قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن مسؤولين عرب وإسرائيليين حذروا البيت الأبيض بأن التعاون العربي مع الجهود الأمنية الأمريكية في الشرق الأوسط سيتعرض للخطر إذا أقدمت واشنطن على قطع المساعدات العسكرية لمصر.
وقالت الصحيفة إنه في محاولة للضغط على الولايات المتحدة لإبقاء دعمها للقاهرة، حذر حلفاء مصر في المنطقة، الإدارة الأمريكية بأنها تخاطر بالتعاون العربي على صعيد جهود مكافحة الإرهاب ومحادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية وكذلك تمرير المساعدات الأمريكية للمتمردين السوريين.
ووفقاً لمسؤولين أمريكيين وعرب مطلعين على المناقشات، فإن هذه الرسائل جرى نقلها بشكل مباشر إلى كل من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ومستشارة الأمن القومى الأمريكي وسوزان رايس، خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، من قبل أعضاء كبار في الحكومة السعودية والإماراتية.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين العرب هددوا بقطع العلاقة مع الولايات المتحدة وحلفائها فى الشرق الأوسط، بسبب رد فعلها المنقسم حول مواجهة الأمن للإخوان المسلمين في الأسابيع الأخيرة. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربى كبير شارك في محادثات مع الولايات المتحدة إنه «إذا اتخذت الولايات المتحدة موقفا يقوض الحكومة المصرية ويمكن الإخوان، فكثيرون منا سوف يقولون لها: حظًا سعيدًا، تصرفي بمفردك»، مضيفًا أنه ستكون هناك «تداعيات إقليمية واسعة».
وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين والعرب قالوا إن السعودية والإمارات والأردن تشكل ضغطا على الولايات المتحدة لمواصلة تقديم مساعداتها العسكرية السنوية لمصر، ووفقا للمسؤولين الأمريكيين، فإن إدارة أوباما أحجمت عن قطع هذه المساعدة بشكل كامل خشية فقدان آخر قنواتها للتأثير على القاهرة.
وتابعت «وول ستريت جورنال» أن المسؤولين العرب أعلنوا خلال لقائهم مع نظرائهم في الولايات المتحدة أن إدارة أوباما فشلت في فهم التهديد الذي يشكله الإخوان المسلمون للشرق الأوسط واستقرار بلدانهم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن «البنتاجون يهتم بشكل متزايد بشأن استجابة مصر نحو قطع المعونة ربما يعرقل العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط». وأضاف: «القوات البحرية تعتمد على قناة السويس لنقل السفن الحربية داخل وخارج منطقة الخليج العربي، وتشعر بالقلق من تباطؤ الجنرالات تجاه المطالب الأمريكية بإرسال السفن عبر الممر المائي».
ونقلت عن مسؤول كبير في الإدارة، قوله إن «البنتاحون يستخدم المجال الجوي المصري للقيام بعمليات في دول مثل باكستان وأفغانستان واليمن، وربما تعد هذه نقطة ضعف آخرى»، وأضاف أن «الأمر يعتمد على الخطوات التي سيتخذها الجانب المصري كرد على قطع المساعدات، لأن تراكم الخطوات ربما يكون مشكلة».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربي رفيع قوله «إنه إذا انهارت مصر أو سقطت في حرب أهلية، فإن السعودية والإمارات لا يمكنهما المساعدة في عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين».
من جانبها، تساءلت مراسلة مجلة «تايم» الأمريكية في الكونجرس الأمريكي جاي نيوتن، عما إذا كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يدعم الإخوان المسلمين في مصر، وقالت إن الولايات المتحدة أوضحت أنها لا تدعم أي جانب، لكن المصريين يرون أن هناك أدلة على ذلك.
وقالت نيوتن إن هناك العديد من القصص واحدة تلو الآخر كُتبت حول الكيفية التي ستتعامل بها إدارة أوباما مع التغيير الأخير في الحكومة المصرية، وهو ما وصفته الصحيفة بـ«الانقلاب»، في ظل صمت نسبي تجاه الرد الفعل الأمريكي بشأن مقتل العديد من المدنيين، حوالي ما يزيد على 1000 شخص خلال الأسبوع الماضي.
وأضافت نيوتن أن المصريين لا يزالون حتى الآن مقتنعين بأن الرئيس أوباما يدعم الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسي، مشيرة إلى ما قاله رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي المصري، محمد أبو الغار، خلال مآدبة غداء أقامها السفير المصري، وحضرها عدد من الصحفيين وخبراء سياسيون، الخميس الماضي، إنه «يخشى أن تخسر أمريكا مصر، وأن هناك إدركا قويا جدا بأنهم يدعمون الإخوان المسلمين، وأنهم ضد الأطراف الأخرى».
وتابعت المراسلة: «قال أبو الغار إن هذا الإدراك بدأ حتى قبل انتخاب المصريين للرئيس مرسي، عندما التقى السناتور الجمهوري، جون ماكين، أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في فبراير 2012 دون لقاء ممثلي الأحزاب المنافسة الأخرى».
ونقلت عنه أن «الخطوط الرئيسية كانت واضحة في دفء العلاقة مع الإخوان المسلمين، ثم تعزيز ذلك بانتقاد السفيرة الأمريكية في القاهرة، آن باترسون، للتدخل العسكري في يوليو الماضي بعد عزل مرسي، وأصبحت الرؤية أكثر انتشارًا منذ قرار وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بتأجيل تسليم آخر دفعة من طائرات (إف 16) لمصر واستعراض الإدارة للمساعدات للقاهرة».
وأوضحت نيوتن أن أحدث دليل على ميل أوباما المزعوم للإخوان المسلمين في مؤتمر الخارجية الأمريكية، الخميس حول مصر، والذي قالت فيه المتحدثة باسم الخارجية، جين بساكي، إن اختيار احتجاز الرئيس السابق حسني مبارك «أمر قانوني خاص بالشأن الداخلي المصري»، ولكنها طالبت بالإفراج عن مرسي المتهم بارتكاب جرائم خطيرة، وهو ما اعتبره المصريون دليلا آخر عن أن أمريكا ما زالت تتدخل لصالح الإخوان.
وقالت: «واضح جدا أن أوباما لا يدعم الإخوان أكثر من دعمه الحكومة الانتقالية، بل أعتقد أنه ربما لا يدعم الحكومة الانتقالية أكثر من الإخوان أيضا، فقد قال أوباما مرارا وتكرارا أن المصريين فحسب يستطيعون تقرير مستقبلهم، ولكنه ربما يريد أن يوضح للمصريين أنه ليس لديه أي دوافع خفية أو تفضيلات سرية».
من جانبه، رحب السناتور الجمهوري راند بول عضو لجنتي العلاقات الخارجية والأمن الداخلي في مجلس الشيوخ، بموقف أوباما تجاه تدهور الأوضاع المستمر في مصر، في إشارة إلى قرار تأجيل إرسال طائرات «إف 16»، ووقف مناورات الدفاع المشترك مع مصر، وإعادة تفكير أعضاء الكونجرس في وقف المعونة العسكرية.
واعتبر بول، في مقال بصحيفة «واشنطن تايمز»، الأمريكية الجمعة، أن هذه التطورات موضع ترحيب، ليس بسبب الأوضاع على الأرض في مصر تحتاج إلى هذه السياسة، ولكن لأن هناك منطقًا سليمًا في إحراز بعض التقدم في واشنطن فيما يتعلق بهذه القضية.