حصلت «المصري اليوم» على كواليس لقاء الوفد الحقوقي، الذي ضم محمد فايق، وزير الإعلام الأسبق، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، بالرئيس المعزول محمد مرسي، في مقر احتجازه بأحد الأماكن شديدة الحراسة، التابعة للقوات المسلحة خارج القاهرة.
وعلمت «المصري اليوم» أن الوفد أجرى الزيارة في وقت متأخر، مساء الجمعة، واستمرت حتى الساعات الأولى من، صباح السبت، وأن من قاما بالزيارة لم يعلما مكان احتجاز المعزول ومرافقيه، حتى بعد زيارتهما واستقلالهما طائرة عسكرية حملتهما إلى هناك.
وأكدت المصادر أن إجراءات أمنية شديدة التعقيد صاحبت نقل الوفد الحقوقي إلى مقر احتجاز الرئيس المعزول ومرافقيه، وكشفت أن الدكتور محمد مرسي رفض لقاء الوفد واعترض على عدم وجود أحد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو أحد محاميه، لافتة إلى أنه خص بالذكر الدكتور محمد سليم العوا، الذي كان يأمل أن يكون ضمن أعضاء الوفد، بينما تعالى صوت مرسي بشكل ملحوظ أكثر من مرة خلال عقد الوفد لقاءات مع مرافقيه، وأخذ يصيح: «أنا الرئيس الشرعي.. أنا الرئيس الشرعي».
ورجّحت المصادر أن يكون من بين أسباب اختيار محمد فايق ما يتمتع به من سمعة دولية مرموقة وتاريخ في مجال حقوق الإنسان، على المستويات العربية والأفريقية والدولية، فضلاً عن أنه شارك من قبل في عدد من البعثات التي قامت بها الأمم المتحدة، كان آخرها بعثة دارفور عام 2009، وهو ما يضفي مصداقية على تقرير الوفد الحقوقي الذي سيعلن فيه نتائج الزيارة، بعد مطالبات دولية بالإفراج عن الرئيس المعزول، كان آخرها صادراً عن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون.
وأوضحت المصادر أنه ربما يكون أحد أسباب اختيار ناصر أمين في عضوية الوفد ما يتمتع به من سمعة دولية في مجال نشاط المركز الذي يتولى رئاسته، المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، الحاصل على الصفة الاستشارية في الأمم المتحدة، فضلاً عن أن اقتحام مركزه خلال المرحلة الانتقالية التي كان يديرها المجلس العسكري قبل وصول مرسي للحكم، يضفي حالة من المصداقية على مشاهداته للرئيس المعزول ومرافقيه.
من جانبه، قال محمد فايق، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان الأسبق، إن الزيارة جاءت بعد تقدم عدد من منظمات حقوق الإنسان بطلب رسمي للحكومة المصرية لزيارة الرئيس المعزول، للاطلاع على ظروف احتجازه والوقوف عن كثب على حالته الصحية والمعيشية، مضيفاً أنه قبيل منتصف الليل، الجمعة، توجهت بهما طائرة عسكرية إلى مكان الاحتجاز الذي وصفه بغير المعلوم.
وكشف فايق لـ«المصري اليوم» عن وجود السفير محمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السابق، وأحمد عبد العاطي، مدير مكتب الرئيس السابق، بصحبة المعزول في مقر احتجازه، مشيراً إلى أن المعزول رفض مقابلة الوفد الحقوقي الذي توجه لزيارته.
وقال «فايق»: «التقينا الطهطاوي وجلسنا معه قرابة الساعتين، واستفسرنا منه عن تفاصيل دقيقة تتعلق بمكان الاحتجاز والمعاملة التي يتلقاها الرئيس السابق، ومدى توافر الشروط الصحية والإنسانية المناسبة».
وأضاف: «أكد لنا الطهطاوي حصول الرئيس المعزول على الأدوية التي يتلقاها، وتوفر كل ما يحتاج إليه من طعام وشراب وجميع الأمور المعيشية الأخرى».
ولفت «فايق» إلى أنه وناصر أمين تجولا في المكان للتأكد من توافر كل الاشتراطات الصحية والإمكانيات المناسبة لحصول الرئيس السابق على المعاملة الكريمة ومدى ملاءمة إجراءات الاحتجاز للمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتوافر الشروط الإنسانية في أماكن الاحتجاز.
وأكمل: «أثنى الطهطاوي على المعاملة الجيدة التي يتلقاها الرئيس السابق والمرافقون له، وعدم وجود أي مشاكل من أي نوع فيما يتعلق بهذا الجزء»، ووصف المعاملة بأنها «جيدة وتتسم بالاحترام الشديد».
وواصل: «الطهطاوي لم يبلغنا بأي شكاوى سوى عدم معرفتهم بمكان احتجازهم وعدم السماح لهم بإجراء اتصالات بالعالم الخارجي، كما أكد لنا على بدء التحقيق مع الرئيس السابق في بعض القضايا المتهم فيها دون حضور محامين معه، بالرغم من تأكيده أن التحقيق تم في سلاسة ويسر».
ولفت «فايق» إلى أن اللجنة الحقوقية توصي الجهات المختصة بضرورة الإفراج عن «الطهطاوي» وأحمد عبد العاطي، إذا لم يكونا مطلوبين للتحقيق على ذمة قضايا.
وأوضح «فايق» أنه بالرغم من أن تقييد السلطات المختصة حق المتهمين في الاتصال بالعالم الخارجي والحق في الاحتجاز في مكان معلوم، يمكن أن يكون مقبولاً في حالات الإضرار بالأمن القومي، وفق ما نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إلا أن اللجنة الحقوقية التي زارت الرئيس المعزول ترى أنه من الأفضل اتخاذ تدابير سريعة لاحتجازه في مكان احتجاز محدد، والسماح له بالاتصال بذويه والعالم الخارجي وفقاً لما نص عليه القانون، داعياً إلى ضرورة توفير مساعدة قانونية مناسبة للمتهم، فضلاً عن إخلاء سبيل المرافقين له أو بدء التحقيق معهما لتحديد موقفهما.
ورداً على سؤال عما إذا كان المعزول يشاهد التليفزيون ورد فعله على مظاهرات «تفويض الجيش»، أشار فايق إلى أنه لم يتم التأكد من مشاهدة المعزول للفضائيات من عدمه، لكنه قال إن من الواضح من خلال أسئلة واستفسارات «الطهطاوي» أنهم يعيشون بمعزل عن العالم الخارجي.
وعلمت «المصري اليوم» أن عددًا من الحقوقيين، منهم حافظ أبوسعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ونجاد البرعي، رئيس المجموعة المتحدة، ومحمد زارع، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، وأحمد عبد الحفيظ، المحامي والناشط الحقوقي، تقدموا بطلب إلى المستشار هشام بركات، لزيارة الرئيس المعزول محمد مرسي في مقر احتجازه للوقوف على إجراءات احتجازه ومدى ملاءمتها للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وقال محمد زارع، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، لـ«المصري اليوم»، إن الوفد الحقوقي تقدم بطلب إلى مكتب النائب العام تحت بند «طلب مستعجل»، فور ورود المعلومات بخصوص بدء التحقيق مع الرئيس المعزول في قضيتي «الهروب من سجن وادي النطرون» و«التخابر مع حركة حماس الفلسطينية»، مشيراً إلى أن من المنتظر أن يرد مكتب النائب العام خلال الساعات المقبلة.
وأشار «زارع» إلى أنه بمجرد زيارة المعزول سيقوم الوفد بإعداد تقرير شامل عن حالته الصحية والمعاملة التي يتلقاها ومدى توافر الشروط الحقوقية لاحتجازه، وإعلان تلك التقارير للرأي العام المحلي والدولي.
يذكر أن المستشار حسن سمير، قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، قرر حبس محمد مرسي، الرئيس المعزول، لمدة 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات التي يجريها معه، بعد أن قام باستجوابه ومواجهته بالأدلة وتوجيه الاتهامات إليه في الجرائم التي ارتكبها وآخرون.