x

«المنيا».. عنف طائفي برعاية أنصار مرسي (تحقيق)

السبت 10-08-2013 02:35 | كتب: عزة مغازي, آيات الحبال |
تصوير : علي المالكي

فى صبيحة أول أيام عيد الفطر، كانت الصورة الأولى التى نشرتها صفحة «إخوان سوهاج»، صورة لشاب يقف فى شرفة وخلفه صليب فضى، كان تعليق الصفحة على الصورة: «ذهول النصارى من أعداد مسيرة العيد ضد الانقلاب». قبلها.. بعد أيام قليلة من عزل الرئيس محمد مرسى وجهت الصفحة نفسها دعوة لشباب الإخوان المسلمين فى محافظات مصر لحصر المحال التجارية المملوكة «للنصارى» تمهيدا لمقاطعتها «بعد قيام النصارى بالانقلاب على الرئيس الشرعى».

كانت هذه الدعوة واحدة من تحركات عدة، دفعت ست عشرة منظمة حقوقية لتوجيه اتهام واضح لجماعات الإسلام السياسى وعلى رأسها الإخوان المسلمين، باستخدام التحريض والعنف الطائفى ضد المسيحيين عقب انتفاضة الثلاثين من يونيو، حيث وصلت الاعتداءات الطائفية فى الصعيد وسيناء لنحو عشر اعتداءات، بعضها لاتزال تداعياته مستمرة، فى فترة تزيد على شهر بقليل، وآخرها فى المنيا التى تشهد قراها، وعلى رأسها بنى أحمد الشرقية، هجمات متواصلة على منازل وممتلكات الأقباط منذ السبت الماضى.

 

تحقيق الفتنة الطائفية بالمنيا

 

بنى أحمد.. أغنية وشائعة حرق مسجد تفتح باب الطائفية

«يا تواضروس يا جبان لم كلابك من الميدان»، «ضد خيانة السيسى والنصارى»، «إسلامية إسلامية» و«قاطعوا النصارى».. تتناثر تلك العبارات على جدران المدينة، لا تفرق بين حائط بيت أو مدرسة أو مكتب بريد. فى المنيا، كما فى أغلب محافظات الصعيد، تنقسم الساحات والشوارع بين طرفين قليلا ما يختلطان، فتلك شوارع تضم غالبية مسلمة وأخرى تضم غالبية مسيحية، وعلى جدران بيوتهم دون تفرقة؛ تتناثر تلك العبارات الطائفية بالإضافة لشعارات جماعة الإخوان المسلمين وصور دعائية يعلوها الغبار تحمل وجوه الرئيس المعزول محمد مرسى والمرشحين السابقين محمد سليم العوا وعبدالمنعم أبو الفتوح وجوارها قليل من جرافيتى الاستنسل «الرش» الحامل لصور تسخر من شيخ الأزهر ورأس الكنيسة الأرثوذكسية ومعهما القائد العام للقوات المسلحة.

فى شارع التجارة الذى تشغله أغلبية مسيحية يقف جدار متهدم، وحيدا مستندا على جدران البيوت المحيطة، تتخفى وراءه مطرانية الأقباط الأرثوذكس، ينقسم مدخل مبناها الصغير المبنى على طراز حديث لا يتفق والجدار الخارجى المتهدم إلى عدة مكاتب وقاعة اجتماعات صغيرة ومكتب استقبال ينتظر فيه الراغبون فى مقابلة الأنبا مكاريوس مطران المنيا وأبوقرقاص.

إلى هذا المكتب توافد عدد من أبناء قرية بني أحمد الشرقية، التابعة لمركز مدينة المنيا، والتي شهدت اشتباكات بدأت يوم السبت الثالث من أغسطس الجاري، وتواصلت لعدة أيام، بين مسلمين وأقباط، أسفرت عن إصابة 17 شخصا بينهم شرطي، وتحطّم وحرق منازل ومحال مملوكة لأقباط بالقرية. وقدرت الخسائر المبدئية في ممتلكات الأقباط بمبلغ ثلاثة ملايين و363 ألف جنيه، بحسب بيان صدر الأربعاء، عن إيبراشية المنيا، بينما لم يصدر أي بيان عن الأحداث من وزارة الداخلية.

تحقيق الفتنة الطائفية بالمنيا

وجوه القادمين من القرية القريبة تحمل ترقبا واضحا، يؤكدون لموظفة الاستقبال مرارا أنهم مدعوون للقاء الأنبا مكاريوس لبحث تعويضهم عن التلفيات التى لحقت بمصادر أرزاقهم، تشير «ماريان فهيم»، المدرسة بمدرسة «أبيوها» الثانوية المنتظرة للقاء الأنبا مكاريوس: «دول من قرية بنى أحمد اللى بيوتهم اتحرقت»، بعد تعارف قصير يتوجه القادمون لمقابلة الأنبا، بينما تحكى ماريان بصوت خفيض متعب عما تتعرض له من زملائها من كراهية واضحة بسبب ديانتها، وعن أطفال المدرسة الذين يجلسون على الأرض لتلقى حصة الدين المسيحى وعن الجيران المؤيدين للرئيس المعزول الذين قاموا بعد بيان إعلان عزله بإشعال النيران فى «غسيل» شقيقتها.

بعد اجتماع طويل مغلق عاد وفد أقباط قرية بنى أحمد الشرقية إلى بلدتهم، على وعد من المطرانية بمساعدتهم بمبالغ بسيطة تكفي لبدء مشروعات جديدة بديلة عما جرى حرقه دون حديث عن تعويض من الدولة أو من المعتدين. يقول أمين شرطة إن شابا مسيحيا اشتبك مع آخر مسلم بعد قيام الأخير بتشغيل أغنية تهتف بأسلمة الدولة على مقهى بالقرية، بينما يؤكد العائدون من المطرانية أن شابا مسلما احتد على آخر مسيحى بعد أن قام الأخير بتشغيل أغنية حديثة تتغنى بالجيش وبما يراه صانعوها من فضل له على البلاد. ويتفق الاثنان على أن هناك شيئا غامضا حدث بعد جلسة الصلح التى تمت فى ليلة الاشتباكات، السبت الماضي، حيث اشتعلت النيران – حرفيا- في القرية فجأة بعد المصالحة، عقب سريان شائعة تفيد باعتداء المسيحيين على مسجد الفردوس بالقرية وإحراقه.

من نافذة صغيرة فى منزل قريب يشير عادل عبدالمسيح للمسجد الواضح ويقول: «المسجد أمامكم لم يمسسه سوء، نصف أرض هذا المسجد تبرع بها رجل مسيحى، منذ متى ونحن نعتدى على المساجد؟ لم يحدث أبدا أن اعتدى الأقباط على مسجد نحن نحترم دور العبادة»، يصر عادل على التقاط زميلنا المصور لقطات كافية تؤكد كذب شائعة إحراق المسيحيين مسجد القرية والتى تسببت فى إشعال الموقف. كانت نتيجة مشاجرة الأغنية ثم شائعة إحراق المسجد التى أدت لتوافد شباب غاضبين من قرى مجاورة، إحراق أتوبيس وعربة نقل يمتلكهما عادل عبدالمسيح بمشاركة صديق يحرص عادل على تذكيرنا بأنه مسلم، ونهب متجرين للبطاريات وإكسسوار الدراجات البخارية يمتلكهما مجدي فتحي صالح، وأبناء السيدة رحمة إيليا، التي عاندت أبناءها وأصرت على الحديث لـ«المصري اليوم» قائلة: «مش عاوزين غير بيوتنا متتحرقش، كل يوم بعد المغرب نقفل بيوتنا علينا ونستخبى ليحرقوها علينا، المحلين بتوع ولادى اتنهبوا بكل البضاعة اللى فيهم، كانوا ماشيين ومعاهم ناس من البلد بيعملوا مسيرات التأييد لمرسى يشاوروا على بيوت ومحلات الأقباط».

تحقيق الفتنة الطائفية بالمنيا

مجدى صالح يصر على إرجاع الأمور «لمبتداها»: «فى كل مظاهرات الشريعة التى كانت تجرى أيام الرئيس المعزول كانت العربات المتوجهة لميدان بالاس للتظاهر تأييدا للرئيس مرسى تصر على المرور فى قريتنا أولا، ومن المعروف أن 70 بالمئة من سكانها أقباط، كانوا يصرون على التجول بعرباتهم فى شوارع القرية وهتاف (إسلامية إسلامية) وإلقاء التهديدات المبطنة للأقباط، كنا نغلق بيوتنا ومحالنا علينا كما اعتدنا حتى تمر مظاهراتهم بسلام إلى وجهتها، ولكن بعد عزل الرئيس مرسى، لم تعد الأمور كما كانت صارت المسيرات أكثر عدوانية ولكن هذه ليست البداية».

البداية، حسبما يرصدها مجدى صالح تعود لاستفتاء مارس 2011 على التعديلات الدستورية التى أيد فيها الإخوان المسلمون والتيارات الإسلامية ما ارتآه المجلس العسكرى الحاكم وقتها، بينما ساد أوساط أخرى وبينها الأقباط رفض التعديلات والدعوة لكتابة دستور جديد. وقتها – يقول مجدى- بدأت الاحتكاكات بين مسلمى القرية ومسيحييها بسبب الخلاف السياسى، ومع كل معركة انتخابية كانت النيران تذكى تحت الرماد، لتندلع عقب «مشاجرة تافهة بين مراهقين مساء السبت الثالث من أغسطس الجارى» وتتجدد الاشتباكات يوميا رغم الصلح الذى رعاه الأمن وكبار القرية فى تلك الليلة.

يقول مدحت إرنست «صاحب سيارات جرى إحراقها فى الاعتداءات»: المؤسف أن جيراننا المسلمين كانوا يدلون الغرباء على بيوت وممتلكات المسيحيين ليجرى إحراقها، وكتبوا على بيوتهم عبارات «الله أكبر ولله الحمد»، حتى يعرف الغرباء أنها لمسلمين ولا يتعرضون لها». الشهادة نفسها كررتها رحمة إيليا، بينما أتت شهادة ميلاد عزت، أحد أبناء رحمة إيليا، بشكل شخصي، إذ يقول: «صاحبى اللى متربى معايا مسلم كان قاعد معايا نتكلم قبل الخناقة بنص ساعة وبعدها كان فى الصف الأولانى فى الناس اللى بترمى نار على بيتي».

أمام بيته وقف محمود الأحمداوي، وهو تاجر فاكهة ويقع بيته على مدخل القرية، بصحبة جار شاب تدل لحيته الخفيفة على تدين واضح، يقبلان الحديث قبل أن يعرفا اسم الصحيفة، فيرفض الجار الشاب الحديث معنا متجها لمجموعة من الرجال على الجهة المقابلة من الشارع، بينما يقبل محمود الأحمداوى الحديث معنا بترحاب، يشير إلى نافذة محترقة في الدور الأرضى بمنزله قائلا: «حرقها النصارى وهم بيرموا مولوتوف من فوق المستوصف»، مشيرًا لمستوصف المحبة الخيرى المواجه لمنزله، ويتابع: «حرقوا عربية بطيخ بخمسة آلاف جنيه أتيت بها لتوى من الإسكندرية»، يشير لآثار فى باب البيت الحديدى ويوضح:« دى آثار ضرب نار، كان فى واحد بيضرب بآلى من فوق المستوصف»، ثم يوضح أن هذا المسلح «نصرانى».

يؤكد تاجر الفاكهة الشاب انه لم تجر أى محاولات للصلح فى القرية، وأن المسيحيين فى القرية هم من بدأوا الشجار بعد اعتراض المراهق المسيحى على «الأغنية الإسلامية» على المقهى، ثم قيام الأقباط برشق المصلين بالحجارة أثناء خروجهم من صلاة العشاء على حد قوله. تقول والدة محمود: «إحنا فى حالنا وملناش فى السياسة ليه يضربوا علينا رصاص ويحدفوا علينا نار فى بيوتنا؟»، تساؤلها الحائر نفسه بالكلمات ذاتها رددته الأم القبطية رحمة إيليا أكثر من مرة. قبل رحيلنا سألنا محمود الأحمداوي عما إذا كان يتوقع اشتباكات الليلة، فرد: «أكيد إن شاء الله»، بينما قال مجدى صالح «محدش عارف.. ربنا ميجيبش حاجة وحشة». ليلتها، استجاب الله لرجاء مجدى وشهدت القرية هدوءا لا يعلم أحد إلى متى يدوم.

تحقيق الفتنة الطائفية بالمنيا

 

أقباط «ريدة» بالمنيا يسدون أبواب منازلهم بالطوب

ضم مجدى يوسف يديه أمام جسده النحيف، بينما يقف أمام منزله، الذى سُدت منافذه كلها إلا من الباب الرئيسى بالطوب اللبن والأسمنت خلال الليلة السابقة، شعيرات شاربه تنتفض فى غضب، بينما يجاهد لإبقاء شفتيه مزمومتين على كلمات عنيفة تأبى أن تبقى حبيسة فمه، بينما تنطق بها ملامحه، التى فقدت هدوءها بعد ليلة صعبة شهدتها قرية «ريدة»، التى تبعد مسيرة دقائق معدودة عن قرية «بنى أحمد الشرقية»، التى تشهد اشتباكات متواصلة بين المسلمين والمسيحيين منذ السبت الماضى. قبل ساعات قليلة من تلك المقابلة أنهى مسلمو القرية صلاة التراويح، مساء الإثنين الماضى، وخرجوا فى مسيرة تستهدف الوصول لقرية بنى أحمد الشرقية، وبحسب رواية وجيه عوض ونيس، الذي تعرض متجر يملكه للحرق والتدمير فى تلك الليلة، خرجت المسيرة ثم عادت بعد قليل بعد أن منعتها قوات الأمن من الوصول لبنى أحمد الشرقية ليبدأ الاعتداء فى «ريدة» على بيوت الأقباط ومحالهم، ثم تحطيم إحدى واجهات الكنيسة الإنجيلية الواقعة على مدخل القرية.

مدخل القرية هادئ، الشارع الرئيس الذى شهد اعتداءات على منازل ساكنيه فى الليلة الماضية يخلو من المارة، ويتوزع على جانبى مدخله جنود وأمناء شرطة بملابس مدنية وأخرى رسمية، يحتمون من الشمس فى ظلال البيوت، بينما يجلس قائدهم على دكة خشبية وحيدة تحت جدار الكنيسة، التى جدد أقباط القرية شبابيكها المحطمة خلال ساعات الهدوء، التى تلت الاعتداءات. فى البداية أبدى قائد الأمن الذى قدم نفسه باسم العميد خالد كامل تعاونا، واستدعى أحد خفراء الكنيسة لفتح أبوابها، والسماح لفريق «المصري اليوم» بإتمام عمله، وتصوير التلفيات التى لحقت بالمبنى.

داخل المبنى يشير خلف شوقي، أحد العاملين بالكنيسة، إلى الشبابيك المحطمة ويقول «جددها شعب الكنيسة، سهرنا نركبها طول الليل»، يتدخل أمين شرطة يرتدى ثيابا سوداء، ونظارة شمس عملاقة: «بس اللى عاملينها من برا البلد» ليحتد وجيه عوض: «لا من جوا البلد وعارفينهم واحد واحد، بس مش هنقول عليهم، لأنهم أكتر مننا، ولأننا خايفين». ليعود أمين الشرطة لتأكيد قوله الأول: «لا من برا البلد».

البيوت المجاورة للكنيسة تضم فى معظمها أسرا قبطية كبيرة العدد، تقف أسرة نور مكرم بكاملها أمام باب البيت الطينى الملاصق للكنيسة، يحمل «مكرم» طفلته التى تبلغ عاملها الأول، يحدثنا وعيناه معلقتان بأفراد الشرطة الواقفين على مقربة منه، يؤكد أن التعدى على أقباط القرية وممتلكاتهم حدث لم تشهده القرية من قبل، مشددا على التعايش السلمى بين سكان القرية من المسلمين والمسيحيين. يهتز ذراع «مكرم» مهدهدا طفلته، بينما ينظر لأمناء الشرطة القريبين، ويستدرك بنبرة صوت أكثر انخفاضا: «بس المشاكل بدأت بقوة بعد عزل الرئيس محمد مرسى، بدأت المسيرات تلف فى البلد، وتسب الأقباط، وتعتدى عليهم، وتتهمهم بأنهم المتسببون فى عزله».

يتدخل وجيه عوض: «فى العاشرة والنصف تجمع إسلاميون من القرية أمام الكنيسة، ومعهم أسلحة نارية،وزجاجات مولوتوف، توجه بعضهم إلى بني أحمد وقال آخرون: «ما دول نصارى ودول نصارى.. ودخلوا لمهاجمة الكنيسة، وكان معهم ناس نعرفهم من البلد ينتمون لجماعة الإخوان كانوا يشيرون للمهاجمين على بيوت ومحال الأقباط لمهاجمتها. هذا لم يحدث من قبل، هذه أول مرة تتم مهاجمة بيوتنا ومحالنا بهذه الطريقة».

يبدى ضابط فى لباس مدني قدم نفسه باسم «المقدم وائل الصيرفى» تبرمه من حوارنا مع سكان القرية، يصر على جمع بطاقات تحقيق الشخصية رافضا مواصلة جمع الشهادات عما حدث فى القرية خلال الاعتداءات، ويرفض إبراز تحقيق شخصيته. يجرى الضابط مكالمات هاتفية عدة يملى فيها البيانات الشخصية لمحررى «المصرى اليوم» لجهة ما، متهما إياهم بمحاولة إشعال الموقف فى القرية، وإنهاء الهدوء فيها، مؤكدا لنا أن القرية شهدت ليلة هادئة، ولم تحدث بها اشتباكات تذكر. يتحلق حولنا بعض سكان القرية، ويصر سائقان جاءا بصحبة أمين الشرطة ذى لباس أسود على الحديث معنا مهاجمين محررى «المصري اليوم»: « إنتو هتكلموا طرف واحد ما إحنا كمان اتضرينا»، يشير السائق معتز يسرى لجسر قصير يقع على بعد أمتار قليلة من الكنيسة قائلا: «عربياتنا كانت راكنة هنا وكسرولنا عربيتين»، يتهم معتز «نصارى» القرية بتحطيم سيارتى نقل ركاب إحداهما مملوكة له، وبينما يواصل روايته تمر عربة نقل كبيرة محملة بحوالى خمسة عشر شخصا فى صندوقها الخلفى يصفقون، ويرددون هتافات معادية للفريق عبد الفتاح السياسى، وتؤيد الرئيس المعزول محمد مرسى، وبينما يمر المحتفلون وسط ابتسامات ساخرة من أفراد الشرطة تأتى الموافقة عبر الهاتف من قيادة شرطية ما، لتتغير لهجة الضابط فى اللباس المدنى، ويعيد إلينا بطاقاتنا مبديا موافقته على مواصلة جولتنا فى القرية لجمع الشهادات.

تحقيق الفتنة الطائفية بالمنيا

لم يقتصر التوجس من الغرباء على رجال الشرطة، فأمام بيت مجدى يوسف احتشد عدد من شباب القرية، وما إن بدأ «يوسف» مطالبة «المصري اليوم» بتصوير ماكينة رفع المياه، التى تشكل مصدر رزقه وعائلته التى تعرضت للحرق فى الاعتداءات التى شهدتها القرية، حتى انفعل شاب من أبناء القرية موجها سبابا بذيئا لـ«يوسف» و«نصارى» القرية. يعيد «يوسف» جمع يديه أمام جسده النحيل، ويستمر فى زم شفتيه محاولاً استدعاء الهدوء قبل أن يتدخل أمين بمركز الشرطة بالقرية، وعدد من الرجال متوسطى العمر لإبعاد الشاب الغاضب، ويدعونا «يوسف» لدخول منزله.

فى الداخل تشير الأم إلى شباك أغلق بالطوب اللبن والأسمنت، وتقول: «كنت لوحدى فى البيت وعيالى برا ولقيت قزازة فيها نار داخلة من الشباك»، يختنق صوتها بالبكاء، وتقول برجفة واضحة: «كنت خايفة.. كنت لوحدى»، يشير «يوسف» لباب آخر يطل على الشارع تم سده بالطوب اللبن، ويقول: «سدينا مداخل البيت كلها هنا بعد ما رموا النار، أكل عيشى اتحرق المكنة اللى برا دى أكل عيشى»، فى إشارة لماكينة رفع المياه التى احترقت، ويواصل: «أنا خايف، ومبقتش آمن على بيتى. إحنا عايشين فى إهانة وشتيمة وبيضربوا علينا صواريخ فى المظاهرات، والواحد مبقاش مستحمل مع إننا كنا إخوات ومحدش كان بيقرب مننا، إحنا ست أخوة وزوجاتنا وأولادنا فى البيت وكل واحد فى أوضة، نمشى نروح فين؟». يسترجع مجدى يوسف ما جرى بالقرية يوم السبت - الذى بدأت فيه الاشتباكات فى قرية بنى أحمد القريبة- «منذ عزل الرئيس السابق نتعرض للسب، خاصة يوم الجمعة عقب الصلاة».

يوم السبت ومع وجود الاشتباكات فى بنى أحمد جاءت الحكومة (الشرطة)، وحدثت مصالحة بين المسلمين والأقباط، وبعد انقضاء جلسة المصالحة عادت العربات للمرور، وردد من فيها عبارات مثل «هولع فيكم كلكم» و«إنتو متقعدوش هنا تانى» أحداث بنى أحمد هى التى أشعلت الأمور بهذه الطريقة. على باب المنزل تجمع عدد من الرجال بصحبة أمين الشرطة، الذى كُلِّف بمرافقة محرري «المصري اليوم» في جولتهم. طالب المتحلقون مصور «المصري اليوم» بالتوقف عن التقاط الصور فى القرية، متهمين الصحيفة بالرغبة فى «إشعال الأمور، والإيقاع بين مسلمى القرية ومسيحييها»، معلنين رفضهم مواصلتنا الحديث مع أى من الطرفين فى القرية.

تصاعدت التهديدات وسط رفض سكان القرية تماما لقاء بعض مسلميها المشاركين فى التظاهرة، التى بدأت بعدها الاعتداءات فى القرية، وفى طريقنا إلى خارجها، كان الضابط الودود الذى قدم نفسه باسم العميد خالد كامل يطمئن قياداته فى الهاتف أن «أهالى القرية رفضوا الحديث مع الصحفيين، مؤكدين أنهم إيد واحدة، ولن يسمحوا بتدخل الأغراب لإشعال الموقف بينهم».

9 اعتداءات بعد عزل مرسى

3 يوليو 2013

اعتداء على كنيسه مارجرجس بقرية دلجة بمركز ديرمواس بالمنيا دون خسائر بشرية، ونهب كنيسة الإصلاح بنفس القرية وقتل خلال الأحداث مواطن وأصيب عدد آخر. وقال شهود عيان لنيابة دير مواس أن المهاجمين كانوا يرددون هتافات مؤيدة لمرسى.

3 يوليو 2013

اعتدى مئات من أنصار مرسى بمطروح على كنيسة السيدة العذراء وأطلقوا الأعيرة النارية فى الهواء وأضرموا النار فى كشك الحراس خارج الكنيسة وكابل الكهرباء المغذى لها، ثم حطموا أجزاء من البوابة الحديدية.

4 و5 يوليو 2013

تعرض أقباط المنطقة البحرية بنجع حسان التابع لقرية الضبعية غرب الأقصر لاعتداءات متواصلة عقب العثور على جثة مسلم مقتولا واتهمت عائلته مسيحيا فيها، وجرى الاعتداء على أحد السكان المسيحيين وأقاربه وأسفرت الأحداث عن مقتل 4 مسيحيين وإصابة 5.

6 يوليو 2013

أطلق ملثمان الرصاص على القس مينا عبود شاروبيم بالعريش وقتلاه. واختطف مجهولون مسيحيا يدعى مجدى لمعى حبيب بمدينة الشيخ زويد، وعثر على جثته مقطوعة الرأس بعد 5 أيام.

9 يوليو 2013

أطلق ملثمون أعيرة نارية بشكل عشوائى على كنيسة مارمينا بحى المناخ الكائن ببورسعيد مما أدى لتهشم زجاج صيدلية مستشفى مارمينا الخيرى المجاور، وأصيب مايكل سند وبيتر حليم بجروح طفيفة جراء تساقط الزجاج.

3 أغسطس 2013

اشتباكات فى قرية بنى أحمد الشرقية وريدة التابعة لمحافظه المنيا بين الأقباط والمسلمين، وأسفرت الأحداث عن إصابة 17 وحرق عدد من المنشآت والمنازل.

مظاهرة مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسى ترشق منازل أقباط قرية البناويطة- مركز المراغة بسوهاج بالحجارة مرددة هتافات «يادى الذل ويادى العار، النصارى بقوا ثوار». ومديرية أمن سوهاج تتدخل للفصل بين الطرفين وتنظم جلسة صلح عرفى.

6 أغسطس 2013

مجهولون يعتدون على منزل أسرة قبطية بقرية الخازندرية بسوهاج ومقتل رب الأسرة وإصابة أحد أبنائه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية