x

سياسة «العين بالعين» نسخة جديدة للحرب الباردة بين «الدب الروسى والكاوبوى الأمريكى»

الجمعة 09-08-2013 21:48 | كتب: فاطمة زيدان |
تصوير : other

«الدب الروسى والكاوبوى الأمريكى».. علاقة طويلة طالما حكمتها المصالح والتنافس الإستراتيجى، إلا أنه يبدو أن الصراع السياسى بينهما يعود مرة أخرى، فقد زادت حدة التوترات بين البلدين، فى السنوات الأخيرة، بسبب عدة قضايا، ما يراه الخبراء يطلق إنذارا دوليا لا تحمد عقباه فى حال استمرت هوة الخلافات بالاتساع.

وتسارعت وتيرة التدهور فى العلاقات «الأمريكية - الروسية» منذ عودة الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، للرئاسة، العام الماضى، بل بدأت الأمور مؤخراً تأخذ طابعاً انتقامياً بين الدولتين، معيدة إلى الأذهان حقبة الحرب الباردة، حيث أصدرت روسيا قانوناً يمنع الأمريكيين من تبنى أطفال روس وسارعت واشنطن بدورها إلى إدراج 18 مواطنا روسيا على قوائمها السوداء بزعم ارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان، الأمر الذى يتضح منه أن الدولتين تعتمدان سياسة «العين بالعين».

وعلى رأس قائمة الخلافات الطويلة بين الولايات المتحدة وروسيا، تأتى قضية مسرب معلومات وكالة الأمن القومى الأمريكى، إدوارد سنودن، والتى يرى المحللون السياسيون أنها تفوق كونها نقطة خلاف فى وجهات النظر بين البلدين بل هى «عرض» لحالة التدهور التى أصابت علاقاتهما بشكل عام.

ويرى متابعون لسياسات الكرملين أن القرار الروسى منح اللجوء السياسى لسنودن يهدد بالدفع بالعلاقات، المتوترة بالفعل، بين الولايات المتحدة وروسيا، إلى أدنى مستوياتها، منذ سنوات، وتعقيد الجهود الرامية لمواجهة التحديات الجيوسياسية، وفى ظل النظر إلى إيواء موسكو لسنودن على أنه «صفعة» على وجه أوباما، و«نكسة» للعلاقات، فإن واشنطن قررت إلغاء زيارته لموسكو، لحضور قمة الـ«20»، المقررة فى سبتمبر المقبل، وهو ما يعتبر ازدراء لبوتين، بحسب خبراء.

ويقول مستشار الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، للشؤون الروسية، آندرو ويس، إن «المناخ السياسى فى واشنطن حول روسيا أصبح مسمماً، حيث كان هناك الكثير من الغضب نحو موسكو فى المؤسسة السياسية، ولكن سنودن كان العامل المحفز».

وبدءاً من الحرب فى سوريا، الحليف الأول لموسكو فى المنطقة، وموقف كل دولة منهما، والخلاف حول إيران، فضلاً عن قضية منظومة الدرع الصاروخية، التى أعلنت عنها أمريكا بهدف الحماية، الأمر الذى يثير مخاوف روسيا، وتعتبره تهديداً صارخاً لأمنها واستقرارها، خصوصاً مع تنامى حدة الخلاف فى المنطقة، واتساع لغة التهديد بين بعض البلدان، وقضية حظر انتشار السلاح النووى، كلها أمور جعلت كلا منهما يقف على مسافات بعيدة عن التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا الجوهرية التى لا يتفق عليها أوباما وبوتين.

وقد شكلت أحداث ثورات الربيع العربى تحدياً جديداً أمام كلا البلدين، فالمواجهة الحقيقية بين روسيا والولايات بدأت فعلياً فى سوريا، فدمشق حليف قديم لروسيا وفى «خيانتها» سيكون تأثير ملحوظ على هيبة موسكو الدولية، حيث وترت الأزمة السورية المتصاعدة العلاقات الأمريكية- الروسية فى وقت حساس للغاية، يحاول فيه أوباما وبوتين تجديد علاقتهما.

ومع تنصيب الرئيس الإيرانى، المنتخب حديثاً، حسن روحانى، والذى ألمح إلى استعداد أكبر للتفاوض على برنامج بلاده النووى، فإن هناك مخاوف فى واشنطن من احتمال أن يختلف موقف روسيا عن الدول الغربية التى تسعى لكبح جماح الطموحات النووية لطهران من خلال العقوبات القاسية.

وتعد أحداث «30 يونيو» فى مصر أحد أبرز الخلافات الأخيرة بين موسكو وواشنطن، فقد ظهرت واشنطن متخبطة فى تناولها لما يجرى فى القاهرة، حيث أقر البعض بما حدث باعتباره ثورة مكتملة، فيما تابع البعض الآخر دعم جماعة الإخوان المسلمين وتشبث بها، فيما برزت قضية المساعدات الأمريكية، وصفقات الأسلحة لمصر، ليدخل على الخط القطب الروسى الذى يسعى إلى موقع داخل المعادلة العربية، واعتبر دبلوماسيون أن رفع صور بوتين فى مسيرات المتظاهرين بالشارع المصرى، دليل قوى على إمكانية استبدال روسيا بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد دعم الأخيرة للإخوان.

ويشير المحللون السياسيون إلى أنه على المستوى الشخصى هناك ما يدعو للشك فى حدوث توافق كيميائى بين أوباما، الذى لا يفضل المواقف الاستعراضية، وبوتين، لاعب الجودو الذى ينتهج خطاباً قوياً، ويرى منتقدون لأوباما أن عودة الرئاسة لبوتين وتصريحاته المناهضة للولايات المتحدة أظهرت أن الرئيس الأمريكى كان ساذجا حين وضع ثقته فى موسكو.

ورغم تزايد التوتر فإنه ليست هناك تكهنات بقطع العلاقات بين واشنطن وموسكو، ويعتقد كثيرون أن الجانبين سيمران بفترة تباعد لكنهما فى نهاية المطاف سيجدان وسيلة لتقسيم خلافاتهما الى أجزاء والمضى قدما، ويرى عميد كلية الخدمة الدولية، فى واشنطن، جيمس جولدجير إنه «لا يريد أى من الجانبين علاقة عدائية.. فهذا لن يؤدى إلا إلى أن يصبح العالم مكاناً أكثر خطورة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية