أكد المستشار على النمر أن إقامته الدعوى القضائية ضد الرئيس المعزول «محمد مرسى» لم تكن فقط رداً على الاتهامات التى وجهها إليه «مرسى» فى خطابه الشهير قبيل عزله، وإنما لأنه تعمد إهانة القضاء، وأشار «النمر» إلى أن اتهامه بتزوير انتخابات 2005 غير صحيح، مؤكداً أن ما بدر من«مرسى» يشكل أكثر من جريمة، ومنها السخرية من القضاء، والتدخل فى أعماله، وإفشاء أسرار فى قضية مازالت قيد التحقيقات، والسب علانية ما تطلب اتخاذ الإجراءات القانونية ضده.. وإلى نص الحوار:
■ لماذا تقدمت ببلاغ ضد «محمد مرسى» بعد عزله؟
- مرسى شهر بى أمام العالم، وحتى الآن لم تثبت أى اتهامات ضدى، وعقب الانتهاء من خطاب الرئيس تلقيت العديد من الاتصالات من القضاة للتضامن معى وحثّى على مقاضاة رئيس الجمهورية، وعزمت على هذا سواء كان مرسى فى الحكم أم لم يكن، لأن ما قاله أساء لسمعتى، ولا مفر من اللجوء للقانون حتى أحصل على حقى، ولن أصمت عن رد اعتبارى من خلال القضاء.
■ هل تم استدعاؤك من قبل النائب العام السابق المستشار «طلعت عبدالله» عقب الخطاب للتحقيق فى الاتهامات التى وجهها إليك الرئيس المعزول؟
- لم أستدع فى أى وقت للتحقيق، ولم يوجه لى اتهام فى البلاغ المقدم منذ عام 2005 ولو حتى تليفونيًاً، والقانون سيأخذ مجراه فى أى اتهام موجه إلى أو لغيرى.
■ لماذا تم إدراج اسمك فيما سمى القائمة السوداء فى عام 2005 والتى اتهم فيها بعض القضاة بالتزوير لصالح أعضاء الحزب الوطنى؟
-لقد علمت بأمر هذه القائمة، لكننى لم أرها، والسؤال لماذا لم يتم التحقيق فيها؟، والإجابة أن من قام بعمل مثل هذه القوائم هم الذين انكشفت نواياهم وظهر من منا على حق ومن كان على باطل.
■ هل تعتقد أن كونك عضوا فى هيئة المحكمة التى تنظر قضية أرض الطيارين المتهم فيها الفريق شفيق سبب فى الاتهامات التى وجهت إليك؟
- قضية الفريق «أحمد شفيق» والمتهم فيها بالحصول على أراض بجمعية الطيارين، مؤجلة لشهر أكتوبر المقبل، ولم يصدر بشأنها أى أحكام ولن يستطيع أحد التأثير على فيها.
وأنا قاض ورجل قانون، وسألجأ للقانون كى أحصل على حقى بعدما تم التشهير بى أمام العالم كله بتهم تسىء لى كقاضٍ، وأولى الخطوات التى سأتخذها هى تحريك دعوى سب وقذف ضد رئيس الجمهورية المعزول، ولن أترك أى إجراء قانونى إلا وألجأ إليه، وسأفوض نادى القضاة وأعضاء اللجنة القانونية للدفاع عن القضاة وأعضاء النيابة العامة لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية، حتى يحكم القضاء بينى وبين الرئيس.
ولو افترضنا أن رأيى فى قضية جمعية الطيارين هو براءة المتهم، فهناك عضوان آخران يمكنهما مخالفة رأيى لأن الأحكام تصدر بعد المداولة وبأغلبية الأعضاء، وللأسف أثناء خطاب«مرسى» تدخل فى عمل النيابة وأفشى أسرارها فيما قاله عن وجود صفقة لشراء طائرات بها عملية اختلاس، وتدخله فى قضية منظورة أمام القضاء وهى قضية أرض الطيارين، وتناوله لشخصى بصفتى أحد أعضاء الدائرة التى تنظر قضية أرض الطيارين يعد تهديداً أو ترهيباً ومن المعروف أن شفيق كان غريمه، كما أنه ذكر عدد 22 قاضياً ولم يذكر اسما منهم سواى وهذا لمحاولة إرغام الدائرة على التنحى.
■ هل توقعت أن يتحدث «مرسى» عن القضاة أو أن يذكر خصومه ليجعلهم شماعة لتبرير ما وصف بفشله فى الحكم؟
- تعجبت كثيراً، فمصر كانت تنتظر ومعها العالم خطاب الرئيس المخلوع محمد مرسى لما يمثل هذا الخطاب من تأثير على مصر والعالم بأسره، فمصر دولة محورية، وقد سار على ترابها معظم الأنبياء والمرسلين.
وكانت الطامة الكبرى حين خرج الخطاب عن أسلوب رجل الدولة وعلى الخطاب الإسلامى وخلا من توافر أدنى درجات احترام الآخرين، وزاد على ذلك تدخله فى عمل السلطة القضائية وسخريته منها، ولم تسلم منه باقى كوادر الدولة أيضًا، واتخذ سبباً لهذا الخروج فساد النظام السابق، رغم أن مثل هذا الفساد الذى لا تخطئه عين لا يصلح سبباً فى التطاول على السلطة القضائية وعلى باقى كوادر الدولة، كما يجب ألا يكون سبباً فى إنكار حقوق المتهمين بالفساد أو اتخاذه مادة للتنكيل بهم، فعند المحاسبة أمرنا الله بإقامة العدل، فلا تمتد الواقعة لغيرها فى قوله تعالى «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»، وحتى فى الواقعة محل الاتهام أمرنا الله بأن نحكم بالعدل ولا نتبع الهوى.
■ ماذا الذى قدمته فى البلاغ وعلام استندت فى الدعوى القضائية؟
- محمد مرسى سخر وتهكم على أحكام القضاء الصادرة ببراءة بعض المتهمين فى أحداث سميراميس، وقال إن رئيس الوزراء كان أحد الشهود على هذه الوقائع أثناء ذهابه لصلاة الفجر، وللعلم منزل رئيس الوزراء لا يقع بجوار سميراميس ليشاهد ما يحدث أمامه عند نزوله لصلاة الفجر، ومسجد عمر مكرم يقع خلف سميراميس وهذا لا يسمح لمن يصلى فيه أن يرى ما يحدث أمام الفندق، كما أعلم أن شخصية رئيس الوزراء لا تتوافر فيها الجرأة اللازمة للاقتراب من مثل هذه الأحداث لدرجة أن يمر أحد السارقين بجواره وهو يحمل إحدى الخزائن والثانى يحمل جهاز كمبيوتر والثالث يحمل مراوح وهكذا.
أما القول بأن رئيس الوزراء السابق هشام قنديل كان بصحبته حراسه فهذه مصيبة فإن رئيس الوزراء ومعه الحراس وقفوا صامتين أمام السارقين، وللأسف تهكم محمد مرسى على قرار النيابة الصادر بالإفراج عن أطفال الشوارع الذين يقطعون الطريق (الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و17 و20 سنة ليس لها دخل فى قرارات الإفراج؛ لأن مبررات الإفراج تختلف عن أدلة الثبوت.
ولم يترك مرسى الداخلية أيضاً حيث تهكم من أحكام البراءة الصادرة لمساعدى وزير الداخلية وضباط الشرطة، وللأسف صنع عداوة مع كل أجهزة الدولة والتى كانت لها هيبتها ومكانتها لدى المواطن.
■ كيف ترى الإهانة التى وجهها مرسى إلى القضاة؟
- يكفى أن تتشكك المحكمة فى التهم، والتشكك لا يعنى عدم وقوعها بل عدم توافر الأدلة الكافية للإدانة، وهذا هو ما قاله رسول الله حيث قال «ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فأخلوا سبيله، فإن الإمام إن يخطئ فى العفو خير له من أن يخطئ فى العقوبة»، وكان أمير المؤمنين عثمان بن عفان يطلب من السارقين عدم الاعتراف بالتهمة، وهكذا فعل أيضاً الفاروق عمر بن الخطاب.
وتاريخ الإسلام فى تحقيق شرع الله واضح فى ما فعله الفاروق مع الثلاثة شاربى الخمر حيث تركهم ولم يُقم عليهم الحد للخطأ فى الإجراءات، ولهذا كانت عدالة وفهم الفاروق للحكم، وهذه هى رؤية الرئيس المخلوع للأحكام، وطبقا لرؤيته هذه يصبح الفاروق قاضياً فاسداً لأنه ترك شاربى الخمر.
و«مرسى» تعدى على الكثيرين فى خطابه فمثلاً سخر من عدم مطالبة النيابة بضم رئيس الوزراء ووزير الداخلية الأسبقين لمتهمى قضية موقعة الجمل، والنيابة لا شأن لها بهذه القضية سوى عدم قيام النائب العام الحالى بالطعن على حكم البراءة فى الميعاد، ويُسأل عن ذلك الرئيس شخصياً لأنه من عينه، وطبقاً لنفس المعيار السابق للمخلوع يصبح النائب العام فاسدا لعدم تقديم النائب العام أسباب الطعن بالنقض فى الموعد المحدد لذلك وهذا يُعَد تدخلاً فى عمل قاضى التحقيق الذى حدد المتهمين وأحالهم للمحاكمة.
وسخر «مرسى» من المستشار عبدالمجيد محمود وزعم أنه لم يقدم تقريرا لجنة تقصى الحقائق فى قضية مقتل المتظاهرين، ولم يعلم أن تقرير لجنة تقصى الحقائق ليس من بين أدلة الإثبات؛ لأن قانون الإجراءات اشترط ضوابط معينة فى اللجنة التى يُعهد إليها بأمر من الأمور الموضوعية، كما أن هذا العمل هو عمل قانونى بحت فلا يجوز إجراؤه بعيداً عن سلطة النيابة، وأخيراً تقرير لجنة تقصى الحقائق تم تقديمه فى القضية على نحو ما عقب به النائب العام السابق.
■ هل بالفعل أشرت فى بلاغك بعدم أحقية مرسى فى الترشح لانتخابات الرئاسة كونه هاربا من العدالة؟
- من الناحية القانونية «مرسى» أول المتهمين بالتزوير حيث تقدم للترشح لرئاسة الجمهورية بينما هو هارب من السجن، وبدلاً من أن يتهمنى بالتزوير ليرى ماذا فعل حتى يصل لما كان عليه.
■ ما الأخطاء التى أدت بمرسى لما هو عليه الآن؟
-الرجل وعد ولم يصدق فى أمور كثيرة منها تحويل مائتى مليار دولار، وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية، وأن يحكم من خلال فريق رئاسى، وأن يحافظ على الإعلان الدستورى الصادر من المجلس العسكرى، وأن يكون رئيساً لكل المصريين كما وعد بحل خمس مشكلات فى 100 يوم بعد توليه الحكم من خلاف الحنث بكل ما تقدم ولم ينفذ أى وعد من هذه الوعود، ويكفى دليلاً على ذلك أن وزير العدل ونائب الرئيس أقسما يميناً بالله أنهما لا يعلمان شيئا بأمر الإعلان الدستورى، كما أقسم جميع مستشاريه بأنهم لا يعلمون شيئًا عن الإعلان الدستورى، غير أنه حنث باتفاقه مع حزب النور شريكه فى الحكم حيث صرح الدكتور «مخيون» بأن الرئيس أغلق جميع تليفوناته وقطع جميع طرق التواصل وأغلق جميع الأبواب ولم يرد على أى طلب وسعى فى مصر بأخونتها، وليس هذا فحسب حيث كذب نفسه عندما قال قبل ترشحه بأن اليهود أحفاد القردة والخنازير ثم قال بعد نجاحه بأنه لم يقل ذلك.
■ ماذا تقول لمرسى الآن وقد عزل من منصبه؟
-اللى بييجى على القضاة ما بيكسبش واللهم لا شماتة، وليس عندى ما أقوله غير ذلك وليعلم كل ظالم أى منقلب سينقلبه قبل أن يظلم.
■ هل توافق على ما قامت القوات المسلحة من عزل للرئيس نزولاً على رغبة الشعب؟
- لقد أجبت عن السؤال، فالشعب نزل بملايينه ليطلب ما قام به الجيش، وقواتنا المسلحة أكدت أكثر من مرة أن الشعب هو صاحب السلطة والسيادة والشرعية وأنها لن تسمح بأن يمس مصرى واحد بأذى، ومرسى تجاوز كثيراً، وأنا قاض لا يجوز لى أن أتحدث فى السياسة، ولكننى أحيى القوات المسلحة على موقفها تجاه شعب مصر، وجميعنا تضرر من ذاك العام الذى تم فيه التعدى على كل شىء، ومصر كانت على وشك الانهيار اقتصادياً ودولياً وعلى كل الأصعدة.