قال الفنان هاني سلامة، إنه أقدم على خوض تجربته الدرامية الأولى «الداعية» وهو في كامل قواه إرادته، في ظل وجود الإخوان في الحكم، مشيرًا إلى أن المسلسل يحتوي منذ بداية حلقاته على مشاهد تهاجم «المرشد» بشكل صريح من خلال جمل مثل «يسقط حكم المرشد» و«لا للإخوان»، معتبرًا أن شخصية «يوسف» التي جسدها في العمل تمثل «شخص متشدد لكنه في الوقت نفسه محترم»، مؤكدًا على أن هذا النوع غير موجود على الساحة الإعلامية من وجهة نظره، ولم يصادفه يومًا لأن «أغلب المتشددين الذين ظهروا على الساحة غالبًا ما تجدهم متطرفين ويكفرون الآخرين وعادة لا يقبلون الاختلاف».
■ كيف كانت ردود الفعل حول المسلسل حتى الآن؟
- أعتقد أن معظم ردود الفعل كانت إيجابية جدًا، والجميل أن الجمهور شعر بالاختلاف سواء على مستوى الشكل أو الموضوع، ولم يتوقع أحد أنني من الممكن أن أقدم دور داعية بينما كانت أكثر ردود الفعل إيجابية بالنسبة لي هو أن العمل الأكثر معاصرة بين الأعمال المعروفة والأكثر اختلافًا.
■ هل كان من الممكن أن يمر مسلسل بهذه الجرأة في عهد «الإخوان»؟
- عندما قررنا طرح هذا الموضوع كنا في كامل إرادتنا وقناعتنا، سواء كان الإخوان موجودين أو غير موجودين، لأننا بدأنا التصوير منذ شهر فبراير الماضي وكانوا وقتها في السلطة، ولكنني لا أنكر أن عرض المسلسل في عدم وجودهم كان في صالحنا ومن حظنا أيضا لأنه لولا ذلك لكنا الآن في «الجبل الأحمر»، خاصة أن المسلسل ومع عرض حلقاته الأولى كان رافضا لحكم محمد مرسي والمرشد، وهناك مشاهد عدة كنا نقول فيها «يسقط حكم المرشد»، وكلها مشاهد تم تصويرها قبل سقوط النظام، وهناك مشاهد أخرى ستكون أكثر جرأة في الحلقات القادمة.
■ وما الذي حمّسك لدخول هذه المنطقة الخطرة في أول أعمالك التليفزيونية؟
- لا أنكر أن قبولي هذا المسلسل كان مغامرة كبرى وكان من السهل أن أختار موضوع «جنب الحيط» مثل باقي الموضوعات، ولكن قبولي للمسلسل كانت له أهداف وطنية، وكنت أرى أن الوطن يمر بمرحلة انهيار وارتباك وكان يجب على الجميع أن يقوم بدوره تجاهه، وكنت أرى أن سلاحي في هذه المرحلة هو فني والرسالة التي سأقدمها من خلال عملي، وقررت في الأساس أن أقدم هذا العمل لوجه الله، حتى لو كان ذلك سيكلفني عمري لأننا كنا نعلم جميعا أن هذا العمل قد يخلف ردود فعل غير محسوبة، سواء على مستوى عائلتي أو العاملين فيه، ووقتها فكرت في أقصى شىء من الممكن أن يفعلوه وهو أن يحبسوني أو يطاردوني أو حتى يغتالوني وقلت إنه لن يحدث شيىء دون إرادة المولى عز وجل، ولكن المهم بالنسبة لي أن أقدم عملا مفيدًا يخدم الناس في هذه المرحلة، وأقسم أنني لم أقصد أي شىء آخر من هذا العمل مهما حدث.
■ وما الذي كنت تريد أن تقاومه بهذا المسلسل؟
- هناك حالة من غسيل المخ استطاعت أن تدمر الكثير من عقول المصريين البسطاء باسم الدين، وأصبح الكل يفتي، وأي شخص يظهر يعتبره البعض ولياً من أولياء الله الصالحين، وكأنه جاء بالإسلام والمشروع الإسلامي، وكأن البلد أصبح كافرا، ولم يعد هناك إسلام وأن المرشد هو النبي الجديد الذي بعث للبشرية، وللأسف الكثير من الشعب أمي وتأثروا بهؤلاء التجار المغرضين وأصبح لدينا ضحايا باسم الدين على مدى 60 عامًا، ومن قبل نظام مبارك وأصبح لدى كثير من الناس حالة من التشتت والخلط في كثير من الأمور.
■ وهل كنت ستوافق على التجربة نفسها لو كنا في زمن آخر؟
- أعتقد أن الظرف الزمني كان له دور كبير في هذا العمل، ويمكن إذا عرض علىّ الموضوع ذاته منذ عامين لكنت ترددت في قبوله ولكن تقديمه في هذا التوقيت كان به توفيق كبير من عند الله، وكل المشاركين في هذا العمل جميعا كانوا يقدمون العمل بقلوبهم، وكانت دعواتي طوال الوقت «يا رب ادينا على قد نيتنا ونفيد هذا الشعب حتى لو كانت مجموعة قليلة منه».
■ ولماذا أظهر المسلسل الدعاة على أنهم متاجرون بالدين وأن هناك «بيزنس» لصناعتهم؟
- هذا حقيقي، فهناك فئة منهم موجودة ينطبق عليها ذلك ولكن لا نستطيع أن نعمم لأن هناك دعاة معروفين ومحترمين يعرضون علمهم لوجه الله ويقولون ما يقتنعون به، ولكنّ هناك فريقا آخر الدين بالنسبة له مجرد بيزنس، وهدفهم تخدير وتدمير العقول لمصالح خاصة ولكن على الناس أن تعي بأننا بلد الأزهر الشريف منبر العلم لكل الدول الإسلامية، ويجب أن نأخذ علمنا والفتاوى من الأزهر فقط، وأنا ضد المقولة التي تقول إن غياب الأزهر كان سببا في ظهور هؤلاء المتاجرين ولكنني أرى أن الحكومات المتتالية كانت سببا في ظهورهم.
■ وكيف قمت بتحضير الشخصية خاصة أنه ليست لديك أى خلفية عنها مسبقا؟
- هذا حقيقي، فشخصية يوسف من الشخصيات التي لم أقدمها من قبل، ولم تكن لدي أي خلفية عنها وكانت بعيدة عني تمامًا وكنت أريد أن أتغلب على ذلك بأن أكون مركزاً في تصديقها، ولكن كانت الصعوبة أنني أقدم شخصا شديد التشدد وفي الوقت نفسه شخص آخر وسطي، وكان من السهل أن أشاهد هذه الشخصيات الموجودة في الواقع وأقدمها ولكنني رفضت لأنني لا أفضل تقليد الشخصيات، كما أن «يوسف» من وجهة نظري هو شخص متشدد ولكنه في الوقت نفسه محترم، وهذا النوع غير موجود على الساحة الإعلامية من وجهة نظرى، فلم أتصادف يوما مع شخص متشدد وفى الوقت نفسه محترم لأن أغلب المتشددين الذين ظهروا على الساحة غالبا ما تجدهم متطرفين ويكفرون الآخرين وعادة لا يقبلون الاختلاف، ولكنني كنت أريد أن أقدمه بشكل مختلف عن كل الموجود، على أن يكون نموذجا صحيا يتاجر ولكن لا يكفر ويختلف مع الآخرين ولكن يحترمهم، كما أن شخصية «يوسف» تلعب على جميع الاتجاهات، فليس هو السلفي ولا هو الإخواني ومن الصعب تصنيفه.
■ وهل لجأت لمساعدة أحد الشيوخ أثناء التحضير؟
- بالتأكيد استعنت بالشيخ ياسر وهو أحد المشايخ الأجلاء وكان يعلمني التجويد والنطق الصحيح للقرآن وقد استفدت منه في كثير من المشاهد.
■ كيف ترى المنافسة بين الأعمال؟
- المنافسة هذا العام أقوى من الأعوام السابقة لأن هناك كثيراً من الأعمال المتميزة ولكن أنا شخصيا لا أهتم بها ولا تشغلني لأن الحكم في النهاية للجمهور وليس لنا، كما أنني أرى أن مسلسل «الداعية» مختلف تماما عن جميع الأعمال المعروضة.