في 15 أغسطس 1936، ولد الروائي الجزائري الطاهر وطار، في سوق أهراس في بيئة ريفية وأسرة أمازيغية تنتمي إلى عرش «الحراكتة» الذي يتمركز في إقليم يمتدّ من «باتنة» غربا إلى «خنشلة» جنوبا إلى ما وراء «سدراتة» شمالا، وتتوسّطه مدينة «الحراكتة».
ولدته أمه بعد أن فقدت ثلاثة بطون قبله فكان الابن المدلل للأسرة الكبيرة التي يشرف عليها الجد المتزوج بأربع نساء، وأنجبت كل واحدة منهن عدة أولاد، وبنات وكان هذا الجد أميًا لكنه كان يتمتع بمكانة اجتماعية بارزة، وكان يقصده كل عابر سبيل حيث يجد المأوى، والمأكل، وهو الكبيرالذي يحتكم عنده الناس، وهو المعارض الدائم لسلطة الاحتلال الفرنسي، كما فتح كتابًا لتعليم القرآن الكريم بالمجان.
ويقول الطاهر وطار إنه ورث عن جده الكرم، والعزة، وعن أبيه الزهد، والقناعة، والتواضع وعن أمه الطموح والحساسية المرهفة، وتنقل الطاهر مع أبيه بحكم وظيفته البسيطة في عدة مناطق حتى استقر به المقام بقرية «مداوروش» التي تبعد عن مسقط رأسه بـ 20 كلم، وهناك اكتشف مجتمعا آخر غريبا في لباسه، وغريبًا في لسانه فاستغرق في التأمل، والتحق بمدرسة جمعية العلماء التي فتحت في 1950، فكان من تلاميذها النجباء، ثم أرسله أبوه إلى قسنطينة ليتفقه في معهد الإمام عبد الحميدبن باديس.
وفي 1952انتبه «وطار» إلى أن هناك ثقافة أخرى موازية للفقه ولعلوم الشريعة هي الأدب، وفي هذه الفترة قرأ جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وزكي مبارك، وطه حسين، ثم تعلم الصحافة والسينما، وفي مطلع الخمسينات سافر لتونس ودرس قليلا في جامع الزيتونة، وفي 1956 انضم لجبهة التحرير الوطني، وتعرف في 1955 على أدب جديد هو أدب السرد الملحمي، ونشر القصص في جريدة «الصباح»، وجريدة «العمل»، وفي أسبوعية «لواء البرلمان التونسي»، وأسبوعية «النداء» ومجلة «الفكر» التونسية ثم اعتنق الفكر الماركسي وكتب في إطاره.
وعمل «وطار» في الصحافة التونسية في «لواء البرلمان التونسي»، و«النداء» التي شارك في تأسيسها وعمل في يومية «الصباح»، و أسس في 1962 أسبوعية «الأحرار» بمدينة قسنطينة، كأول أسبوعية في الجزائر المستقلة ثم أسس في 1963 أسبوعية «الجماهير» بالجزائر العاصمة وأوقفتها السلطة ليعود في 1973 ويأسس أسبوعية
«الشعب الثقافي» التابعة لجريدة «الشعب» وأوقفتها السلطات في 1974 بعدما جعلها منبرا للمثقفين اليساريين وفي الفترة من1963 إلى 1984 عمل بحزب جبهة التحرير الوطني عضوا في اللجنة الوطنية للإعلام ثم مراقبا وطنيا حتى أحيل للمعاش، كما شغل منصب مدير عام للإذاعة الجزائرية في عامي 91 و1992.
وعارض «وطار» سرًا انقلاب 1965 حتى أواخر الثمانينات، وساهم في عدة سيناريوهات لأفلام جزائرية، كما تم تحويل عمله الأشهر «الشهداء يعودون هذا الأسبوع» إلى مسرحية نالت الجائزة الأولى في مهرجان قرطاج ، وعن همه الإبداعي الأبرز قال «وطار» إن همه الأساسي هو الوصول إلى الحد الأقصى الذي يمكن أن تبلغه البرجوازية في التضحية بصفتها قائدة التغييرات الكبرى في العالم، وتوفي «وطار» في مثل هذا اليوم 12 أغسطس 2010.