دعت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، السبت، الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتخلي عن نهج القيادة من وراء الكواليس والحذر الذي اعتمده حيال العديد من القضايا العالمية الشائكة، مؤكدة أن الوقت قد حان لاتخاذ بعض القرارات الحاسمة والمؤجلة منذ ولايته الرئاسية الأولى.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن أولى هذه القضايا الملحة هى الصين: والتي تعد بمثابة أفضل الفرص وأخطرها في المستقبل على الولايات المتحدة في ظل قيادتها الجديدة المقبلة برئاسة شى جين بينج زعيم حزب الشيوعي الصيني الحالي، لافتة إلى أن بعض القوى العالمية الناشئة كالصين تتجه في بعض الأحيان إلى القومية باعتبارها وسيلة للحفاظ على التماسك الداخلي.
وأضافت أن هذا الاتجاه كان واضحا فى نهج بكين فى التصدى لمشاكل بحر الصين الجنوبي، وكان السبيل الذى تعامل به أوباما في هذا الشأن ذى الشقين: أولهما «إعادة التوازن» للقوة العسكرية نحو آسيا، والآخر والذي تغاضى عنه هو الشق الدبلوماسي والذي يفوق الشق الأول أهمية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالرغم من أنه من المتوقع أن يقوم أوباما بحضور قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا «الآسيان» في كمبوديا الشهر الجاري، إلا أنه من المستبعد أن يتوقف في الصين وذلك جزئيا بسبب انتقال القيادة غير المكتمل هناك.
ورأت الصحيفة أن مثل هذه الزيارة يجب أن تتصدر طليعة أولويات الإدارة الأمريكية خلال العام المقبل، مشيرة إلى أن التحدى الذي سيواجه أوباما سيتمثل في بناء حوار مع بكين يمكنهما من تجنب المواجهات العسكرية التي كثيرا ما تنشأ عند القوى العالمية الصاعدة مثل الصين.
وأردفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تقول إن إيران تمثل القضية الثانية، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تزداد فيه المخاوف من نشوب حرب شاملة في المنطقة إذا ما أقدمت إسرائيل على ضرب المنشآت الإيرانية، إلا إنها ربما تكون هناك فرصة لتحقيق انفراجة دبلوماسية في الملف الإيراني النووي لتجنب التصادم العسكري وتحد من طموحات طهران النووية.
وتوقعت الصحيفة إجراء مفاوضات جديدة بين مجموعة (5+1)،والتي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين إضافة إلى ألمانيا، مع إيران خلال الشهر المقبل، ولكنها رأت أن التفاوض الحقيقي يمكن أن يحدث في الوقت الذي يتم فيه عقد اجتماع ثنائي بين كل من طهران وواشنطن يبدو أن كلا منهما يرغبان في عقده، والذي يجب أن يحدث عاجلا وليس آجلا.
وانتقلت إلى أفغانستان التي تمثل القضية الثالثة، لافتة إلى أنه بالرغم من أن أوباما أشار خلال حملته الانتخابية إلى أن مسألة انسحاب القوات الأمريكية بحلول نهاية عام 2014 هى مجرد مسألة وقت، إلا أنه ربما غفل أن استراتيجية خروج الولايات المتحدة من أفغانستان تقوم أساسا على تولى قوات الأمن الأفغانية المسؤولية الأمنية كاملة بحيث تتمكن بمفردها من تفادى خطر الانزلاق نحو آتون حرب أهلية وهو أمر لايزال مشكوكا فيه حتى الآن.
وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في هذا الصدد إلى التقرير الذى أعده المفتش العام الخاص لأفغانستان، في أكتوبر الماضي، يحذر فيه من أنه ربما تكون الحكومة الأفغانية عاجزة عن الحفاظ على مرافق قوات الأمن الوطنية الافغانية بالكامل بعد الانتقال في عام 2014، في إشارة إلى أن العنصر المفقود في هذه القضية هو أن يترافق التحول السياسي مع انسحاب القوات الأجنبية، وفي حال لم يستطع الرئيس الأمريكى خلق مثل هذه الديناميكية، فإن استراتيجيته للانسحاب من أفغانستان ستشهد انهيارا سريعا.
وأبرزت الصحيفة القضية الرابعة والتى تتمثل فى 3 تحديات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وهي: ملف الأزمة السورية المتفاقمة، وترسيخ الديمقراطية فى مصر، وإنعاش عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
واعتبرت أن هذه التحديات الثلاثة إنما تبين حدود قوة البيت الأبيض، كما هو الحال في فشله في توحيد المعارضة السورية تحت راية واحدة، إلا أن التعافى من الفشل هو «جزء من فن الدبلوماسية في الشرق الأوسط».
وخلصت الصحيفة إلى أنه من أجل أن يتصدى أوباما لهذه التحديات يتعين عليه إجراء بعض المحادثات «الهادئة»، ثم الانغماس في بعض التفكير الاستراتيجي حول التخلى عن نهج «القيادة من وراء الكواليس».