عرض التليفزيون المصري فيلمًا وثائقيًا بعنوان «رجل من مصر» مساء الجمعة، عن اللواء الراحل عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية الأسبق ومدير المخابرات العامة الأسبق في الذكرى السنوية الأولى لوفاته.
واعتبرت أحداث الفيلم، الذي بلغت مدته 20 دقيقة، أن «سليمان» وهب عمره وحياته لصالح مصر وشعبها وليس لصالح نظام أو شخص، وأن المظاهرات خرجت تدعوه إلى توليه القيادة وحمل الأمانة، لأنه «القوي الأمين»، وأنه كان رهن إشارة الوطن دون تزايد أو استعلاء وتحمّل الكثير في صمت، حتى لقي ربه في 19 يوليو 2012.
وقال الفيلم، من خلال بثه لمشاهد عن أحداث الحرس الجمهوري ورمسيس وكوبري 6 أكتوبر وسيدي جابر، إن «ما نعيشه اليوم وما يحدث في شوارع مصر وميادينها، يؤكد أن الرجل له نظرة ثاقبة، ويقرأ المستقبل، والذي قال إن المشكلة الأولى التي ستواجه مصر تتمثل في صعود التيار الإسلامي المتطرف الذي سيكون كارثة على الديمقراطية والسلم الأهلي».
ورصد الفيلم قصة حياة «سليمان» منذ مولده في عام 1936، وحتى تخرجه من الكلية الحربية، والتحاقه بالعمل في القوات المسلحة عام 1954، وترقى «سليمان» في المناصب العسكرية حتى رئيس فرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة ثم تولى منصب مدير المخابرات العسكرية، وفي 22 يناير 1993 عين رئيسًا لجهاز المخابرات العامة.
وأشار إلى أن «سليمان» كان مسؤولًا عن جهاز لم يتورط في أعمال تعذيب أو احتكار للسلطة، وكان يجسد تغييرًا لنظرة الشعب المصري إلى مدير مخابراته.
ولفت إلى أنه تولى العديد من الملفات خلال رئاسته للجهاز أبرزها ملف المصالحة الفلسطينية، وتولى مهمة الوساطة حول صفقة الإفراج عن العسكري الإسرائيلي الأسير لدى حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، جلعاد شاليط، والهدنة بين الحركة وإسرائيل، والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وانتقل الفيلم للحديث عن دور «سليمان» أثناء ثورة 25 يناير، وأكد أن الراحل لم يظهر في الأيام الأولى للثورة، وأن الحكومة ومبارك تحدثا عن أن المظاهرات تخضع لأجندات خارجية، وأن الرئيس المخلوع رفض نصيحة «سليمان» بحل مجلس الشعب المزور في أول خطاب له عقب المظاهرات ضده.
وتحدث الفيلم عن إسناد مبارك إلى «سليمان» منصب نائب رئيس الجمهورية في 29 يناير 2011، مضيفًا أن «مبارك زج بـ(سليمان) في لحظات تداعي النظام إلى دور لم يكن يرغبه أو يسعى إليه، وأن الرئيس السابق ناشده قبول المنصب إلى درجة قيامه باستعطافه».
وتابع أن «قبول (سليمان) لمنصب نائب الرئيس كان لقناعات لديه أهمها أنه المسمار الأخير في نعش التوريث»، مضيفًا أنه «على الرغم أن مطلب تعيين اللواء الراحل في منصب نائب الرئيس كان مطلبًا شعبيًا منذ فترة إلا أنه لم يسلم من محاولات الاغتيال أثناء الثورة».
أشار الفيلم إلى أن «سليمان دعا إلى حوار وطني مع الجميع لمناقشة مختلف القضايا في 31 يناير، وأنه نجح في ضم كل القوى الشبابية والثورية إلى الاجتماع»، مستدركًا: «غير أنه لم تفلح الجهود السابقة أو النوايا الطيبة أمام إصرار البعض على استغلال الفرصة التاريخية للاستحواذ على كل شيء ولمصلحة فصيل واحد، وأدرك سليمان أن هناك شيئًا يخطط له للاستيلاء على ثورة الشعب».
ولفت الفيلم إلى إلقاء «سليمان» لخطاب تنحي مبارك، ثم شهادته في محاكمة القرن والتي كشف فيها تورط عناصر من البدو وأعضاء بحركة المقاومة الإسلامية، حماس، في اقتحام السجون في 27 و28 يناير 2011.
كما لفت إلى أن «سليمان» انزوى عن المشهد السياسي تمامًا بعد الثورة، وأنه لم يكن طامعًا في سلطة أو ساعيًا إلى منصب، وأنه كان حريصًا على رفعة الوطن، ولكن الآلاف من المواطنين طالبوه بالترشح للرئاسة وجمعوا له فوق الـ30 ألف توكيل.
وقال إن «ترشح سليمان أدى لرد فعل عنيف من جماعة الإخوان المسلمين، وجرت أكبر عملية تصفية معنوية وسياسية له من جانب الجماعة والتيار الإسلامي، ووصل الأمر إلى تهديده بالقتل الصريح، وقام البرلمان بإصدار قانون للعزل السياسي من أجل منع ترشح سليمان، والرجل لم يخرج يطالب أنصاره بالتصدي لهؤلاء، واحترم رأي اللجنة العليا للانتخابات باستبعاده من الترشح».
واختتم الفيلم بقوله: «عمر سليمان مات، ومصر لا تموت، وقد ترك من ورائه رجالًا هم من تلاميذ وأبناء، وكانوا بالتعاون مع القوات المسلحة إلى جانب الشعب في ثورتي 25 يناير و30 يونيو».