x

ليلة «حرب العصابات» في العريش.. مسلحون يستخدمون أسلحة آلية وصواريخ «سام 7»

الثلاثاء 23-07-2013 11:41 | كتب: أحمد رجب, أحمد أبو دراع |

على بعد ٣٤٤ كيلومترا شمال شرق القاهرة، وفى وسط مدينة العريش، هنا حيث ميدان الساعة (المالح سابقا). يستمر اشتباك مسلح بين قوات جيش وشرطة من جهة، ومسلحين مجهولين من جهة أخرى، لمدة تزيد على ٤ ساعات، ولكن ٣٤٤ كيلومترا مسافة كافية ليضيع فى الطريق بين شمال سيناء والقاهرة صوت رصاصات المعركة، ولا يتبقى منها إلا صور لجندى ومواطن ارتفعت أرواحهما ورفعا حصيلة الضحايا إلى ٢١ شهيدا منذ بداية الأحداث فى ٣٠ يونيو الماضى.

«فى زمن مضى، كانت العريش حامية قلعة ضخمة، وظيفتها حماية حدود مصر الشرقية»، معلومة تاريخية ترسم على شفتى حسام سعيد، طالب الهندسة، ابتسامة ساخرة عندما يعرفها بينما هو مختبئ خلف حائط شبه مهدم بعدما مرت الرصاصات بجوار أذنه أثناء وقوفه على ناصية شارعه الذى يبعد أقل من ٥٠ مترا عن ميدان الساعة. يجلس «حسام» على ركبتيه لأن الحائط الأبيض قصير وأصوات الرصاصات التى تقطع الهواء فوق رأسه مخيفة، يشير تجاه الميدان ويسأل: «هو ليه كل مرة النقاط بتاعة الجيش بتنتظر لمّا تنضرب». يقول مصدر أمنى فى جهة سيادية لـ«المصرى اليوم»: «العمليات الأمنية تبدأ وفق خطة محددة لها مراحل معروفة، انتهينا من مرحلة التصوير والرصد وجمع المعلومات، وهى المرحلة التى بدأت منذ فترة طويلة، والآن نحن على أعتاب مرحلة الهجوم التى لم نعلن عن ساعة الصفر الخاصة بها حتى الآن».

لا تبدأ الحكاية عندما نشر «مجلس شورى المجاهدين» فيديو لمواطنين مصرى وسعودى يعلنان فيه عن عملية تفجيرية داخل الحدود الإسرائيلية فى يونيو ٢٠١٢، ولا عندما أصدرت جماعة «أنصار بيت المقدس» بيانا تعلن فيه مسؤوليتها عن قصف صواريخ على إيلات الإسرائيلية من سيناء فى أغسطس ٢٠١٢، ولم تنته عند إعلان وكيل وزارة الصحة فى شمال سيناء الدكتور طارق خاطر عن ارتفاع عدد الضحايا إلى ١١١ مصابا و٢١ شهيدا من بينهم ٧ مدنيين و١٤ عسكريا منذ بداية الأحداث فى يونيو الماضى.

يقول الأهالى إن كل من مر بالعريش بعد إفطار اليوم الثانى عشر من رمضان بساعتين، سمع إطلاقا للرصاص فى تزامن ملحوظ، هاجم مسلحون كمين الريسة شرق المدينة، ونادى الضباط فى غربها، ونقطة الارتكاز المقابلة للمطار فى الجنوب، وميدان الساعة الذى يضم النيابة العسكرية، وفندق سينا صن الذى تقطنه قيادات شرطية والبنك الأهلى فى الوسط، وقسمى شرطة ثانى وثالث بين الوسط والجنوب. فقط فى الشمال لم يكن هناك سوى صوت موج هادر يرسله إلى طرف المدينة الشمالى البحر المتوسط. انتهت المعركة فى كل الأماكن سريعا، وبقيت معركة ميدان الساعة بعد محاصرة مسلحين فوق سطح بناية «نصّار» مستمرة.

فى هذه الأثناء تدخل سيارة مسرعة تحمل سجادتين فوق شبكة سقف، إلى ميدان الساعة والاشتباكات مستمرة، تطلق قوات الأمن الرصاص فى اتجاهها، فيرتبك السائق ويصطدم بعمود نور، وتحمل سيارات الإسعاف السائق وراكبا بجواره إلى المستشفى فى حالة خطرة. يقول مصدر أمنى بعد انتهاء الاشتباكات: «الفاعلون هربوا، وقمنا بتمشيط المنطقة وكل الشاليهات والشقق فيها، لكننا لم نقبض على أى مشتبه فيه».

يقول أحد أعلام جماعة أهل السنة والجماعة فى الشيخ زويد: «المشهد مربك تماما، لا نعرف من يقوم بالعمليات ولصالح من»، ينفى الشيخ وهو يداعب لحيته الطويلة، يقطع حديثنا زوار يسألونه عن قضايا معلقة أمامه باعتباره قاضيا شرعيا، يبتسم لهم بود، قبل أن يلتفت قائلا: «فى سيناء الإسلاميون كثيرون، وحتى السلفيون الذين يحملون سلاحا لم يرفعوه حسب علمى فى وجه مصرى نهائيا، وآخر العمليات المعلن عنها كانت ضد جنود إسرائيليين داخل الأراضى المحتلة».

من منزل قيادى أهل السنة والجماعة فى الشيخ زويد إلى مبنى مديرية أمن شمال سيناء مسافة طويلة، يقول أحد قيادات الوزارة: «نجمع معلومات ونرصد تحركات، ونعلم جيدا من قيادات الهجمات الإرهابية، لكننا نتحرى الدقة، وقريبا سنسمع أخبارا جيدة إن شاء الله».

من جانبه، يقول اللواء الدكتور عادل سليمان، مدير المركز الدولى للدراسات المستقبلية: «غياب المعلومات واضح، فلا معلومات عن هوية هؤلاء الأشخاص وكيفية تحركهم أو رصد آلية تنفيذهم الهجمات وتحليلها، ولا طريقة اختيارهم أهدافهم للحاق بهم والتقدم عليهم بخطوة»، بينما يرد عليه لواء بجهاز أمنى يعمل فى سيناء: «جميع المعلومات موجودة، ونعلم جيدا المهاجمين، ونسقط منهم مصابين يعالجون فى قطاع غزة».

يوضح رصد العمليات فى سيناء تطورا نوعيا فى استخدام الأسلحة فى العمليات وفى وسائل تنفيذ الهجمات، فبينما هاجم مسلحون يقدر عددهم بحوالى ٥ أشخاص، نقطتى تمركز لقوات جيش برشاشات (M١٦) أمريكية الصنع، من فوق سطح مبنى فى ميدان الساعة أمس، كان هناك هجوم ثان عن طريق راكبى دراجة آلية بنفس الرشاشات على ناد لضباط الشرطة، وهجوم ثالث بسيارة ملاكى، وهجوم رابع بقذائف «أر. بى. جى» وصواريخ «سام ٧» على معسكرين للأمن المركزى والجيش فى رفح. يقول «سليمان»: «ما يجرى فى شمال سيناء عبارة عن (حرب لا تناسقية)، وهى الحرب التى تتم بين مجموعات مسلحة صغيرة تتحرك بسهولة وبساطة، وتمتلك أسلحة متقدمة، مقابل قوات جيش نظامى تتحرك ببطء معداتها الثقيلة، وبكثافة تليق بجيش نظامى، وهو ما أوصلنا لنتيجة أن المجهولين ينفذون أكثر من عملية فى نفس الوقت، وهم أكثر فاعلية حتى الآن».

يقول حسام سعيد، طالب الهندسة، إن عمليات اعتقال تحدث للبعض من المنازل فى العريش، ويقول أحد قيادات وزارة الداخلية فى شمال سيناء: «نجمع التحريات والمعلومات من الجميع، ونمشط كل الشاليهات والشقق داخل المدينة بحثا عن المسلحين، ونتعامل بدقة وحرص خوفا على أرواح الأبرياء، ولا نريد إزعاج المواطنين»، ولكن شقيق السيدة «نيفين» التى أصابتها شظية خلال تبادل إطلاق نار مع مسلحين عند قسم ثانى العريش، مساء أمس الأول، يجلس على رصيف بوابة مستشفى العريش العسكرى ولا يفهم الكثير عن النظريات الأمنية ويتساءل: «من الذى أصاب شقيقتى؟ كلنا ندعم الأجهزة الأمنية للوصول للجناة ومعاقبتهم، ولكن على الأجهزة الأمنية التحرك بدلاً من الوقوف على دباباتهم، وبدلا من أن يسّلى أولادنا وقتهم بالرهان على مكان إطلاق الرصاص المحتمل وعدد الضحايا الذين سيسقطون كل يوم».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية