في أقوى صيحة تأييد للسلطات المصرية، وصف العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز احتجاجات الشوارع التي يقوم بها الاخوان المسلمون بانها «إرهاب وفتنة».
وتكشف وجهة النظر هذه للأزمة التي قتل خلالها مئات الأسبوع الماضي عزم المملكة وهي أكبر مصدر للنفط في العالم على المضي في دعم الحملة التي تشنها مصر على جماعة الإخوان، رغم أن حلفاء السعودية الغربيين يحاولون اقناع الحكام الجدد في مصر بالتراجع.
وحين انتشرت انتفاضات «الربيع العربي» في أنحاء الشرق الأوسط عام 2011 وأطاحت برئيس شمولي تلو الآخر، تشبث ملوك وأمراء الخليج بالسلطة، لكنهم اهتزوا بطريقة لم يشهدوها من قبل.
وبعد عامين، وجد نفس هؤلاء الحكام التقليديين فرصة لاستعادة الاستقرار والأمن اللذين سادا المنطقة طوال عقود، وهم عازمون على انفاق المليارات من أموال النفط لإعادة أصدقاء محل ثقة.
ولا يصدق هذا أكثر من صدقه على الوضع في مصر، وهي حليفة إقليمية قوية وقديمة للسعودية وللفريق أول عبد الفتاح السيسي قائد القوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع علاقات قوية بالمملكة منذ أن عمل ملحقا عسكريا في الرياض.
ويشعر حكام الخليج بالقلق من حركات إسلامية لها شعبية، مثل جماعة الإخوان المسلمين التي كانت أكبر المستفيدين من سقوط دكتاتوريات عام 2011 والتي يعتبرونها تهديدا لأنظمة حكمهم.
واتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة موقفا مماثلا للمملكة السعودية. وحاكمت الإمارات هذا العام إسلاميين بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم، وامتدحت الجيش المصري يوم الجمعة لتحليه «بأقصى درجات ضبط النفس»، في مواجهة الاحتجاجات.
وبعد أيام معدودة من عزل الجيش المصري الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان في الثالث من يوليو،عقب احتجاجات شعبية حاشدة، تعهدت الرياض وأبو ظبي بتقديم مساعدات قيمتها ثمانية مليارات دولار. وأضافت الكويت أربعة مليارات دولار أخرى وهو ما سيسد العجز في الميزانية المصرية لأشهر قادمة.
وينظر حكام السعودية للإخوان على أنهم منافسون لهم على الزعامة الدينية و لهم أجندة سياسية قوية تتعالى على علاقة الرياض بالغرب وتسعى لتطبيق الديمقراطية. وتتهم الرياض الإخوان بخيانة الثقة وهي التي وفرت لهم المأوى حين كانوا يحاكمون في مصر في الستينات لتراهم بعد ذلك يطالبون بالتغيير في السعودية.
وقال روبرت جوردن السفير الأمريكي السابق في الرياض ومقره الآن في دبي «هناك قلق كبير في منطقة الخليج كلها من أن الإخوان يحاولون التسلل وزعزعة الحكومات».
وذكرت وسائل إعلام سعودية أنه في الشهر الماضي استجوبت قوات الأمن السعودية اثنين من رجال الدين البارزين وقعا رسالة تندد بعزل الجيش المصري للرئيس الإسلامي المنتخب.
والسبت الماضي، أقال الأمير وليد بن طلال وهو ابن أخ العاهل السعودي أيضا طارق السويدان وهو رجل دين كويتي من رئاسة قناة «الرسالة» التلفزيونية التي يملكها لصلته بجماعة الإخوان. وتتبنى الإمارات نفس هذا الخط المتشدد الذي تسلكه السعودية مع الإخوان.
وقالت ابتسام الكتبي وهي محللة سياسية في دبي «لا أعتقد أن الإمارات العربية المتحدة ستتراجع عن مساعدة مصر وفقا لعدد من يموتون. هم مقتنعون أن الحكومة (المصرية) تفعل الصواب وتدافع عن البلاد في مواجهة جماعة إرهابية».
وتشعر الكويت أيضا التي وعدت بتقديم مليارات لمصر، بالقلق من جماعة الإخوان وطردت تسعة مصريين ينتمون إلى الجماعة الأحد بعد أن شاركوا في احتجاج، لكن هناك فارقا طفيفا بين موقفها وموقف الرياض وأبو ظبي.
وهناك أعضاء من الإخوان في صفوف المعارضة في البرلمان الكويتي وهم جزء من المؤسسة منذ زمن طويل. وأصدرت وزارة الخارجية الكويتية بيانا الجمعة عبرت فيه عن أسفها لسقوط عدد كبير من القتلى بين المصريين.
وقال غانم النجار استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت «الكويت في مأزق. الإخوان المسلمون لهم مكانة راسخة في المشهد السياسي وأيضا في الأجهزة الحكومية».
وهناك دولة خليجية واحدة لا تتشارك في هذا التوافق الذي تقوده السعودية هي قطر، التي قدمت لمصر سبعة مليارات دولار خلال العام الذي كان فيه الرئيس الإسلامي في السلطة. ونددت قطر بعزل مرسي وأيضا بأعمال العنف التي وقعت الأسبوع الماضي وطلبت من قادة الجيش الامتناع عن «الخيار الأمني»، في مواجهة الاعتصامات والتظاهرات.
لكن قطر لديها الآن حاكم جديد بعد أن تنحى الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هذا العام وجاء ابنه الأمير تميم وكثيرون في الخليج يعتقدون أن الدولة تتراجع عن سياستها الخارجية الطموحة التي أنفقت بموجبها بسخاء على ثوار الربيع العربي.
وإضافة إلى الأموال التي تحتاجها القاهرة بشدة لشراء الطعام والوقود، قدم أصدقاء مصر الخليجيون غطاء دبلوماسيا للقاهرة. واستغل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وهو ابن اخ العاهل السعودي زيارته لفرنسا الأحد ليحذر الغرب من زيادة الضغوط على مصر قائلا «ليس بالتهديدات يمكننا أن نحقق شيئا».
ونظر الغرب أيضا إلى صعود الإخوان بقلق، لكن الدول الغربية كانت تأمل أن تجبر الديمقراطية الإسلاميين على الاستجابة للمطالب الشعبية للمجيء بحكومة أفضل أو أن يسقطوا من خلال الانتخابات، لكن دول الخليج لم تكن تشارك الغرب هذه الثقة في حكم الشعب.
وقال دبلوماسي في الرياض «السعوديون غير متحمسين للنظرية التي تقول إن أفضل طريقة للوصول إلى مصر التي نريدها هي أن يخسر الإخوان المسلمون في الانتخابات»، لكن العنف الذي شهدته مصر خلال أسبوع يمكن أن يؤدي إلى الشيء الذي حرصت المملكة السعودية تحديدا على تفاديه، إذ قال الدبلوماسي «الملك لا يريد اراقة الدماء».
قد يكون حكام الخليج كتبوا شيكا على بياض للسيسي، لكنهم ينتظرون من قائد القوات المسلحة المصرية أن يعيد الاستقرار الذي وعد به. وقال عبد العزيز صقر مدير مركز الخليج للأبحاث «إعادة النظام وضمان تفادي أي تعقيدات وإعادة الأمن بسرعة هو أهم شيء الآن. وبعدها يمكن اجراء أي مناقشات سياسية».