x

«سليم».. شيخ الأزهر الشهير بـ«ابن سينا»: باب بيتي لا يُغلق فى رمضان

الأربعاء 17-07-2013 18:28 | كتب: ميلاد حنا زكي |
تصوير : other

إذا قصدت منزله بمنشية البكرى، ستجده حلقة من حلقات الذكر وكأنك فى الأزهر.

هكذا كان منزل الشيخ عبدالمجيد سليم، شيخ الأزهر فى الخمسينيات، حيث يروى ذكرياته خلال الشهر الكريم فى حوار أجرته معه مجلة المصور فى رمضان 1952. يقول: باب بيتى لا يغلق طيلة رمضان، مفتوح أمام كل المترددين، ولو لم يكونوا من أصدقائى أو معارفى.

تبدأ سهرات رمضان، فى دار شيخ الأزهر، عقب تناول الإفطار، الذى يحرص على أن يكون عائليا، مع كل الأسرة، خاصة أحفاده الثلاثة، كلهم أقل من العاشرة عمرا. كما اشتهرت مكتبته المنزلية، التى يتردد عليها الزائرون فى رمضان، بأنها ثانى مكتبة إسلامية من نوعها فى العالم لكثرة ما تحويه من مخطوطات وكتب نادرة لا يوجد مثيل لها فى مكتبة أخرى، بعد مكتبة الإمام محمد عبده، التى تعد الأولى فى العالم. واعتاد الشيخ عبدالمجيد أن يقرأ لأحفاده، ويفسر لهم ما يناسب عمرهم.

وُلد عبد المجيد فى 13 أكتوبر 1882، فى قرية «ميت شهالة»، التابعة لمدينة الشهداء، منوفية. حفظ القرآن الكريم صبيا، ثم التحق بالأزهر، وكان متوقد الذكاء، شغوفًا بفنون العلم، متطلعا إلى استيعاب جميع المعارف، فلم يكتف بدراسة العلوم المألوفة بالأزهر، فدرس الفلسفة، حتى اشتهر بين زملائه باسم «ابن سينا»، ونال شهادة العالمية من الدرجة الأولى سنة 1908م. ويروى الشيخ عبدالمجيد، فى حوار للمجلة، أنه عندما نزل إلى مصر للالتحاق بالأزهر سكن فى غرفة بحى الجمالية على مقربة من جامع الأزهر، وكان يشاركه فى الغرفة الطالب أحمد حسين، مفتى الأوقاف فيما بعد، وشقيق الدكتور طه حسين. «طه» نفسه احتل الغرفة المجاورة؛ إذ لم يقبل أن يشاركه أحد غرفته.

كان يختار أعلام الأساتذة والمشايخ ليتتلمذ عليهم، فحضر دروس الشيخ محمد عبده، والشيخ حسن الطويل، والشيخ أحمد أبوخطوة، والشيخ على البولاقى. حتى إنه كان يذهب للأخير سيراً على قدميه يوميا فى بولاق، نحو 10 كيلو مترات فى الذهاب والإياب، فلم يكن الترام والباص قد عرفتهما القاهرة، ولم تسمح ظروفه المادية باستئجار «ركوبة»، حمار، الوسيلة الوحيدة المناسبة حينئذ. عُرف عبدالمجيد بسعة الأفق، وجلال الخلق، وعظمة النفس، وقوة النزوع إلى المثل العليا، وكان الشيخ، مع تواضعه، يعتز بكرامته اعتزازًا كبيرًا، وكان يجهر بكلمة الحق ولا يبالى بما يترتب عليها من آثار. وكان لآرائه الدينية صداها فى العالم الإسلامى كافة، وقد ركز مجهوده فى السنوات الأخيرة على التقريب بين المذاهب الإسلامية.

تقلد عبدالمجيد العديد من المناصب، بداية من التدريس بالمعاهد الدينية ثم بمدرسة القضاء الشرعى، ثم عهد إليه بالإشراف على الدراسات العليا فى الأزهر الجامعى، ثم مفتيًا للديار المصرية فى 22 من مايو 1928، وظل يباشر شؤون الإفتاء قرابة عشرين سنة، ومن خلال هذه الفترة الطويلة فى الإفتاء ترك فضيلته لنا ثروة ضخمة من فتاواه الفقهية بلغت أكثر من 15 ألف فتوى. ثم تولى مشيخة الأزهر أول مرة فى 8 أكتوبر سنة 1950م، ثم استقال من منصبه فى 4 سبتمبر 1951، غضبا لكرامة المشيخة بعد خفض ميزانيتها دون علمه، ثم تولى المشيخة ثانية 10 فبراير 1952م، واستقال فى 17 سبتمبر 1952.

وتُوفى صباح الخميس، 7 أكتوبر 1954.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية