قبل وقوع «كارثة أسيوط»، التي راح ضحيتها 48 طفلاً، ومشرفة، وسائق، في حادث تصادم قطار بحافلة معهد أزهري خاص، بأكثر من 50 يومًا، نشرت «بوابة المصري اليوم»، في 24 سبتمبر الماضي، تحقيقًا بعنوان «مزلقانات الموت.. سلسلة حديد.. وسيمافور معطل.. وحوادث لا تنتهي»، كان بمثابة جرس إنذار لتجنب تلك الحوادث، ولكن هيهات لمن يستمع.
وكشفت «المصري اليوم» في التحقيق عن مستندات رسمية تُشير إلى أن الهيئة العامة لسكك حديد مصر أنفقت 5 ملايين و667 ألف جنيه، تحت بند تطوير 1725 مزلقانًا في المناطق المركزية، والصعيد وغرب الدلتا، في الوقت الذي قال عمال المزلقانات وقتها إنها لا تزال على حالها، وإن التطوير مجرد وهم.
وتضمنت المستندات أذونات صرف تفيد باستحقاق شركة النيل العامة لإنشاء الطرق الحصول على مليون و232 ألف جنيه عن عملية تطوير المزلقانات بالمنطقة الوسطى بالصعيد بعدد 345 مزلقانًا كمرحلة أولى، وصرف 554 ألفًا و587 جنيهًا لشركة النيل العامة للطرق الصحراوية، قيمة عملية تطوير مزلقانات الهيئة بشمال الصعيد، وذلك خلال الفترة من 15 ديسمبر الماضي حتى الأول من أبريل الماضي بواقع 345 مزلقانًا كمرحلة أولى.
كما تناول تحقيق «المصري اليوم» جولة في عدد من المزلقانات بالمنطقة الوسطى والشمالية والمركزية، وقال عمال «المزلقانات» إنه لم تحدث أي عمليات تطوير، وإنها لا تزال تعمل بالسلاسل الحديدية، ولم تزود بالإشارات الإلكترونية، حسبما أعلن المسؤولون، إضافة إلى تعطل معظم «السيمافورات» التي تُشير إلى اقتراب القطار من شريط المزلقان، وتعطل الأبراج في العديد من المناطق، إلى جانب الظلام الحالك أمام شريط المزلقان الذي يدفع الأهالي والسيارات إلى عبور المزلقان دون علم بمرور القطار في هذه اللحظة.
ورصد تحقيق «المصري اليوم» العشوائية والزحام الشديد اللذين فرضا سيطرتهما في عدد من المزلقانات، ما يزيد من صعوبة تحكم العامل في حركة المارة والسيارات معًا، من ضمنها مزلقان أرض اللواء الذي يعتبر من أكثر المزلقانات خطورة، لأنه يوجد وسط منطقة سكنية يقطنها الآلاف من السكان، ويضطر مئات الموظفين والطلاب إلى عبوره يوميًا بجانب الباعة الجائلين الذين يفترشون الأرصفة المحيطة، وهو المنفذ الوحيد لسكان أرض اللواء والبراجيل إلى منطقة المهندسين.
وزارت «المصرى اليوم» مزلقان قطار في محافظة القاهرة، تقول عنه المستندات إنه تم تطويره، لكن الزيارة أثبتت أن شيئًا لم يحدث، حيث يمر عليه قطارات الركاب كل 10 دقائق تقريبًا، في الوقت الذي يشهد المزلقان فيه اختناقًا مروريًا شبه دائم، وتتكدس حوله السيارات الملاكي مع الأجرة وسائقي التوك توك والمارة من الموظفين وطلبة المدارس والجامعات، وعلى بعد عدة أمتار منه تقع مدرسة «الفرز» الإعدادية التي تضم عشرات المئات من تلاميذ منطقة الشرابية، وطالب أهالي المنطقة مئات المرات بإقامة كوبري للمشاة بديلاً عن المرور من خلال المزلقان للحد من حوادث القطارات التي تحدث بشكل دوري.
وأظهر التحقيق معاناة مزلقان «العيّاط» والذي يطلق عليه الأهالي «مزلقان الموت»، بسبب كثرة الحوادث التي يشهدها، وآخرها كارثة شهر أكتوبر عام 2009، التي أسفرت عن مصرع 18 شخصًا، وإصابة 33 آخرين، حيث تتعطل معظم الإشارات الضوئية والكهربائية والسيمافورات.
وتعيد «بوابة المصري اليوم» نشر التحقيق مرة ثانية، آملة ألا تعيد نشره مرات أخرى مقبلة.
««مزلقانات الموت.. سلسلة حديد.. وسيمافور معطل.. وحوادث لا تنتهي»
«عقارب الساعة تقترب من الخامسة مساء، يحمل حقيبته الثقيلة فوق كتفيه، يندفع من ميكروباص متهالك، ينظر يمينه ويساره ليعبر شارع السودان المكتظ بالسيارات، يتوارى جسده الضئيل للحظات خلف أتوبيس نقل عام، يسمع أجراس السيمافور تعلن عن قدوم قطار».. المزيد: