x

الشيخ علي عبدالرازق يدفع ثمن تصديه لـ«الخلافة الإسلامية»

الأحد 21-07-2013 18:14 | كتب: سوزان عاطف |
تصوير : other

فى عهد الملك فؤاد تجاوزت الضجة التى أحدثها كتاب «الإسلام وأصول الحكم»، لمؤلفه الشيخ على عبدالرازق، حدود مصر للعالم العربى، وتجاوز ما أحدثه الشيخ من تأثير مصر والعالم العربى على المحتل الإنجليزى، الذى كان لديه رغبة فى أن تكون مصر مركزا للخلافة الإسلامية، بعد سقوط الخلافة العثمانية فى تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك، وقد وصف الكاتب الراحل الكبير أحمد بهاء الدين الشيخ على عبدالرازق، فى كتابه «أيام لها تاريخ» بقوله: «هو شيخ شاب كان يعمل، سنة 1925، قاضيا شرعيا لمحكمة المنصورة، لكنه لم يكن ككل من أخرج الأزهر من مشايخ، فهو من أسرة (عبدالرازق)، الغنية العريقة، التى تميزت بين الأسر الغنية بالاهتمام الخاص بالثقافة».

يقول «بهاء الدين» فى سرده لأزمة الخلافة فى مصر إن الدنيا قد خلت من الخلافة الإسلامية، لأول مرة، منذ وفاة النبى، فسعى الإنجليز للتكريس للفكرة، لخدمة تطلعاتهم، والتغرير بالمسلمين، وتعزيز استعمارهم برعايتهم للفكرة، كما أن الملك فؤاد تحمس للفكرة، وبدأت الدعوة تتسع لفكرة الخلافة بين الأذناب وتجار الدين، ولم يجرؤ أحد أن يتكلم ضد الملك، لكن الشيخ الشاب وقف ضد هذا كله، وخرج بكتاب لا يزيد عدد صفحاته عن المائة إلا قليلا، وهو «الإسلام وأصول الحكم»، الذى عكف على البحث كثيرا قبل إصداره، فيما كانت رحى معركة الخلافة تدور على أشدها.

ومن النقاط الجوهرية، التى عرض لها الكتاب معارضا بها فكرة الخلافة أنه تساءل عن سند الخلافة، وقرر أن القرآن والأحاديث لم يرد فيهما أى نص على الخلافة، كنظام للحكم، يجب أن يلتزم به المسلمون، وبقى سند واحد هو الإجماع، أى اتفاق المسلمين على شىء، فقرر أن الخلافة الإسلامية لم توجد بالإجماع أبدا، باستثناء الخلفاء الثلاثة الأولين، أبوبكر وعمر وعثمان، فلم تقم الخلافة الإسلامية أبدا على الاختيار الحر، بل قامت بقوة السيف وعلى أَسِنَّة الرماح. وضرب الكثير من الأمثلة على أن الحكومة كانت تقوم بالقوة، وروى قصة مبايعة «يزيد» لولاية العهد، بعد «معاوية»، حين جلس «معاوية» وبجانبه ابنه «يزيد»، وأجلس حوله كبار رجال الدولة، ثم وقف رجل يمسك سيفه، وقال: «أمير المؤمنين هذا، وأشار إلى (معاوية)، فإن هلك هذا، فهذا، وأشار إلى (يزيد)، فمن أبى، فهذا»، وأشار إلى السيف.

وروى كيف استباح «يزيد» دم «الحسين»، ليستقر فى الخلافة، وكيف سُمِّى أول الخلفاء العباسيين «السفاح»، لكثرة ما كان يسفح من دماء المسلمين، وتحدث «عبدالرازق» عن الرأى القائل إن الخلافة ضرورة لبقاء الدين الإسلامى، فقال: «معاذ الله لا يريد الله جل شأنه لهذا الدين الذى كفل له البقاء أن يجعل عزه وذله مرتبطين بنوع من الحكومة، وإن الخلافة مثلت نكبة على الإسلام، وإن النبى جاء ليبلغ الناس دينا لا نظاما للحكم»، وساق أدلة قرآنية وأحاديث نبوية على هذا، ولم يكد الكتاب يخرج إلى النور حتى هبت فى وجهه الزوابع من جميع الاتجاهات التى كانت تدعو للخلافة، ومن الذين تطلعوا إليها، بل من بعض المشايخ، ومنهم الشيخ محمد خضر حسين، الذى أصدر كتابا يعارض كتاب «عبدالرازق»، وأهدى كتابه للملك، لكن الإهداء لم يكفل للكتاب الخلود، وهاجمت «عبدالرازق» صحيفة الحزب الوطنى «الأخبار» وصحف أخرى، ووقفت جريدة السياسة فى صف «عبدالرازق».

وعقدت جلسة لمحاكمة «عبدالرازق» فى الأزهر، وصدر حكم بتجريد الشيخ من «العالِمية»، (شهادة الأزهر)، لأنه أتى بأمور تخالف الشرع، وأعلن الشيخ أنه هجر ملابس الأزهر، وسيصبح «أفنديا»، ودافع عنه طه حسين وآخرون.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية