x

مبنى كلية الهندسة.. ولا يزال الحريق مشتعلا

الأربعاء 28-08-2013 18:43 | كتب: اخبار |
تصوير : أيمن عارف

منذ أكثر من أسبوع وأحمد عبدالفتاح وزملاؤه يقومون بتنظيف المبنى من الرماد والأوراق المحترقة، وكلما أزالوا كومة من الرماد تجدد اشتعال النيران فى الكومة نفسها مرة أخرى، يحاول العاملون إخمادها بالماء، ولا تمر ساعات قليلة قبل أن تعاود كومة أخرى الاشتعال وهكذا. «كل يوم من الصبح نشيل الرماد نلاقى اللى تحته ولع واتحرق وتزيد النار ونحط مية عليه وكام ساعة وتولع تانى، الرماد بيولع كل يوم لحد أما خلص على كل حاجة فى المبنى»، يقول أحمد عبدالفتاح بنفاد صبر واضح، ثم يضيف: «الكتب والمستندات وأوراق وأجهزة تكييف وحاسب آلى والأرضيات وكل حاجة فى المبنى اتحرقت على مدار أسبوع كامل».

الرماد يكسو أرضية الطابق الثالث، رائحة الحريق تقتحم الصدر بإصرار ولا يتبقى من الدور الثالث للمبنى الإدارى الخاص لكلية الهندسة بجامعة القاهرة الذى أشعلت فيه النيران بالتزامن مع احتجاجات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى سوى الأعمدة التى يستند إليها السقف العالى، ولا تزال ألسنة النيران تخرج منه يوميا، مما جعل النيران تصل إلى القشرة الخارجية، إلا أن قوات الدفاع المدنى حاولت إنقاذ هذه القشرة الأثرية التى ما زالت محتفظة بلافته مكتوب عليها «كلية الهندسة جامعة القاهرة تم تأسيسها عام 1905» بحيث تكون شاهدة على تاريخ هذا المبنى.

المبنى الإدارى هو مبنى (مدرسة الهندسة الملكية) التى تم إنشاؤها عام 1905 لتكون مدرسة مستقلة ومتطوره عن المهندسخانة لتعليم كل فنون الهندسة، وتم ضمها إلى باقى كليات الجامعة عام 1908 بعد إنشاء الجامعة تحت اسم الجامعة الأهلية المصرية.

أكد أحد العمال، رفض ذكر اسمه، أن المبنى ظل مشتعلا لساعات طويلة حتى تمكنوا من إطفائه، ولكن ظل يحترق على مدار الأيام التالية حتى انتهى بالكامل «كل يوم نتفاجأ إن فى حاجة جديدة اتحرقت فى الدور، وبنطلع مخلفات جديدة».

لم يسلم باقى المبنى من الاعتداءات؛ فزجاج مكاتب الطابق الثانى شاهد على إطلاق الرصاص الحى؛ ففى قاعة مجلس الكلية ومكتب العميد يوجد على نوافذهما آثار لإطلاق الرصاص الحى، كما أن العمال أكدوا أنهم وجدوا بعد الفض آثارا لفوارغ الرصاص الحى التى تمكنت من اختراق النوافذ إلى قاعة مجلس الكلية ومكتب العميد.

قال الدكتور شريف مراد، عميد كلية الهندسة، إن المبنى الإدارى للكلية بالكامل هو مبنى أثرى ومسجل فى وزارة الآثار، وتم إنشاؤه عام 1905 ويعد من أقدم مبانى الجامعة المصرية، وكان عبارة عن دورين فقط، وفى الخمسينيات تمت إضافة دور ثالث لهذا المبنى وهذا الدور تلف بالكامل؛ حيث تم بناؤه بمواد خفيفة كالخشب وقواطع الألمونيوم بين الغرف.

يتشكل المبنى من مكاتب ووحدات ذات طابع خاص تقوم بأعمال استشارية للكلية، وكانت المكاتب التى تعرضت للاحتراق تحتوى أوراقا وكتبا وأجهزة حاسب آلى، وتقدر التلفيات ماديا بحوالى 10 ملايين جنيه، لكن الأزمة الكبرى فى رأى دكتور شريف مراد تتمثل فى الأبحاث التى فقدت، ولا توجد نسخ أخرى لها «فهذه الوحدات كانت تدرّ دخلا كبيرا على الكلية».

أضاف أن الحريق ما زال مشتعلا؛ لأن كمية الأوراق كانت كثيرة جدا مع وجود قواطع الألمونيوم؛ فالرماد داخله حرارة كامنة تعاود الاشتعال سريعا، «خاصة أن المياه المستخدمة فى الإطفاء تشكل طبقة عازلة بين الهواء والرماد المشتعل، وبمجرد إزالة طبقة الرماد المبتلة التى شكلت عازلا تعاود النيران الاشتعال».

وأوضح عميد الكلية أن الطابق المحترق كان يحتوى على خمسة مراكز بحثية هى «مركز الهندسة المدنية، مركز تطوير الدراسات العليا والبحوث، ومركز هندسة الآثار والبيئة، ومركز هندسة قطع الغيار، ومركز تصميمات ميكانيكية». وهذه المركز كانت تدرّعائدا ماديا على كلية الهندسة، فأغلب هذه المكاتب كانت بها الأبحاث والمشروعات التى تشارك بها الكلية سواء مع الجهات الحكومية أو الخاصة مصرية أو دولية مما يجعل أزمة كلية الهندسة «لا تقدر بثمن»؛ لأن أغلب هذه الأبحاث فقد، والأوراق والمستندات الخاصة بتعاقداتنا مع المؤسسات الأخرى فقدت، «وسنحاول استعادة هذه الأبحاث من الأساتذة العاملين بها ولكن هذا سوف يستغرق وقتا طويلا، وسنقوم بترميم المبنى من الداخل مع المحافظة على الطابع الأثرى الخاص به؛ حتى يكون مطابقا لشروط وزارة الآثار فى التعامل مع المبانى الأثرية»، مؤكدا أن الحريق حدث بعد الفض.

وأوضح حنفى الزهيرى، وكيل الكلية لشؤون خدمة المجتمع والبيئة، أنه عقب أحداث الفض تعرض المبنى الإدارى لسرقات كثيرة، كما تم العثور بعد فض الاعتصام بأيام على 12 قطعة سلاح بأماكن مختلفة بمبانى الكلية، بالإضافة إلى خزائن متعددة للذخيرة والخرطوش والعديد من أجهزة الاتصالات على موجات مشفرة من ماركات هيونداى وكينوود سلمناها لأجهزة الأمن، وأكد أن المعتصمين من مؤيدى المعزول دخل عدد منهم إلى الكلية فى الأيام الأخيرة قبل فض الاعتصام، وكانت هناك مفاوضات لإخراجهم قبل الفض.

وفى المقابل، أشار محمد الكحلاوى، أمين عام اتحاد الأثريين العرب، أن مبنى كلية الهندسة الإدارى من المبانى المسجلة كأثر، ويعود إلى الفترة «الخديوية»، ومن ثم لا تجوز إضافة طوابق أخرى عليه، وهذا الطابق المحروق ليس أثريا، ولكنه تمت إضافته على مبنى أثرى؛ مما يجعل ذلك مخالفا للقانون، وبالفعل تعرض المبنى الأثرى للخطر، وما حدث هو تعد على المبنى وانتهاك خطير له.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية