الإصابة: شرخ في الذراع اليمنى وقطع بالرأس وتجمع دموي بالعين. يبدو هذا التقرير الطبي مشرقا بالمقارنة بالتقارير التي ترصد إصابات الضباط والجنود الذين جرى تعذيبهم وسحلهم في الأحداث التي شهدتها محافظة أسوان يوم فض اعتصامي «رابعة والنهضة»، لكن قصة المجند ممدوح عبدالعال تختلف في دمويتها عن باقي قصص «أسرى» الاعتصام من رجال الشرطة.
ممدوح عبد العال حسن، 32 عامًا، أمين شرطة بالعلاقات العامة بمديرية أمن أسوان، يقول: «بحكم عملي في العلاقات العامة، ذهبت لأصور الأحداث بعد أن تلقيت توجيها من المديرية في التاسعة صباحا بالذهاب للمحافظة لتصوير ما يحدث هناك».
كانت التوجيهات لـ«ممدوح» وزملائه بالتمركز في الحديقة المواجهة لمبنى المحافظة، ووصلت أوامر من حكمدار «مدير أمن أسوان» بعد إطلاق النيران أو تذخير الأسلحة.
ويروي «ممدوح» بدء الهجوم، ويقول: «لما الأحداث سخنت بدأ المعتصمون في خلع الشجر من الحديقة وكسر المحال، ومجموعة منهم طلعت كسرت المحافظة وضربوا حارس الحكمدار وأخذوا تليفونه وفلوسه وبعتوه كرسالة لإرهابنا، بدأت القوات تتقدم منهم ببطء وهم مستمرون فى إلقاء الحجارة، ومع انتهاء مخزون قنابل الغاز المسيل للدموع وجدنا أنفسنا أمام عدد مهول، (إخوان على بلطجية)، والحكمدار (أخد بلاطة فى وجهه)، وأمير كامل مفتش المباحث أصيب بحجر فى رأسه، وبدأوا يجروا فينا واحد ورا الثاني». لم يجد «ممدوح» بدا من القفز إلى المرسى النيلي ليستنجد بأي من المراكبية العاملين هناك، لكن الرد جاء: «اطلع من هنا ما تجيبش لنا مصيبة».
وعندما حاول الخروج وجد نفس المجموعة من المعتصمين خلفه، يكمل «ممدوح»: «قفزت في النيل، لم أكن قادرا على تحريك ذراعي اليمنى بعد قيامهم بضربي عليها بماسورة، يادوب عُمْت 6 أمتار وماقدرتش أكمل، واحد منهم مد إيده ليا من اللانش اللي قفزت منه، وقالى اطلع ماتخافشى هاطلعك إحنا مسلمين..ليه تموت غريق؟».
وما إن أمسك الرجل بيد «ممدوح» وأخرجه من الماء إلا وتكاثروا عليه ثانية وألقوه على وجهه ي الأرض ووضع أحدهم حذاءه فوق رأسه وأخرج المحفظة من جيبه وفحص الكارنيه والبطاقة وقال لزملائه: «مش قلت لكم ابن....... كافر؟: واستمر في وطئ رأس ممدوح بحذائه وهو يردد: «خللى وزارتك الكافرة تنفعك».
يتابع «ممدوح»: «واحد بذقن وجلبية قصيرة جاب حجر من المرسى، وقال شوفولنا حبل هنربطه بالحجر ونرميه، لكنه لم يجد حبلا، فأوقفوني بحيث أواجههم ويظل ظهري مواجها للنيل، دفعني الرجل بقدمه في وجهي فوقعت في المياه بظهري شربت كمية كبيرة من المياه، وحاولت أن أقف على الحجارة في قاع النيل، لم أصدق عندما تمكنت من رفع وجهى خارج المياه، رآنى طفل صغير يقود (لانش) ونجح في إخراجي من المياه واصطحابي بعيدا عنهم، وكنت صعبت على بتوع المراكب وقفولى عربية تبع المحافظة وركبوني فيها».