نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية اليوم الخميس وللمرة الأولى خريطة حدود الدولة الفلسطينية، كما اقترحها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق «ايهود أولمرت» على الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» وتبين أن الدولة ستقام في مساحة تعادل مساحة الضفة الغربية كلها تقريبا لكن من دون القدس الشرقية.
وقضى اقتراح «أولمرت» تبادل أراض بحيث تضم إسرائيل إليها 6.3 % من مساحة الضفة، المقامة فيها الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل مقابل حصول الفلسطينيين على أراضي داخل إسرائيل تعادل مساحتها 5.8 % من مساحة الضفة و 327.1 كيلومتراً مربعاً، إضافة إلى الممر الآمن بين الضفة وقطاع غزة، وأن تبقى الأراضي التي يمر بها تحت سيطرة إسرائيل لكن لا يكون فيها وجود إسرائيلي.
ويسكن في الكتل الاستيطانية التي اعتزمت إسرائيل ضمها 75 % من المستوطنين، فيما تحدث اقتراح «أولمرت» عن إخلاء المستوطنات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية، والتي يسكنها 25 % من المستوطنين.
واقترح «أولمرت» ضم أراض واقعة في جنوب إسرائيل إلى قطاع غزة، وأخرى في منطقة سهل «بيسان» في شمال غور الأردن وفي منطقة جبال القدس، إلى الضفة.
واستعرض «أولمرت» خريطة الحدود الدائمة بين إسرائيل وفلسطين خلال اجتماع عقداه في شهر سبتمبر من العام 2008، وأشرف على إعدادها العميد في الاحتياط «داني تيرزا» الذي كان المخطط الرئيسي للجدار العازل، والذي يشكل وفقا للخريطة الخط الحدودي في الضفة.
وبحسب «هآرتس» فإن تنفيذ الاقتراح كان من شأنه أن يشمل إخلاء عشرات آلاف المستوطنين من مستوطنات تشكل رمزا للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي مثل «ألون موريه» و«بيت إيل» و«عوفرا» و«كريات أربع» والبؤرة الاستيطانية في قلب مدينة الخليل.
وتوصل «أولمرت» إلى تفاهم شفهي مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق «جورج بوش» بأن تحصل إسرائيل بموجبه على مساعدات أمريكية لتمويل مشاريع تطوير منطقتي النقب والجليل لاستيعاب مستوطنين فيها بعد إخلائهم من المستوطنات، فيما سيتم نقل مستوطنين آخرين إلى الكتل الاستيطانية.
وعقب مكتب «أولمرت» على تقرير «هآرتس» بالقول إن رئيس الوزراء السابق استعرض في 16 سبتمبر 2008 أمام رئيس السلطة الفلسطينية «أبو مازن» خريطة تم إعدادها استنادا إلى عشرات المحادثات التي أجراها الاثنان في إطار المفاوضات المكثفة التي جرت بعد مؤتمر «أنابوليس» وكان الهدف من الخريطة حل قضية الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية.
وأضاف مكتب «أولمرت» أن تمرير الخريطة إلى أيدي «أبو مازن» كان مشروطا بالتوقيع على اتفاق شامل ونهائي مع الفلسطينيين وذلك من أجل ألا تستخدم كنقطة بداية في مفاوضات مستقبلية قد يطلب الفلسطينيون إجراؤها، وفي نهاية المطاف وبعد عدم إبداء «أبو مازن» موافقة على التوقيع على اتفاق نهائي وكامل لم يتم تمرير الخريطة إليه.
وتابع مكتب «أولمرت» أنه بطبيعة الحال ولاعتبارات تنطوي على مسؤولية قومية لن نتمكن من التطرق إلى مضمون وتفاصيل الاقتراح، ورغم ذلك نشدد على في التفاصيل الواردة في تقرير «هآرتس» يوجد كم غير قليل من عدم الدقة، ولا تتناسب مع الخريطة التي تم عرضها في نهاية المطاف.
ويقترح «أولمرت »اليوم أن تشكل خريطته أساسا لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين وقال خلال محادثاته مع رئيس الوزراء الحالي «بنيامين نتنياهو» وسياسيين أجانب إن على المجتمع الدولي مطالبة «عباس» برد رسمي على الاقتراح الذي قدم له والتقدم في المحادثات، لكن رئيس الوزراء السابق لم يعرض الخريطة على خلفه.
وانتقد« شاؤل أريئيلي» من مجلس السلام والأمن، الذي بلور خريطة التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين في إطار مبادرة جنيف اقتراح «أولمرت» وفقا لما نشرته هآرتس.
وأوضح «أريئيلي» أن إمكانية تبادل الأراضي في الجانب الإسرائيلي محدود ولا يتعدى من الناحية الفعلية أكثر من 3% إلى 4% من مساحة الضفة.
وأشار «أريئيلي» إلى أن الاقتراح يدل على أن «أولمرت» و«تسيبي ليفني» وزيرة الخارجية السابقة لم يستوعبوا الأساس الدولي الشرعي لرسم الحدود وحيز الموافقة المحتمل، وهو حدود العام 1967 كأساس، وتبادل أراض بحجم لا يتعدى 4% وبنسبة واحد إلى واحد من الأراضي.
وكان مسؤول المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية «صائب عريقات» قد كشف في مارس الماضي أن العرض الذي قدمه «أولمرت» كان شفويا وغير مكتوب، وأن عباس "قدم مجموعة من الأسئلة لـ«أولمرت» أهمها هل أنت مستعد أن تقدم هذه القضايا مكتوبة مع خرائط؟"
وقال "لا زال الرئيس عباس ينتظر الرد من أولمرت حتى الآن"، مشددا "أننا نحن من ينتظر الرد وليس أولمرت."
وقال إن الخريطة التي عرضها «أولمرت» تنص على اقتطاع حوالي 6% من أراضي الضفة الغربية مقابل منح إسرائيل حوالي 5% من أراضي إسرائيل، وأن تكون السيادة على القدس القديمة مشتركة بين الطرفين.
وأوضح عريقات أن هذه التعديلات المقترحة من أراضي إسرائيل تقع على حدود الضفة الغربية في الجنوب والشمال والوسط، دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل. لكنه أشار إلى أن النسبة التي تمثل الفرق بين ما هو مقتطع وما هو مطروح من الأراضي الإسرائيلية هو الممر الآمن بين الضفة الغربية في بلدة ترقوميا قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية ومعبر إيريز في قطاع غزة.