أكد الشيخ «مظهر شاهين»، خطيب وإمام مسجد عمر مكرم، رفضه إرسال الإخوان نساءهم إلى الاعتصامات وتركهن فى الخيام، مشيراً إلى أن تلك الممارسات لا تعنى الرجولة، وقال إن ما تفعله قيادات الإخوان هو متاجرة بنسائهم بإرسالهن إلى منشآت عسكرية وهم يعلمون جيداً ما يمكن أن يحدث لهن كما حدث من قبل فى أحداث الحرس الجمهورى بعد الاعتداء على المنشأة العسكرية.
وأشار إلى أن هذا هو ما يأمر به مرشدهم، وهو المتاجرة بالأطفال والنساء حتى يظهروا للعالم أجمع أنهم «مظاليم» هذا العهد.. وإلى نص الحوار:
■ كيف يمكن إعادة ثقة الشعب المصرى فى رجل الدين بعد النفور الذى حدث إثر خلط الدين بالسياسة؟
- العام الذى حكم فيه الإخوان المسلمون مصر أضرّ فى بعض المسائل، وأفاد فى أمور أخرى، فلقد أضر بنظرة الناس إلى الدعوة والمساجد والدعاة، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن بعض مدعى الدعوة الذين استخدمهم الإخوان المسلمون لترويج أفكارهم وتثبيت ملكهم على حساب الدين كانوا يعملون طوال الوقت على تكفير الخصوم وإصدار فتاوى معلبة تخدم السلطان وتخدم مؤسسة الرئاسة على حساب صحيح الإسلام والمنهج الوسطى الأزهرى الذى عرفته مصر وعاشت عليه قروناً طويلة، وهو أيضاً ما لا يتماشى مع صحيح الدين لأن الإسلام دين يسر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول إن الدين يسر، وكل هذا أضر بالدعوة عموماً، لكن من زاوية أخرى تسبب فى إفادة كبيرة عندما جعل الناس يعودون مرة أخرى ويتمسكون بشدة بالأزهر الشريف كمرجعية، وبدوره وبأبنائه كمؤسسة وسطية، خصوصاً أن الفتاوى التى صدرت عنه فى مرحلة ما قبل 30 يونيو حتى الآن عبرت عن صحيح الدين، ولم تنحز لأى طرف على حساب آخر، ورؤية الناس هؤلاء الأدعياء والإخوان المسلمين وهم يهاجمون مشيخة الأزهر الشريف ويحاولون تقزيم وتقليص دوره والسطو على هذه المؤسسة وعلى منهج الازهر كانت حالة من التمسك ومؤازرة هذه المؤسسة فى مواجهة هذا المد الذى أراه مداً تكفيرياً إرهابياً لا علاقة له بصحيح الدين.
■ هل يعنى ذلك أنك ضد منع المساجد من الحديث فى السياسة تماماً؟
- رسالة الأنبياء عموماً كانت الإصلاح، وسيدنا شعيب أحد الأنبياء يقول الله عنه فى القرآن: «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت»، وليس بمعقول أبداً أن يكون الإيمان بمنأى عن الواقع، بمعنى أنه لا يمكن أن أكون إمام مسجد فى التحرير وهناك مظاهرات وأمامى مصابون وجرحى وأهالى شهداء فأصعد المنبر وأتحدث عن حقوق الزوجة أو أتكلم فى فضل الوضوء أو فى فضل ليلة القدر.
■ كيف تستطيع وزارة الأوقاف منع غير العاملين المقيدين لديها من العمل فى المساجد؟
- وزارة الأوقاف منوط بها الإشراف على المساجد والزوايا التابعة لها، والوزارة فى الفترة الأخيرة كانت تستغنى عن بعض المساجد لبعض الأحزاب أو بعض تيارات سياسية معينة، ولا أعرف هل هذا من باب المجاملة أم من باب صفقات معينة، بمعنى أن تأخذ مسجدا مقابل أن آخذ مسجدا آخر وهذا شىء مرفوض تماماً.
■ هل تعنى أن هناك مساجد لا تتبع وزارة الأوقاف؟
- بالطبع لا، فهناك بعض المساجد المضمومة، وهى التى يعين لها إمام وعمال من قبل الأوقاف ويحصلون على رواتبهم منها، وهى تقوم بالإشراف على المبنى وعلى ملحقاته إلى آخره، إنما هناك مساجد أخرى تنشأ بالجهود الذاتية، وليس لها إمام معين لأنه فى هذه الحالة سيكون مطلوب تعيين 100 ألف شخص جديد، وهناك مساجد أخرى تكون تحت إشراف الأهالى من حيث المبنى والإشراف والصيانة، وتقوم الأوقاف بإرسال إمام لخطبة الجمعة فقط، وبالتالى فالسيطرة على هذا المسجد ليست كاملة، فالأوقاف مسؤولة عن خطبة الجمعة فقط، وبقية الأيام يكون فيها دروس خارج سيطرتها لأن المبنى كمؤسسة لا يكون تابعا للأوقاف.
■ لماذا لا تخضع كل المساجد لإشراف الأوقاف؟
- هناك قرار جمهورى سابق بهذا المعنى، لكننا نحتاج حالياً إلى قرار جمهورى بهذا المعنى، ودعم القرار القديم، وهو أن تقوم الدولة بتوفير الدعم المادى الكافى لضم هذه المساجد وتوفير التكلفة اللازمة لتعيين أئمة وعمال لهذه المساجد.
■ وكيف يتم علاج هذه المسألة؟
- هذه المسألة تحتاج إلى مرحلتين، الأولى هى السيطرة على كل المساجد فى مصر سواء كانت مساجد كبيرة أو زوايا صغيرة، وتوفير الأموال اللازمة لذلك، وتعيين أئمة وعمال جدد، وهذا يتطلب من الدولة أن تقوم بتوفير الإمكانيات اللازمة لهذا الأمر حتى يتم ضم كل هذه المساجد وتكون تحت الإشراف المباشر للوزارة، ومن ينتم لأى تيار سياسى ويرد ممارسة الدعوة فعليه أن يعود للأزهر الشريف للحصول على تصريح بعد إجراء المقابلة الشخصية، أو تقديم أبحاث معينة وما إلى ذلك ليمارس عمله الشخصى، وفى رأيى أن الدعوة منهج، ومن وافق منهج الأزهر الشريف حتى وإن لم يكن أزهرياً فأهلاً وسهلاً به، وهذا يحكمه نص فى الدستور بأن الأزهر الشريف هو الجهة الوحيدة المنوط بها الإشراف على الدعوة الإسلامية فى مصر من خلال كل الوسائل المقروءة والمرئية والمسموعة، وهو المنوط به أيضاً إصدار الفتاوى، ولا يجوز لأى جهة أخرى إصدار فتاوى دينية أو نشر أى محتوى دينى إلا بعد الرجوع للأزهر الشريف.
■ وهل سيدرأ ذلك ما أثاره الدعاة غير الأزهريين من فتن؟
- نعم، فهذا الإجراء سيحكم الموضوع من بدايته، ففى حالة ضم المساجد فقط سيتبقى لدينا القنوات الخاصة، والقناة الواحدة منها بـ100 ألف جامع لأنها تدخل كل بيت، فالمسجد الواحد قد يصلى به ألف شخص، بينما القناة يشاهدها 10 ملايين، وبالتالى فالسيطرة على المساجد وترك القنوات سيفتح الباب للفتن أيضاً.
■ برأيك ما الأخطأء التى وقع فيها مرسى وجماعته؟
- لم يكن فى ذهنهم سوى التملك، بل عملوا على التميكن من أجل مصالحهم الشخصية دون النظر لأهداف ومطالب الثورة، ولكن الشعب المصرى انتفض مرة أخرى، واسترد ثورته من الإخوان ورئيسهم المعزول.
ولقد كذبوا على الشعب باسم المشروع الإسلامى، وأعطوا وعوداً كثيرة وكذبوا فيها، ولم نر أى خطوة أو قرار بشأن تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر، وهذا كله من أجل مكائدهم ومصالحهم، وهم ليس لهم أى علاقة بالإسلام أو المشروع الإسلامى، فالإسلام ليس به أى نظام حكم، وما تردد فى الفترة الأخيرة أوهام يسمونها المشروع الإسلامى وهم كاذبون.
■ ما رأيك فى دعوات المصالحة مع الجماعة دون محاسبة؟
- المرحلة المقبلة تتطلب المصالحة الوطنية، ولكن ليس مع من حرض وقتل وسرق، فلابد أن تتم محاكمتهم قبل المصالحة، فلا تصالح على دم، والنظام السابق كان برنامجه الهدم والتقسيم ونشر الفتنة وإحداث الانقسامات وليس مشروعا إسلاميا كما زعموا، فقد كانوا يدعون ذلك لأنه نظام قائم على الفتنة ونشرها فقط بين المصريين.
فالملايين التى خرجت فى تظاهرات 30 يونيو كان لديها إيمان كبير بالنصر واقتلاع الفساد من جذوره، لأن عناصر الهزيمة كانت متوفرة لدى النظام الحاكم ورئيسه المعزول الذى فقد شرعيته، بعد أن تعدى ظلمه وظلم جماعته كل شىء، فلم يكن سعيهم نحو تحقيق مطالب الشعب بل السعى نحو تحقيق مصالح جماعتهم.
وأنا لا أعلم أى إسلام وشريعة يتحدث عنها الإخوان وحلفاؤهم؟ إنما هى شريعة الاعتداء والتحريض والقتل، وأن يقف رئيس الجمهورية ويدعو على شعبه بالهلاك فى استاد القاهرة، والنظام المعزول أعطى غطاء سياسيا للعنف، وها هى نتائجه الآن، وما نعيشه نتيجة أفعالهم والأقوال التحريضية التى كان يتبناها نظام مرسى وجماعته.
■ برأيك هل ستستخدم ورقة الدين فى الانتخابات المقبلة؟
- مصر فى مرحلة فارقة، والاختيار هو أن تكون دولة إسلامية وسطية أزهرية قانونية دستورية، أو تكون دولة الفوضى التى يسيطر عليها الإرهابيون وأصحاب الفكر المتطرف، فتظاهرات 30 يونيو ثورة شعبية باركها الجيش والشرطة والقضاء وكل مؤسسات الدولة، وكان ذلك كله من أجل مصر وشعبها المظلوم، وأحذر من أى شخص يعتلى منبر جامع ويدعو لمرشح بعينه أو يقول انتخبونى لأنى لدىّ الشريعة، وأثق فى أن الشعب لن ينتخب إلا على أساس الكفاءة والقدرة والخبرة والأمانة، ولن يعود تجار الدين إلى المشهد السياسى مرة أخرى.