تحدث المؤلف محمد رفعت عن الحرب الشرسة التى تواجهها صناعة السينما من قبل صناعة الدراما، وقال: منذ سنوات تتحدى الدراما التليفزيونية السينما، وحجم الاستثمارات فى الأولى تفوق على الثانية بشكل كبير هذا العام، كما أن عدد الأعمال أجدر وأفضل، إضافة إلى أنه فى الوقت الذى يعرض فيه 52 مسلسلا فى شهر واحد، فإنه لا يمكن أن يعرض 10 أفلام مثلا فى أسبوع واحد.
أضاف رفعت: عن تجربة شخصية مناخ صناعة المسلسلين اللذين قدمتهما سواء «مجنون ليلى» العام الماضى، أو «كابتن عفت» لا يقل عن مناخ صناعة أى فيلم، من حيث الجهد والدأب والتكلفة وغيرها، ففى الغالب مثلا يتكلف المسلسل 15 مليون جنيه، مثل أى فيلم متوسط التكلفة حاليا، أيضا التطور فى استخدام تقنيات فنية معينة، ولم يحدث مثلا استبدال مكان للتصوير توفيرا للنفقات كما يحدث فى السينما أحيانا، أو تقليل عدد أسابيع التصوير، أيضا الطاقم البشرى وتحديدا عمال الصوت والإضاءة وفنيى الكاميرات الذين عملوا على المسلسلين وأثبتوا كفاءتهم فى الدراما عملوا أيضا فى السينما، وذلك بعد عصر مظلم عاشته الدراما التليفزيونية قبل 4 سنوات، حين كانت القنوات الخليجية تختار على استحياء ما ستعرضه من الأعمال المصرية على شاشاتها، إلا أن ظهور قنوات مثل «الحياة» و«بانوراما دراما» أنقذ صناعة الدراما، وهذا العام كان الأكثر فى تقارب الصناعتين من بعضهما، وتداخل عناصر السينما فى الدراما التى خطفت الأضواء، والتى ستزيد من انحسار السينما بعدما واجهت ضربة عنيفة مع توقف «روتانا» و«ART» عن دفع المال اللازم لتكلفة الأفلام مقدما للمنتجين، وهذا يعكس أى هشاشة وصلت لها صناعة السينما.
الدراما أخذت وهجا تستحقه تماما.. هكذا لخص رفعت انتصار الدراما على السينما وبرر ذلك: لأن المنتجين بها يتحملون مخاطرة فوق ما تحتمل، ووافقوا على الاستعانة بعناصر سينمائية واجتذابها، عكس صناعة السينما التى إشكاليتها تكمن فى اعتياد منتجيها على العمل بفلوس غيرهم وبأسماء محدودة للنجوم، الذين بدورهم لديهم قائمة انتظار طويلة للأفلام المعروضة عليهم ليختاروا منها، أيضا دخول الشباب لعبة الدراما ساهم فى توهجها، والذين سيدخلون أكثر العام المقبل، إضافة إلى التنوع الذى شهدته موضوعات المسلسلات فى رمضان، فهناك التاريخى والسياسى والتشويقى والكوميدى، صحيح بعضها نجح والآخر أخفق، لكن التنوع موجود، ويتبقى تقديم الأكشن، وبالفعل هناك مسلسل متصل- منفصل من هذه النوعية يجرى التحضير له ليعرض العام المقبل، بينما المتأمل لموسم عيد الفطر سيجد 4 أفلام، ثلاثة منها لا ترقى لمستوى الفن، بل هى أفلام هابطة، ولا يغامر رأس المال السينمائى بفكرة التنويع هذه، أو بالبطولة لمن ليسوا نجوم شباك، وكل ما يفعله هو خطف النجم وتسقيعه كذا سنة عشان ما تاخدوش شركة ثانية وهكذا.
وأشار رفعت إلى النظرة الفوقية– كما أسماها- التى كانت تلازم بعض السينمائيين تجاه الدراما التليفزيونية، بينما أصبحت هى المغذى الرئيسى للسينما سواء فى المخرجين أو الكتاب أو الوجوه الجديدة حيث يجلس منتجو السينما لمشاهدة المسلسلات والتقاط أى وجه جديد منها، بعد أن توقف بهم الحال «لا عايزين يطلعوا وجوه جديدة ولا قادرين على النجوم الحاليين وأسعارهم».
ونبه رفعت إلى ضرورة أن يدرس صناع السينما التوهج الذى حدث للدراما للاستفادة منه، مع مراعاة بطلان مقولة «النجوم هم اللى بيشيلوا العمل»، لأن عملين مثل «الجماعة» و«أهل كايرو» لم يقدما بسوبر ستارز لهم سطوتهم فى التسويق، لكنهما حققا نجاحا كبيرا، كما أشار إلى خطورة استغلال الموقف من قبل الفضائيات السينمائية لإنتاج أفلام للعرض المباشر عليها، وهى فى حقيقتها أفلام مقاولات، وهذا هو القضاء الحقيقى على السينما، والحل كما يطرحه رفعت يكمن فى فصل الإنتاج عن التوزيع كما الحال فى الدراما.