اعتبر عمرو موسى، القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، صباح السبت، أن تركيا قدمت «المثال الناجح للحكم الإسلامي»، مضيفًا: «ما حدث أن مصر قدمت المثال الفاشل للحكم الإسلامي، وإذا كان الإخوان قد نجحوا في مصر لما حدث عزل لنظامهم»، مشيرًا إلى أن المشهد المصري سيؤثر على صعود التيار الإسلامي في العالم العربي لـ«فشله في مصر».
وأضاف «موسى»، في حوار أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، أن الحكم السابق لم يرتفع إلى مستوى المسؤولية، وإذا تحدثنا عن الجانب المستقبلي فأنا أُفضل أن يكون العمل السياسي شاملًا، بمعنى ألا يُستبعد أحد حتى نبني مصر على أساس توافق أو تفاهم بين الجميع.
وتابع: «أرى أن الإقصاء سيكون فيه خطأ كبير، لأن جزءًا من أخطاء (الإخوان) هو الإقصاء، ولا نريد أن نقع في ذلك مجددًا، وجزء من أخطاء النظم العربية بشكل عام هو الإقصاء أيضًا»، مشيرًا إلى أن «الزيارات الغربية» لمصر حاليًا هي محاولة لـ«التعرف على وضع مرسي والتحقق مما تردد بأنه مسجون أو يتعرض لمعاملة ما، وقد اتضح لهم غير ذلك».
واعتبر «موسى» أن «الإخوان ما زالوا جزءًا من المجتمع السياسي المصري، وهو ما يقتضي بأن يكونوا موجودين على مائدة الحوار، وهذا يتطلب إيجابًا وقبولًا، ولابد أن يقتنعوا بأنهم خسروا هذه الجولة، ولابد أن يعيدوا بناء وضعهم في الساحة السياسية المصرية، خاصة أن هذا التيار فقد كثيرًا من بريقه ومن أنصاره ولكنه لا يزال موجودًا».
وأكد أن صعوبة العملية تتلخص في أن «هذه الجماعة لديها أولوية أن مصلحتها فوق مصلحة مصر، والمطلوب في الحوار والتفاهم هو إزالة الالتباس السابق، وأن تكون مصلحة مصر فوق مصلحة الجماعة، ويكون لدى كل الأحزاب الفهم نفسه».
وقال: «الإخوان حاولوا أن يقولوا نحن الثورة، ثم أرادوا أن يختطفوا الحكم، على الرغم من اعترافنا بأن الرئيس مرسي منتخب، ونحن قبلنا بالنتائج، ولما أردنا استبدالهم وإسقاطهم لم يكن هذا بسبب أنهم جماعة الإخوان المسلمين، ولو كان الرئيس السابق، محمد مرسي، عمل وأنجز في الملفات العاجلة، واعتمد على كل الشعب وليس على (أهل الثقة)، لكانت الصورة تغيرت»، مشيرًا إلى أن «الإخوان طمعوا في كل شيء، دون إعطاء أي شيء لمصر وشعبها».
وعن تفاصيل اللقاء الذي دار بينه وخيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، قبل مظاهرات «30 يونيو»، أوضح «موسى» أنه تم لـ«حقن الدماء»، وأضاف: «تحدثنا عن سوء إدارة الحكم، وهو وافق على هذا، وذكرت له أن الإخوان خسروا وسوف يخسرون، ويوم 30 يونيو سوف يشهد احتجاجًا كبيرًا من قِبل الشعب (لأنكم أسأتم في الحكم وإدارة الأمور)، وقد اتفق معي، وقال بالحرف: (أنا معك، لقد أخطأنا بالفعل أخطاء كبيرة)».
وتابع: «قلت له: (الشعب كله سوف يخرج للاحتجاج، وأنصح ألا تكونوا إطارًا لإسالة دماء المصريين، ومن الضروري المحافظة على السلمية، وأن تأخذوا الرسالة كما هي)، وقلت: (لا تنسَ يا أخ خيرت أنه عندما أعلنت حركة تمرد التوقيع على الاستمارات، ذكرت أنه لا بد من إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهذا يعني أنها لم تطالب بإسقاطكم، وإنما بالعودة إلى صندوق الانتخابات، وأنا لو كنت في مكانكم كنت قبلت بهذا الكلام».
وأشار «موسى» إلى أنه عندما زار تركيا قال له رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا، إن مصر منقسمة ما بين «التحرير ورابعة العدوية»، وأضاف: «قلت له: لا، أنت ترى القاهرة فقط، والأغلبية فيها معارضة لـ(الإخوان)، لكن مشهد الاحتجاجات في كل محافظات مصر معارض لحكم (الإخوان)».
وأوضح «موسى» أنه كان ضمن وفد عربي رفيع المستوى تحدث مع «أردوغان» بمنتهى الصراحة، مذكرًا إياه بأن مصر هي قلب العرب، وأن العلاقات والمصالح بين الدول لا يمكن أن تطغى فيها العلاقات الحزبية بين حزب العدالة التركي و«الإخوان» في مصر، مشيرًا إلى أن المناقشات قوية جدا، واستمرت نحو 7 ساعات مع الرئيس التركي، عبد الله جول، و«أردوغان»، وداوود أوغلو، وزير الخارجية.
وبسؤاله عن الوضع السياسي في مصر خلال المرحلة المقبلة، أشار إلى أن الانتخابات ستتم في نهاية المرحلة الانتقالية، وبعد تحقيق الوفاق الوطني ووضع دستور يوافق عليه الجميع وإنجاز ملحوظ للحكومة، ثم إعداد مصر للجمهورية الثانية الحقيقية، مشيرًا إلى أن القوى السياسية «لم تصل إلى درجة النضج الكافي، ولو دخلت الانتخابات وهي متفرقة ستخسر، ولو تحالفت مثلما فعلت جبهة الإنقاذ ستكون النتيجة أفضل».
وحول ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لفت «موسى» إلى أن «الوقت مبكر للحديث عن انتخابات الرئاسة»، مضيفًا: «لكن موقفي ينطلق من إعطاء الفرصة للشباب، والشباب يعني 50 أو 60 سنة لأن يتقدموا الصفوف»، كما تابع بقوله: «من الـ40 وإنت طالع»، مؤكدًا أنه لن يترشح في الانتخابات البرلمانية وأن الأحزاب الأقرب إليه هو «الوفد»، فضلًا عن أنه عنده «ربع ناصري»، حسب تعبيره.
في الوقت نفسه، شدد «موسى» على أنه «لا يوجد ما يسمى بالربيع العربي، لأن ما حدث هو حركة تغيير عربية وهي مستمرة».
وبسؤاله عن دور الجيش المصري، بعد «30 يونيو»، والمواقف الخارجية من ذلك، قال: «ما حدث كان ثورة غضب عارم بعيدًا عن الجدل»، مشيرًا إلى أنه أبلغ الرئيس «كوناري»، رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي، أن المفهوم الذي استند إليه قرار تعليق عضوية الدول التي يحدث بها انقلاب في أفريقيا في حقبة التسعينيات كان معروفًا بأنه «عندما يقوم كولونيل بعمل انقلاب عسكري ويتولى بنفسه مقاليد الحكم ويحل محل الحاكم، أما ما حدث في مصر فهو مختلف».
وتوقع «موسى» أن أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث «العنف، وعلى الدولة أن تكون مستعدة لذلك، بمعنى ألا تسمح به»، حسب قوله، معتبرًا في الوقت نفسه أن الأمن القومي المصري كان مهددًا بشكل خطير في فترة مرسي، وقال: «الدولة عندما يتهدد أمنها القومي، فإن الأمر قد انتهى».
وعن رأيه في الدعوات المطالبة بإخراج مرسي، قال: «هذا موضوع معقد، وأعتقد أن القانون هو الذي سيطبق، إنما أي إجراءات استثنائية من الأفضل أن يتم الانتهاء منها، ويفرج عمن لا يوجد في حقهم اتهامات أو مساءلة قانونية».