x

«أهوار العراق».. محمية طبيعية تتحمل فاتورة صراعات الماضي

الجمعة 23-08-2013 21:05 | كتب: شريف سمير |
تصوير : other

تنتظر «أهوار العراق» قبلة الحياة لتستعيد لقبها الشهير «جنات عدن»ن بعد فاصل طويل من الخراب والدمار أصاب مناطقها المعروفة بكنوزها وثرائها البيولوجي، عندما تحولت أجزاء كثيرة من هذا المكان فى تسعينيات القرن الماضى إلى أطلال على يد الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، الذى نقل صراعاته السياسية إليها وصارت كتلة من الجحيم مضحياً بمساحات كبيرة منها أثناء مطاردة الشيعة الهاربين من قبضته وقتذاك.

ومنذ أيام، كشفت صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية أن «أهوار العراق» استعادت أكثر من نصف ما فقدته من حياتها، موضحة أن هذه البؤرة فازت بلقب «جنات عدن» باعتبارها المحمية الطبيعية الأولى فى العراق ومن أبرز القطاعات الرطبة على مستوى الكرة الأرضية فضلاً عن أنها أكثر مراكز التنوع الأحيائى فى العالم لما تحتويه أراضيها ومواقعها من أحياء مائية وبرية فريدة ونباتات وطيور نادرة.

وأشاد الكاتب جيفرى ليون فى الصحيفة بقيمة ومكانة «أهوار العراق» مشيراً إلى أنه قبل أكثر من 5 آلاف عام بدأ جزء كبير من الحياة الإنسانية الحديثة حول هذه المنطقة، حيث نشأت الزراعة وبدأت تظهر مدن حديثة، وهذا ما يفسر عمق المشاعر المؤلمة عندما تتراجع مساحة الأهوار بنسبة 93%، وانخفض عدد سكان المنطقة من مئات الآلاف إلى حوالى 20 ألف شخص فيما وصفه برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة بأنه «أسوأ كارثة بيئية فى القرن الماضى».

وأهوار العراق عبارة عن مناطق فى الجنوب عند ملتقى نهرى دجلة والفرات، وتشكل الحوض الطبيعى لهما وروافدهما، وتكونت منذ آلاف السنين من تغذية هذين النهرين، وأهم هذه الأهوار «الجبايش» التى تعد أكبر المناطق وتبلغ مساحتها نحو 600 كيلومتر مربع، بالإضافة إلى المسطحات المائية المتصلة تقريبا ببعضها، وموزعة على محافظات البصرة وذى قار وميسان على أرض تزيد مساحتها على 3 ملايين دونم.

وأمام كارثة بيئية كهذه، سرعان ما تحرك مؤسس إحدى المنظمات المهتمة بالبيئة فى العراق عزام علوش، الحائز على جائزة جولدمان للبيئة، وحاولت المنظمة إعطاء «قبلة الحياة» لـ«الأهوار» لتتمكن من استعادة أكثر من نصف المنطقة حالياً بعد أن أبدت وزارة البيئة العراقية منذ شهر تخوفها من نزوح السكان عن الأهوار لما تواجهه من مخاطر طبيعية تهدد أمن واستقرار الأهالى، وتعيش «الأهوار» على مدار سنوات حالة من البؤس تتجسد فى افتقار بعض القرى إلى المياه الصالحة للشرب والكهرباء، بينما تحتوى مناطق أخرى على مقذوفات حربية وعنقودية من نفايات الحرب والصراعات المسلحة مما دفع «البيئة» العراقية إلى مباشرة المسح التقنى لرفع الألغام بالتنسيق مع شركات مختصة فى هذا المجال حفاظاً على ما تبقى من رصيد تراثى وطبيعى لهذا المكان الحيوى.

ودق ملف «الأهوار» ناقوس الخطر فى العراق، فبادرت الوزارة بتبنى استراتيجية وطنية لحماية البيئة تتضمن آليات لعمل وإنشاء المحميات الطبيعية فى مختلف البيئات العراقية للحفاظ على التنوع البيولوجى وحمايتها من التلوث أو انقراض بعض أنواعها مما قد يتسبب فى اختلال التوازن الطبيعى للبيئة بعد سنوات من الإهمال وما صاحبها من سياسات خاطئة كلفت العراق خسائر فادحة من ثروته الحيوانية والنباتية.

ويعيش سكان الأهوار فى جزر صغيرة طبيعية أو مصنعة، ويستخدمون نوعاً من الزوارق يسمى بـ«المشحوف» فى تنقلهم وترحالهم، ولـ«الأهوار» تأثير إيجابى على البيئة انطلاقاً من كونها مصدراً جيداً لتوفير الكثير من المواد الغذائية من الأسماك والطيور والمواد الزراعية التى تعتمد على وفرة واستمرار المياه كالأرز وقصب السكر.

واكتسبت «الأهوار» قيمة تاريخية من واقع ما أشارت إليه الدراسات والبحوث التاريخية والأثرية إلى أن هذه المنطقة هى المكان الذى ظهرت فيه ملامح السومريين وحضاراتهم وهو ما كشفت عنه الآثار والنقوش السومرية المكتشفة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية