x

«وول ستريت جورنال»: واشنطن تخشى من تجاهل «الجيش» لمطالبها

الإثنين 29-07-2013 16:58 | كتب: فاطمة زيدان |
تصوير : طارق وجيه

قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن واشنطن باتت تخشى على نحو متزايد من «تجاهل المؤسسة العسكرية المصرية مطالبها، وتعميقها لحملتها ضد جماعة الإخوان المسلمين، والتى يمكن أن تشعل فترة طويلة من عدم الاستقرار، وتؤدى إلى حمل أعضاء الجماعة السلاح»، بحسب تعبيرها.

وأضافت الصحيفة، فى تقرير مطول، نشرته، الإثنين ، أن وزير الدفاع الأمريكى، تشاك هيجل، وغيره من المسؤولين الأمريكيين، حذروا الفريق أول عبد الفتاح السيسى، النائب الأول لرئيس الوزراء، ووزير الدفاع، فى سلسلة من الرسائل الخاصة فى الأيام الأخيرة، من أن حملته على الجماعة تخاطر بعودتها للعمل تحت الأرض، وذلك وفقاً لعدد من المسؤولين المشاركين فى هذه المناقشات.

وأوضح المسؤولون أن الولايات المتحدة أرسلت رسائل أيضاً لحث قادة الجماعة على الهدوء، لكنهم مثل الجيش، لم يظهروا علامات تُذكر على التراجع.

ورأى المسؤولون أن العنف الذى شهدته مصر، فجر السبت الماضى، فى حادث المنصة، كشف عن الانقسام الفلسفى بين واشنطن والقاهرة حول كيفية التعامل مع أتباع جماعة الإخوان المسلمين، كما عكست التطورات أيضاً حدود نفوذ الولايات المتحدة فى مصر.

وأشارت الصحيفة إلى أنه فى أعقاب عزل الرئيس السابق، محمد مرسى، قبل أقل من 3 أسابيع، اعتقد كبار المسؤولين الأمريكيين أن المظاهرات ستهدأ، وأن السيسى سينفتح على التواصل مع الإخوان، إلا أن أحداث العنف الأخيرة، جعلتهم يقتنعون أن فكرة المصالحة باتت «قاتمة» بشكل كبيرة.

وقالت إن تشدد موقف كل من السيسى والجماعة أدهش مسؤولى إدارة أوباما، ناقلة عن مسؤول بارز قوله «لا أحد منا يفهم ما يجرى، فيبدو أنهم يهزمون نفسهم بأنفسهم».

وأضافت الصحيفة أنه رغم مناشدات الولايات المتحدة المتكررة للجيش لتجنب «التكتيكات القاسية»، اتجهت الحكومة المدنية المؤقتة فى مصر نحو إحياء الدولة البوليسية التى ميزت نظام الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، وذلك بعد منحها الضباط حق الضبطية القضائية، وإحياء أجزاء من قانون الطوارئ.

وتابعت: «فى الفترة التى سبقت عزل مرسى، أبدى السيسى مخاوفه، بشكل سرى، مع مسؤولين أمريكيين، بشأن احتمالات حدوث مواجهة عنيفة بين الإسلاميين، وغير الإسلاميين، وذلك وفقا لمسؤولين شاركوا فى هذه المحادثات، إلا أنهم يقولوا إن الحملة التى يشنها ضد الإخوان تخاطر بإشعال المواجهة التى قام بعزل مرسى من أجل تجنبها».

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك طوفانا من الأسلحة فى مصر، قادم من ليبيا، ما يشيع عدم الاستقرار، خاصة فى سيناء، ويؤدى إلى تفاقم الأخطار، بحسب مسؤولين أمريكين ومصريين.

ومضت الصحيفة تقول «يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الخطر الأكبر الآن هو أن تؤدى التكتيكات العسكرية الحالية إلى تطرف بعض أعضاء الإخوان من خلال قمع الجماعة، وحرمانها من دور حقيقى فى الحياة السياسية فى البلاد».

ويرى المسؤولون الأمريكيون أن الجماعة تستطيع شن حملة عصيان مدنى دائم فى جميع أنحاء البلاد، ما سيؤدى إلى اشتباكات واسعة فى الشوارع، وشل الاقتصاد، والعملية السياسية، معربين عن قلقهم البالغ إزاء «العناصر الراديكالية داخل الجماعة».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكى بارز، شارك فى المحادثات مع السيسى، قوله إن «الولايات المتحدة لا تعرف ما إذا كان الإخوان يستعدون لمعركة مسلحة أم لا، ولكننا لا نقلل من هذه الاحتمالية.. ولكن خطر هذه الاحتمالية يزيد إذا تم دفعها للعمل تحت الأرض».

ونقلت عن المتحدث السابق باسم حزب «الحرية والعدالة»، مراد محمد على، قوله إن الجماعة تنبذ العنف، ولكنه حذر من أن أعضاءها الذين يشعرون بالتهديد قد لا يلتزمون بهذه الفلسفة.

وأعرب مسؤولون فى الإدارة الأمريكية عن خشيتهم من أن يعتمد السيسى على «استراتيجية القمع» مع الإخوان، مشيرين إلى أن واشنطن حثته، فى محادثات خاصة، باتباع «استراتيجية الشمولية» وإعادة الإخوان فى العملية السياسية.

وعن استمرار المساعدات الأمريكية لمصر، قال المسؤولون إن العامل الأهم لصانعى السياسات هو أن هدف الولايات المتحدة المتمثل فى تعزيز الديمقراطية فى مصر لن يتحقق فى حال ما وصفت الإدارة عزل مرسى بأنه «انقلاب»، الأمر الذى من شأنه تنفير الجنرالات والقادة الآخرين الذين تعول الولايات المتحدة عليهم الآن لتعزيز العملية الديمقراطية الشاملة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة سعت من خلال القنوات الدبلوماسية، لسحب الإخوان من «حافة الهاوية»، إلا أن المسؤولين يرون أن قادة الإخوان «غير مرنين»، فى بعض النقاط، مثل السيسى، موضحة أن الرسالة الأمريكية للجماعة، والتى نقلها مسؤولون أمريكيون، ومبعوثون قطريون، وغيرهم، هى أنه لا يزال لها دور فى المستقبل السياسى فى مصر على الرغم من عزل مرسى، وأنه يجب أن تشارك فى المصالحة مع الجماعات العسكرية والعلمانية.

وتابعت: «وتحقيقاً لهذه الغاية، حثت الولايات المتحدة الحكومة المصرية المؤقتة على السماح لحزب الحرية والعدالة بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ولكن المسؤولين حذروا السيسى من أنه فى حال عدم سماح المؤسسة العسكرية بذلك فإن العنف سيتفاقم».

وقالت الصحيفة إن العديد من كبار المسؤولين فى إدارة أوباما يشعرون بقلق بالغ من الطريقة التى يتم التعامل بها مع مرسى، وكبار مساعديه، ناقلة عن أحد هؤلاء المسؤولين قوله إنه «على الرغم من أن مرسى ومستشاريه لم يكونوا عباقرة فى الحكم، لكنهم لا يستحقون الزج بهم فى السجن بهذا الشكل».

ورأت الصحيفة أن العنف يمثل تصعيداً خطيراً فى الصراع الذى يحمل أضرارا بالغة لديمقراطية مصر الناشئة، ويخاطر بتمزق المجتمع، واتساع رقعة الانقسام الأيديولوجى فى البلاد.

من جانبها، دعت رئيسة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكى، ديان فينشتاين، إلى ضرورة النظر فى تعليق المساعدات العسكرية السنوية لمصر رداً على حادث المنصة، قائلة إنها «لم تشعر بمثل هذا القلق من قبل».

ونقلت صحيفة «ذا هيل» عن رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكى، النائب مايك روجرز، قوله إن «الولايات المتحدة أمامها دور كى تقوم به فى مصر فى ظل زيادة وتيرة العنف فى أعقاب الإطاحة بمرسى»، مضيفاً أنه عليها أن تحاول أن تهدئ من العنف المتزايد فى مصر بعد مقتل عشرات من قبل قوات الأمن، خلال احتجاج السبت.

وتابع: «من المهم للولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها لكى تميز بين جماعة الإخوان المسلمين التى تستخدم الديمقراطية لإقصاء حقوق النساء والحريات الدينية، وبين الجماعة السياسية العلمانية التى نأمل أن يكون لها فرصة وهو ما لم يحدث من قبل».

وأشار روجرز إلى أن الأمريكيين لديهم مصلحة اقتصادية فى ضمان أن تظل مصر مستقرة، موضحاً أن 5% من النفط العالمى يمر يومياً عبر قناة السويس، وكذلك 8% من التجارة العالمية، ولو استمر العنف وفقدت السيطرة على البلاد، فإنه سيكون له تأثيرات اقتصادية حقيقية على الأمريكيين فى الداخل.

وقالت الصحيفة إن السيناتور راند بول يخطط لاستخدام تصويت الأسبوع المقبل على مشروع قانون للإنفاق لإنهاء المساعدات الأمريكية لمصر، حيث يقول إنه «بدلاً من إرسال أموال دافعى الضرائب إلى البلدان غير المؤهلة لتلقى المساعدات التى نقدمها، مثل مصر، يجب أن يتم توجيه تلك الأموال للاحتياجات المحلية الملحة». وأضافت الصحيفة أن بول سعى طويلاً لوقف المساعدات لمصر، ولكن دون جدوى، إلا أن تصويت الأسبوع المقبل، ربما قد تكون فرصته الوحيدة لإجبار الإدارة على إعادة النظر.

وقال السيناتور ريتشارد دوربين، فى مقابلة مع شبكة «أى.بى. ى»، إنه على الرغم من العلاقة الإيجابية بين الولايات المتحدة والجيش المصرى، فإنه علينا أن نوضح للقاهرة، كما أوضحنا فى ليبيا وفى سوريا، أن إطلاق النار على الشعب غير مقبول من قبل أى حكومة.

فيما حذر السيناتور الجمهورى البارز، ساكسبى تشامبليس، من تورط الولايات المتحدة فى المشهد السياسى فى مصر، قائلاً إنه يجب أن تسير على خط رفيع مع حليفتها الأهم فى منطقة الشرق الأوسط، مضيفاً أن «التدخل الزائد فى الوضع سيزيد الأمر سوءاً.. ولكن نحتاج إرسال رسالة واضحة وقوية للجيش بأننا لن نتسامح مع هذا النوع من العنف الذى شاهدناه خلال الأحداث الأخيرة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية