نشرت صحيفة «ذي أونيون» الأمريكية الساخرة، الأربعاء الماضي، مقالا افتراضيا للرئيس السوري، بشار الأسد، حيث تخيلت الصحيفة أن «الأسد» سيكتب مقالا يؤكد فيه أنه مستعد أن يقتل الآلاف من المدنيين والأطفال وأن يقصف بلدات بأكملها من أجل البقاء على السلطة، مشيرة إلى أن «الأسد» سيذكر في مقاله الاحتمالات الممكنة للتدخل الأمريكي برا أو جوا، أو بفرض حظر جوي على سوريا، وأن الولايات المتحدة ستفشل في كل الأحوال.
وبدأت الصحيفة المقال بقول «الأسد»: «إنني هنا بعد سنتين من الحرب، وسقوط أكثر من 100 ألف قتيل، دون أي علامات على نهاية هذه الحرب، وقبل أسبوع ضربت شعبي بأسلحة كيماوية، وأود أن أخبركم بأنه في كل الأحوال سيموت الآلاف سواء تدخلتم أم لا، لذا فمن الناحية الأخلاقية أنتم متورطون في القتل».
وأضاف «الأسد» حسبما تخيلت «ذي أونيون» في المقال الافتراضي: «لقد ألقيت نظرة على الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة وتحركاتها، وسأكون صادقا معكم، أنا لن أكون متحيرا من كثرتها، فهناك الكثير من المتغيرات والمسارات الممكنة لكن كلها محفوفة بالمخاطر، وكلها تقودنا إلى حقيقة واحدة هي أن نتائجها ستكون عكسية بطريقة كبيرة جدا، وستؤدي إلى فوضى جيدة من الطراز القديم، والآن يجب أن تتخذوا قرارا يمكنكم أن تتعايشوا معه».
وتابع: «دعونا نبدأ مع حقيقة أن تحالف بلدي مع روسيا والصين يعني أن أي قرارات ستتخذونها لن تحظى بدعم رسمي من مجلس الأمن الدولي، وبذلك قضيت على إمكانية الحصول على موقف موحد سليم من الناحية القانونية ضدنا، مثلما حدث في ليبيا أو في حرب الخليج الأولى» قائلا: «لقد قلبت عليكم الطاولة».
وقال «الأسد» في المقال المفترض: «دعونا الآن نفترض أنكم (الولايات المتحدة وحلفاءها) اتفقتم على ضرب أهداف سورية، قررتم المضي قدما في ذلك، شخصيا، أرى أن هذا خيار جذابا لكم، لأنكم لن تضعون أقدامكم على الأرض ولكن ستضربون بعض الأهداف لشل البنية التحتية لحكومتي، وهي وسيلة سريعة ونظيفة وطريقة سهلة لمعاقبتي، وتبدو قوية في وجه طغياني ضد بلدي الذي لا يمكن تصوره. ولكن في الوقت نفسه دعونا لا ننكر حقيقة أن أي قصف سيكون مدمرا لنظامي لكن في نهاية المطاف فإنك ستقتل الآلاف من المدنيين الأبرياء، كما تفعل دائما في مثل هذه الأمور، وأتصور أن كل من حولك سيشعرون بالأسى لسقوط مدنيين أبرياء، بالإضافة إلى أن ذلك يمكن أن يخلق جيلا جديدا من الجهاديين السوريين نتيجة الكراهية ومعاداة الولايات المتحدة، ويكونوا على استعداد لمعاقبة الولايات المتحدة لإثارتها هذه الحرب المتهورة».
واستطرد: «إنكم ستوجهون ضربات جوية على عدد قليل من المنشآت العسكرية الرئيسية، وتأملون أن تكون رسالة لي كي أمتنع عن استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى، ولكن بالمقابل: أنا لا أرحم وأتسم بالتهور، وسأبذل كل ما بوسعي للبقاء في السلطة، ويمكن أن أضرب شعبي مجددا بالأسلحة الكيماوية، وأعرف أنكم متأكدون من ذلك»، وأضاف ساخرا: «حقيقة أريد أن أساعدكم ولكن يجب أن نكون واقعيين أنا غير قادر على تعلم أي درس في هذه المرحلة».
وأضافت الصحيفة في تخيل ما يمكن أن يقول «الأسد»، حيث قالت على لسانه:«أعرف أن بعضا منكم يعتقدون أن حظر الطيران فوق سوريا سيجدي نفعا، لكن في حقيقة الأمر لن تستطيعوا تجاهل أن هذا سيكلفكم شهريا حوالي مليار دولار، لذا أستطيع أن أقول وداعا لهذا الحل أيضا».
وتابع «الأسد» كما تفترض الصحيفة بقوله: «دعونا نفترض أنكم لن تستخدموا القوة العسكرية على الإطلاق، ولكن كيف يمكنكم أن تفعلوا ذلك؟ فأنا أضرب أهل سوريا بغاز (السارين)، لذا يمكنكم أن تتجاهلوا ذلك، لتجنيب أنفسكم كل هذا الصداع، ولكن بعد ذلك ربما تفقدون ما تبقى من أخلاقياتكم على الساحة الدولية، وجعل اتفاقيات جنيف والتي هي سبب سمعة الولايات المتحدة كمنارة للحرية والديمقراطية تبدو وكأنها خدعة كاملة».
واستدرك قائلا: «طالما تصرون، دعونا ننظر في إمكانية تمويلكم لغزو بري، وحتى إن استطعتم تمويله، وأنا متأكد أنكم لا تستطيعون، فهل تفترضون أنكم ستأتون وتخلعونني من السلطة وستكون هذه هي النهاية»، وهذا ما يجيب عنه محذرا «هذا مستحيل، لأنكم على الأرجح ستورطون أنفسكم في حرب أهلية شاملة تستمر لمدة 15 سنة، وتؤدي إلى مزيد من الاضطراب في المنطقة، ومزيد من القتلى من جنودكم، وأكثر من ذلك ازدياد الكراهية ضد الولايات المتحدة الأمريكية». معتبرا هذا الخيار أول الخيارات التي يجب استبعادها.
وحول الإطاحة به من السلطة، قال «لنفترض لمجرد التسلية أنني تم خلعي بطريقة أو بأخرى، فمن سيتولى زمام الأمور بعدي؟. فنصف هذه الجماعات المتمردة ترفض العمل مع بعضها البعض، والأمر يزداد صعوبة أن نعلم أن هؤلاء المتطرفين الإسلاميين هم من يسعون لملء فراغ السلطة المحتملة. فنحن لدينا المسيحيين، والسنة، والشيعة، وكلهم مستعدون لمحاربة بعضهم البعض من أجل السيطرة على السلطة، فهل تعتقدون أن بإمكانكم الفرز من خلال تلك الفوضى وبناء حكومة جديدة، أنا لا أعتقد ذلك».
واختتمت الصحيفة مقال «الأسد» الافتراضي بقوله: «سأبذل قصارى جهدي للتمسك ببلدي مهما كانت التكلفة. حتى إذا كان ذلك يعني قصف بلدات بأكملها، أو قتل الأطفال الصغار، أو إطلاق النار على مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، فليكن ذلك. أنا مستمر في هذا لفترة طويلة، وأنتم كذلك، ومهما كان ما تنوون القيام به، فاسمحوا لي أن أعرف ما تقررون، وأنا سأكون في انتظاركم».
كان ما يسمى بالجيش السوري الإلكتروني الموالي لـ«الأسد» تمكن مسبقا من اختراق حساب الصحيفة الأمريكية الساخرة على «تويتر»، ونشر تدوينات تنتقد السياسة الأمريكية في سوريا والعدوان الإسرائيلي الأخير عليها، بالإضافة إلى السياسة القطرية، وذلك بسبب مقال مفترض سابق لـ«الأسد» بعنوان «مرحبا في العامين الماضيين سمحتم لي بقتل 70 ألف شخص».
وتعد الصحيفة الأمريكية الساخرة، التي تصنف ضمن صحافة «التابلويد» من الرواد في هذا المجال حيث بدأت عملها في منتصف التسعينيات، ويزور موقعها ما يقرب من 11 مليون شخص سنويا.