون بقوة أمام مسجد رابعة بمدينة نصر.
المسيرة الثانية تتحرك فى مسيرة ضخمة فى طريق شارع الطيران. المسيرة الثالثة تبدأ فى التحرك من ميدان الحجاز بعدما طافت شوارع مصر الجديدة للحشد وتبدأ فى التحرك فى اتجاه القصر.
(5:30 عصرا)
المسيرات تصل إلى قصر الاتحادية. الجميع التزم بخط السير الذى رسم مقدما.
القصر محاصر من 3 اتجاهات. الهتافات تتعالى فى المكان «عيش.. حرية.. إسقاط التاسيسية»، «الشعب يريد إسقاط النظام».
مجموعات من الشباب يبدأون فى تقطيع الأسلاك الشائكة ليقفوا فى وجه صفوف الأمن المركزى مباشرة. المشهد يتكرر فى الاتجاهات الثلاثة.
(6:00 مساء)
مسيرة رابعة لا تنتظر طويلا. المتظاهرون يقررون الوصول إلى هدفهم.. الوقوف أمام بوابة القصر مباشرة. الشباب فى وجه الأمن المركزى، المشادات والاشتباكات تبدأ، وخلال 5 دقائق فقط ينجح المتظاهرون فى كسر الكردون، يهرولون فى اتجاه القصر للانضمام إلى باقى المتظاهرين لمساعدتهم فى كسر الكردونات الأمنية التى تمنعهم من الوصول.
(7:00 مساء)
الحشود تبدأ فى السيطرة على محيط القصر وعلى البوابات الرئيسية.. قصر الاتحادية تحت الحصار. دروع بشرية من المتظاهرين تقف أمام البوابات لحمايتها ومنع أى محاولة لاقتحام القصر، على الرغم من وقوف قوات الحرس الجمهورى بمدرعاتهم خلف البوابة.
الهتاف يتعالى «الشعب يريد إسقاط النظام» حتى يصعد مجند فوق دبابة تقف داخل القصر، يلقى التحية على المتظاهرين بيده ويضع علم مصر فوق الدبابة ليختفى بعدها خلف أسوار القصر.
(8:30 مساء)
رسامو الجرافيتى يضعون لمساتهم على أسوار قصر الاتحادية. الشعارات تكتب سريعا على الأسوار من الخارج «الثورة تحكم» الجملة الأكثر كتابة على الحوائط. المتظاهرون يفترشون أرض المنطقة للراحة ولبداية التفكير فى الوضع وكيفية التصعيد.
الدوائر النقاشية تتشكل تلقائيا، الأحاديث لا تتوقف توقعات بردود فعل مرسى وتفكير فى طرق التعصيد، وبدء فعاليات الاعتصام بالمكان من عدمه.
(10:00 مساء)
اجتماع صغير يضم قيادات المظاهرات ينتهى بعد نصف ساعة من النقاش إلى الانسحاب من المكان والعودة إلى التحرير.
سريعا يتم تحضير سيارة نصف نقل فوقها سماعات ضخمة لتتحرك بين صفوف المتظاهرين لحثهم على العودة إلى التحرير، البعض يستجيب والبعض الآخر يرفض، الهتافات تتعالى «على التحرير على التحرير»، ومجموعة أخرى تهتف «اعتصام اعتصام حتى يسقط النظام».
(2:00 صباحا)
الساعات الأولى من اليوم التالى، المشهد أقرب لاعتصام ميدان التحرير ومئات المعتصمين يبيتون ليلتهم الأولى أمام قصر الاتحادية. الهدوء يخيم على المكان بينما هتاف شباب الألتراس أمام البوابة الرئيسية للقصر الرئاسى لا يتوقف.