اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، السبت، أن المسيرات الحاشدة التي شهدتها مصر، الجمعة، تؤكد أن الآمال تتلاشى لأي نوع من التوافق السياسي بين الجيش وجماعة الإخوان المسلمين اللذين سعيا لاستعراض قوتهما بهذه المسيرات.
وتحدثت الصحيفة عن خروج الحشود إلى مختلف ميادين مصر لتلبية دعوة وزير الدفاع، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، لتفويضه لمحاربة الإرهاب، معتبرة الأمر بمثابة «ضربة أخرى» للإخوان، الجماعة الإسلامية الأبرز في العالم الإسلامي، التي كانت حتى وقت قريب القوة السياسية الأهم في الحكم.
أما صحيفة كريستيان ساينس مونيتور، الأمريكية، فاعتبرت أن «مشهد ميادين مصر، في مظاهرات الجمعة، حمل تعريفات مختلفة للديمقراطية، موضحة أن أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، يقولون إن «الانقلاب حرمهم من أصواتهم التي أدلوا بها لمرسي في انتخابات الرئاسة، في حين يرى معارضو المعزول أن الديمقراطية أكبر من مجرد تأييد الأغلبية».
وأوضحت الصحيفة أن «الاحتجاجات في الشوارع تمثل معركة مبارزة على كيفية تعريف الشرعية الديمقراطية في مصر الجديدة، فالبعض يصر على أن القاعدة الأساسية للديمقراطية أو السلطة تأتي من قبل الشعب والشارع، لكن البعض الآخر يرى أن مثل هذه الاحتجاجات هو ما أطاح بصناديق الاقتراع».
وأشارت الصحيفة إلى أن «مرسي لم يكن مثالًا ساطعًا على القيادة الديمقراطية، كما أنه ساعد على انقسام المشهد المتوتر في بلد خرج لتوه من عقود من الاستبداد».
ونقلت الصحيفة عن القيادي الإخواني، محمد البلتاجي، قوله إن «الديمقراطية بُنيت في جميع أنحاء العالم على عدة قواعد، لكن ليس منها أن من يحظى بمظاهرات حاشدة في الشوارع يحصل على السلطة»، مضيفاً: «نحن مضطرون للبقاء في الشارع للتعبير عن رفضنا لما حدث، ولتوضيح أن 30 يونيو لم تكن ثورة حقيقية».
وفي تقرير آخر، قالت الصحيفة إن حزب «النور» السلفي يلعب لعبة «محفوفة بالمخاطر»، حيث إنه أيد في البداية الإطاحة بمرسي، موضحة أنه كان كمن يمثل «مسرحية جريئة»، حيث إنه تخيل أنه سيحظى بدور سياسي كبير في المرحلة الانتقالية، لكنه خاطر برد الفعل العنيف من قبل أنصاره، وهو الأمر الذي أصبح حقيقة واقعة في الوقت الحالي.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الحزب، نادر بكار، قوله، إنه «في إطار الاستعداد لاحتجاجات 30 يونيو، حاول قادة الحزب إقناع مرسي بإيجاد حل وسط وتقديم تنازلات»، مضيفاً: «لقد نصحناه بعدم جمع أعدائه في جبهة واحدة، وألا يعطيهم المبرر والفرصة لكرهه، وأن يبذلوا قصارى جهدهم لإسقاطه».
وأوضح أن «حزب النور حثّ مرسي، قبل أسبوع من 30 يونيو، على تعيين حكومة جديدة وإقالة النائب العام، لكنه رفض، ولأننا كنا على بينة بخطط الجيش، قررنا اختيار أهون الشرين، فقد أدركنا في وقت مبكر للغاية أن القطار قد تحرك بالفعل».
وأشار «بكار» إلى أن «قادة الحزب كانوا مجتمعين مع أعضاء الحكومة المؤقتة حين ألقى السيسي خطابه الأخير، الذي طلب خلاله من المصريين النزول للشوارع لتفويضه لمواجهة العنف والإرهاب، وفوجئنا جميعاً بكلامه، فالجيش يكسر كل كلامه معنا، ونحن محبطون ونشعر بخيبة أمل».
وفي مقابلة أخرى، مع مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، اعتبر «بكار» أن «إمكانية تفادي المزيد من إراقة الدماء في مصر مسألة صعبة للغاية، ونتفهم أنه لا يمكن أن تقف قوات الجيش دون أي رد فعل إذا تمت مهاجمته، ولكن نحن لا نريد رد فعل مفرطًا، فيجب أن تتحلى القوات بضبط النفس اللازم أمام المدنيين، وكذلك بالنسبة للمدنيين الذين يرغبون في النضال ضد الجيش، فنحن نحاول إقناعهم بأن هذا لن يؤدي إلى أي شيء سوى مزيد من الدم».
ونقلت المجلة عن القيادي الإخواني البارز، عمرو دراج، قوله إن «حزب النور ساذج للغاية، وليس لديه الكثير من الخبرة للعب السياسة»، مضيفاً أنه «من الناحية السياسية، فهم معارضونا الرئيسيون، ولذا يتصورون أن هذا هو الوقت المناسب لتنحيتنا جانباً أو لإضعاف موقفنا أو التخلص منا، حتى يتمكنوا من تحمّل المسؤولية كحزب رئيسي في الحياة السياسية المصرية».