x

دريد لحام: الثورة في سوريا بدأت بمطالب مشروعة ثم خُطفت وسُلحت من قوى خارجية

الثلاثاء 30-07-2013 23:48 | كتب: سعيد خالد |
تصوير : اخبار

قال الفنان دريد لحام، إن الأحداث السياسية في سوريا بدأت كثورة، لكنها تعرضت للسرقة وتحولت إلى مؤامرة تشارك فيها أكثر من دولة، وكشف النقاب عن مسلسله «سنعود بعد قليل»، الذي يعرض على أكثر من قناة فضائية عربية، ويقدم خلاله للمرة الأولى دوراً خالياً تماماً من الكوميديا، مؤكدًا أن مخرج العمل غامر بترشيحه لهذه الشخصية الخالية من الكوميديا، كما تحدث لـ«المصرى اليوم» عن رأيه في الفرق بين الدراما السورية والمصري، مشيرًا إلى أنهما يكملان الصورة العربية الأكبر للدراما، وإلى نص الحوار.

■ ما سبب اختيارك لسيناريو «سنعود بعد قليل» لتقدمه في التليفزيون؟

- أنا أب لثلاثة أبناء وجد لسبعة أحفاد، وهاجسي الدائم هو حقيقة حاضرهم وماذا أعدّوا لمستقبلهم ومـدى نجاحاتهم وإخفاقاتهم، لذلك وجدت في «سنعود بعد قليل» تعبيراً عني كرب أسـرة، وهذا ينطبق على أي رب أسرة في العالم من منطلق إنساني، لذلك أعجبت بالسيناريو ولم تكـن لديَّ أي ملاحظات عليـه، خاصة أن رافي وهبة لـه تجارب جديرة بالاحترام في مجال الكتابة.

■ وكيف قيمت فكرة اقتباس النص من عمل إيطالي ومحاولة تعريبه؟

- هناك اختلاف في العادات والتقاليد وفي حاضر الشعوب وماضيها، لكن في العلاقات الإنسانية هناك تشابه بين كل الشعوب إلى حد التطابق، لذلك فالنص الإيطالي يقـدم حالة أسرية إنسانية تعيشهـا كل الأسر على امتداد العالم، لذلك جاء الاقتباس موفقاً جداً، لأنه يعالج حكاية أسرة.

■ ما الصعوبات التي واجهتها أثناء التصوير وما أصعب مشهد عشته مع شخصية «نجيب» التي جسدتها؟

- لم نواجه أي صعوبات تذكر، خاصـة أن المخرج الليث حجو صاحـب تجارب ناجحـة جداً في الإخراج، يعرف تماماً ماذا يريد ومتعاوناً مع مجموعـة محترفة ومتخصصة إلى أبعد الحدود، لذلك كان جو العمل كما هو دائماً مع «الليث»، وكأن الجميع أسرة واحدة متحابة مستعدة لتجاوز أي صعوبة بالتصميم والإرادة سعياً للنجاح، تعمل أغلب ساعات النهار والليل بشكل متواصل دون كلل أو تذمر، وقد تكون الصعوبة الوحيدة عندما منعنا حفنة من شباب طرابلس من التصوير في مدينتهم بسبب موقـف سياسي، مما حدا بالمخرج أن يجد وبسرعة بديلاً للمكـان، أما الصعوبة التي واجهتها شخصياً أكثر من مرة فهي في المشاهد المؤلمة، حيث كانت دموعي تنهمر مع أول جملـة، مما كان يجعلنـي أطلـب من المخرج أن أرتاح لخمس دقائق كي أهدأ وأسيطر على عواطفي.

هل تم تصوير العمل في دمشق أم أن معظم أحداثه تم تصويرها في بيروت؟

- طبيعـة السيناريـو أن الأحداث يجري جزء منها في دمشق وأغلبها في بيروت، وهذا ما كان، ولم ينقل شىء من أحداث المسلسل في دمشق إلى بيروت بسبب الوضع الأمني في سوريا، كما رددت بعض الشائعات.

■ كيف تقيم الوجبة الدرامية والسياسية والاجتماعية التي يقدمها المسلسل؟

- اللحظة تفرض وجودها على المسلسل مثل أكثريـة المسلسلات السورية الأخرى، لذلك فإن الأحداث في سوريا فرضت نفسها على الجانب الاجتماعـي، لأنه لا توجد عائلة سورية واحدة لم يطلهـا ما يجري بشكل أو بآخر.

هل تتوقع أن تعود سوريا سريعًا إلى مكانتها خاصة أن اسم المسلسل يشير إلى ذلك؟

- أتمنى أن تعود سوريا إلى مكانتها، وذلك من منطلق ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، وأنا بطبعي أميل إلى التفاؤل، لأن التشاؤم يقضي على الإرادة.

كيف ترى الانشقاق الاجتماعي في سوريا الذي صوره العمل؟

- إن فهم ما يجري أو تفسيره يختلف من شخص إلى آخر وعلى أساس ذلك يتخذ موقفه، لذلك لا تجد انشقاقاً اجتماعياً على مستوى الوطن فقط، بل وفي داخل الأسرة الواحدة، وهو شىء طبيعي في أوقات الثورات أن تختلف الآراء، المهم تحكيم المصلحة في النهاية.

لماذا تأخرت في معالجة الأوضاع الاجتماعية في أعمالك خاصة أن الجميع ينتظرون تلك الأعمال؟

- أكثر أعمالي الخاصـة بالمسرح اهتمت بالشأن الوطني المتداخل مع الشأن الاجتماعي، مثل مسرحيات «ضيعـة تشرين»، و«غربة»، و«كاسك يا وطن»، و«شقائق النعمان»، و«صانع المطر»، لذا لا يمكن أن تقدم عملاً اجتماعياً خالياً من نبض اللحظة، حتى لو كانت قصة حب بين شاب وفتاة لابد لها وأن تتأثر بما يجري في محيطها، وذلك يعرضها للنجاح أو الفشل.

■ كيف اجتمع كل هؤلاء النجوم في «سنعود بعد قليل» خاصة أن ذلك مكلف إنتاجيًا؟

- الدراما السورية لا تواجه الأزمة التي تعانيها الدراما المصرية، لأن كل الفنانين السوريين لم يضعوا يوماً في أولوياتهـم الأجر المادي، وفي هذا العمل تحديدًا، قدمنا جميعًا تنازلات، فأنا مثلاً عملت بأقل من نصف أجري، وأظن أن الكل قدم تنازلات لصالح إنتاج هذا المسلسل تقديراً للظروف المحيطة، وبشكل عام فإن الفنان السوري يهتم بما يقوله العمل قبل المناقشة في الأجر، لذلك تجد كثيرًا من الأعمال يظهر فيها نجم بمشهد واحد أو حتى جملة واحدة في، وأضرب مثلاً على ذلك بمسلسل «بقعة ضوء»، فهم يفضلون البطولة الجماعية، إذا كان العمل يقدم مادة جيدة، على البطولة المطلقة في عمل ضعيف، و«سنعود بعد قليل» خير مثال على ذلك.

ما سر ابتعادك عن الشاشة الصغيرة؟

- لم أبتعد كثيراً عن الشاشة ففي عام 2011 قدمـت مسلسلاً بعنوان «الخربة» للمخرج الليث حجو وبنفس الطاقم الفني، ولا توجد لدىَّ الآن مشاريع جديدة سوى مجموعة من الأفكار، خاصة أن اختياراتي أصبحت ضيقة لأن مستقبلي أصبح ورائي وأنا أخاف عليه.

هل أصبحت الكوميديا عملة نادرة في الدراما السورية بسبب الأحداث الجارية؟

- لا شك أن مشاهد القتل والدمار والتهجير والنزوح تبعث على الأسى ولا تترك مجالاً للفرح وإلا سيكـون ابتسامة كاذبة.

■ لماذا لم تقم بإخراج أعمال تليفزيونية مثلما كانت لك تجارب فى السينما والمسرح؟

- قمت بإخراج العديد من الأعمال التليفزيونية بين 1960- 1970، عندما كنت رئيساً لدائرة التمثيليات، ثم رئيساً لدائرة المخرجين في التليفزيون السوري، وبعدها تفرغت أكثر للإخراج السينمائي والمسرحـي، ولكنني أقدم بين الحين والآخر أعمالًا تليفزيونية أقوم بإخراجها وبطولتها تهتم بالشأن العام والتوجيه الاجتماعي، مثـل «يوميات حنظلة»، «ممكن لحظة»، «حقوق الطفل» وغيرها.

ما تقييمك للـ27 مسلسلًا التي تقدمها الدراما السورية هذا العام؟

- لقد فاجأني الرقم وكنت أظنه أقل من ذلك بكثير، وأعتقد أن ذلك يعود لتصميم الفنانين السوريين على الاستمرار في الحياة رغم وحشة الظروف.

كيف ترى وضع الدراما العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص وكيف تقيم المنافسة بين الدراما المصرية والسورية؟

- لا شك أن الدراما العربية تتقدم يوماً بعد يوم على صعيد المضمون والمشهد البصري، مستفيدة من تجاربها وتجارب الآخرين، كما أنها تشجعت على معالجة أمور كانت سابقاً تعتبر خطوطاً اجتماعية أو سياسية حمراء، ولا أرى منافسة بين دراما مصرية ودراما سورية، لأنهما نموذجان لدراما عربية تكتمل الصورة بوجودهما، لأنني أرى أن الدراما العربية مثل لوحة الفسيفساء بغياب واحدة من قطعها يجعل الصورة ناقصة، ولذلك المسألة ليست تنافسًا، إنما تكامل لرسم لوحة الدراما العربية.

هل ستمتد آثار التهجير الذي حدث في سوريا للدراما ويضطر صناعها للتصوير في بيروت أيضًا؟

- الهجرة طالت الدراما أيضاً دون شك، فكما أن الكثير من السوريين مازالوا على أرض الوطن فإن بعضهم هاجر أو أجبر على الهجرة لظروف اقتصادية أو أمنية أو سياسية، وكذلك الدراما فبعضها اضطر للهجرة لنفس الأسباب السابقة، وقد تم إنجاز أعمال سورية في بيروت وأبو ظبي.

ما رأيك في اختيار شهر رمضان كموسم لعرض الأعمال؟

- أرى أن اقتصار الموسم على شهر رمضان مذبحة للدراما، لأن المشاهد يحاول في البداية مشاهدة أكثر الأعمال، ثم ينتقون بعضها للمتابعة ويهملون الباقي، لأنه من الصعب أن يتابع المشاخد 50 أو 60 عملاً في شهر واحد، أضف إلى ذلك الصراع بين شركات الإنتاج على المحطات الأكثر أهمية، والتوقيت الأكثر ملاءمة، لذلك كثير من الأعمال يتعرض للظلم بالتقييم، لذا أفضل أن تتوزع الأعمال على (12) شهراً لتصبح المشاهـدة أكثر تأثيراً وأكثر متابعة ومتعة.

لماذا لم تكرر تواجدك في السينما المصرية وما سر توقف مشروعك مع الفنان عادل إمام؟

- أتمنى التواجد في الدراما المصرية، والعمل مع الزعيم الصديق عادل إمام حلماً رائعاً، وأخشى إذا تحقق المشروع أن تنتهي روعـة الحلم.

ما رأيك في تصنيف الفنان ما بين مؤيد ومعارض للثورات؟

- هناك ظلم كبير في تقسيم الناس عموماً والفنانين خصوصاً بين مؤيد ومعارض، لأنه لا يوجد فنان يرفض أي ثورة نقية تحارب الظلم والفساد والديكتاتورية، وإذا كان لبعض الفنانين موقف ملتبس فإن ذلك مرده إلى الخـوف من تداعيات سياسية وأمنيـة واجتماعيـة، كما نشهـد في أكثر من بلـد عربي، لذلك لا أرى معنى لهذا الفرز، فأنت إما سورياً أو غير سوري، وإما مصرياً أو غير مصري.

كيف تستطيع الدراما السورية أن تلعب دورًا فيما تروجه الوسائل الإعلامية وتأرجحها بين أن ما يحدث في سوريا فتنة طائفية بينما يصور البعض ما يحدث على أنه ليس ثورة؟

- لا شك أن الفتنة الطائفية المدمرة بدأت تطل برأسها من خلال الأوضاع غير المستقرة في العالم العربي، ويغذيها، للأسف، تجار دين يختفي شيطان المصالح تحت عباءاتهم، وقد قال الفيلسوف ابن رشد: (تجارة الدين هي التجارة الأكثر رواجاً في المجتمعات التي يسودها الجهل)، وهنا على رجال الدين الحقيقيين، الذين تمسح الملائكة جباههم، توعية الناس على المنابر، وكذلك الدراما، لأننا جميعًا خلقنا الله ولم ينتق أحد يوماً انتماءه الطائفي، بل ينزل الطفل من بطن أمه وهو يحمـل انتماءه، وبالتالي فإن ذلك قدر إلهي وأي اعتراض عليه هو كفر بإرادة الله، وهناك الأية الكريمة التي تقول في سورة الفاتحة (مالك يوم الدين)، أي أن الله وحده هو من يحاسب البشر وليس من جعلوا أنفسهم قناصل السماء على الأرض وبدأوا بالحساب والعقاب مُستبقين يوم القيامة يوم الدين.

■ كيف ترى ثورات الربيع العربي وكيف يمكن تقديم عمل يرصد هذه التغيرات؟

- على الدراما أن تؤكد أنها ثورات ربيع عربي وتدعو إلى التذكير بمسبباتها كي لا تنحرف الثورات عما قامت من أجله لتصبح خريفاً عربياً.

هل أثبتت الأيام وجهة نظرك بأن سوريا تتعرض لمؤامرة وضرورة مساندة كيان الدولة لا النظام؟

- على الجميع أن يكون حريصاً على عدم سقوط الدولة وليس النظام، لقد بدأت الثورة في سوريا بمطالب مشروعة، ولكنها خُطفت وسُلحت من قوى خارجية واستُقدم لأجل ذلك مقاتلون من أكثر من ثلاثين دولة، جاهدوا لتدمير سوريا الدولة وتدمير تاريخها وثقافتها وبنيانها ومقدراتها وإنسانها، نعم لقد أصبح الوضع مؤامرة وليست الثورة هي المؤامرة.

■ لماذا لم تفكر في مغادرة سوريا رغم خطورة الأوضاع الأمنية؟

- الوطن ليس فندقاً نتركه إلى فندق آخر عندما لا تعجبنا الخدمة فيه، فالوطن ليس حقيبة سفر، فالانتماء هو الجزء الأهم من كرامة الإنسان، الذي يؤمن بمشيئة الله وقدره.

■ فى النهاية ما تقييمك للوضع الآن فى سوريا؟

- لا شك أن الوضع صعب للغاية.. فقد كثر المتصارعون على أرض الوطن ولم يعد هناك صوت للعقل.. فى ظل الارتهان للخارج بعد أن خطفت الثورة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية