عندما يلتقي بطل كأس الأمم الأفريقية السابق مع وصيفه، فتلك معركة كروية لا يمكن أن يتنبأ بنتيجتها أي شخص، كما ان المباراة ستأخذ بلاشك طابعاً ثأرياً فهذه المباراة هي الثالثة على التوالي بين المنتخبين الكبيرين في القارة في بطولتين متتاليتين، ولن تنسى أبدا أسود الكاميرون هزيمتيها الأخيرتين والتي تسببت الأخيرة في خسارتها للقب كانت تمنى نفسها بحصده ، وعلى فراعنة مصر توخي الحذر هذه المرة لأن المواجهة ليست مأمونة العواقب .
وعادة ما تكون تلك المواجهات نارية، حيث يسعى كل منتخب لبسط سيطرته على مجريات الأمور في القارة ، فمنتخب مصر حامل اللقب وصاحب رقم قياسي في عدد البطولات الأفريقية يسعى بقوة لاستمرار فرض كلمته، وخاصة مع رغبته الأكيدة في تخطي الأزمة الحادة التي عصفت بآمال الكثيرين في الصعود إلى نهائيات كأس العالم القادمة، ويدرك المنتخب المصري أن أي هزة جديدة قد تمتد آثارها لفترة ليست بالقصيرة، في حين يسعى المنتخب الكاميروني بقوة لحصد لقب جديد يقربه أكثر من منافسه اللدود على لقب زعامة القارة السمراء، لاسيما أن ذكرياته الأخيرة كانت سيئة للغاية على الرغم مما يحمله الفريق من أسماء نجوم لامعة في سماء الكرة العالمية، لذلك فإن أسود الكاميرون ستسعى لكسر زعامة الكرة المصرية على مستوى تلك البطولة الكبرى في أفريقيا.
تقابل المنتخبين المصري والكاميروني 23 مرة مابين منافسات في بطولات كأس الأمم و تصفيات كؤؤوس العالم و دورة ألعاب أفريقية ومباريات ودية ، وفاز خلالها المنتخب المصري 11 مرة وخسر خمس مرات وتسيد التعادل السبع مباريات المتبقية.
بدأت لقاءات المنتخبين بمباراة ودية في 23 فبراير عام 1983 بالكاميرون، وانتهت بفوز الكاميرون (2/0)، قبل أن يتعادل الفريقان بعدها بعدة أيام وتحديداً في 26 فبراير (1/1)، وأحرز هدف مصر وقتها «طاهر أبو زيد»، والطريف أن لقاء ودي ثالث على التوالي شهد فوزاً عريضاً للمنتخب المصري هو الأكبر في لقاءات الفريقين، برباعية نظيفة سجلها «عماد سليمان» هدفين، و«مجدي عبد الغني»، و«حمدي نوح»، في مايو من نفس العام، لتبدأ سلسلة من المعارك الكروية الكبيرة والتي انتهت أغلبها لصالح المنتخب المصري على كل المستويات الرسمية والودية ، إلا أن المنتخب الكاميروني لم يكن يوماً بالخصم السهل أو الحمل الوديع في أياً من لقاءات المنتخبين، وكثيراً ما ارتعدت أوصال البعض من مجرد ذكر اسم أسود الكاميرون في مواجهة مباشرة مع المنتخب المصري الذي كان يثبت دوماً أنه كبير القارة حتى لو ترنح أحياناً .
جاءت أولى اللقاءات الرسمية بين المنتخبين بالدور الأول في بطولة كأس الأمم الأفريقية 1984، والتي أقيمت بـ «كوت ديفوار» وفاز وقتها المنتخب المصري (1/0)، ليحقق فوزه الرسمي الأول على نظيره الكاميروني العنيد، وأحرز الهدف حينها "مارادونا النيل" « طاهر أبو زيد»، إلا أن الطريف كان خسارة مصر في الدور قبل النهائي بينما تأهلت الكاميرون إلى النهائي محققة فوزها الأول بالبطولة في تاريخها لتنطلق بعدها الأسطورة الكاميرونية تحلق في سماء القارة الأفريقية، ولم ينتظر الفريقان كثيراً حيث التقيا في نهائيات كأس الأمم الأفريقية 1986 بمصر ، وهذه المرة تواجها في النهائي الذي انتهى بالتعادل السلبي قبل أن تحصد مصر اللقب الثالث في تاريخها بعد اللجوء إلى ركلات الترجيح .
وبدأت مرحلة جديدة في لقاءات المنتخبين، حيث لم تستمر حالة التوهج المصري على حساب الأسود ، حيث سرعان ما اصطدما في بطولة 1988 بالمغرب في الدور الأول وفى المباراة الأولى للفريقين بالبطولة وتخسر مصر لأول مرة رسمياً أمام الكاميرون (0/1)، وهى الهزيمة التي ساعدت على خروج المنتخب المصري من الدور الأول لتلك البطولة، وتفوز الكاميرون بلقبها الثاني ، ويبدو أن الفريقين قد اختزلا كل النجاح ليتحقق عقب مقابلة كل منهما الآخر في أغلب البطولات التي حصدها الثنائي على المستوى الأفريقي.
استمرت حالة السيطرة الكاميرونية على مواجهات الفريقين، ليفوز مجدداً على المنتخب المصري في الدور الأول لبطولة 1996 (1/2)، وأحرز هدف مصر وقتها «علي ماهر» إلا أن الطريف أن المنتخب المصري مر من تلك المجموعة مصطحباً الفريق الجنوب الأفريقي، وعادت الأسود بخفي حنين، ثم تفوز الكاميرون (0/1) في بطولة 2002 في المرة الوحيدة التي التقى فيها المنتخبين بدور الثمانية، ويعد اللقاء الحالي هو الثاني لهما في التاريخ بدور الثمانية، وفاز المنتخب الكاميروني بتلك البطولة وقتها ، وبعدها تسبب المنتخب الكاميروني بتعادله السلبي في خروج مصر من الدور الأول في بطولة 2004 بتونس ، ثم يتوقف السيل الكاميروني الشديد منذ هذا التاريخ وحتى يومنا هذا .
حيث تسببت مصر في عدم حصول الكاميرون على بطاقة تأهل إلى كأس العالم 2006، والتي كانت قريبة للغاية منها، بعد فوز الفراعنة ذهابا (3/2) والتعادل الايجابي إياباً (1/1) في إطار التصفيات وقتها، قبل أن يسحق المنتخب المصري نظيره الكاميروني في البطولة الماضية بالدور الأول (4/2)، وبعدها أجهز على الأسد في نهائي نفس البطولة بنتيجة (1/0)، ليحصد لقباً غالياً، وتستعيد الكاميرون ذكرياتها الأولى المحبطة .
جاءت أكثر النتائج تكراراً بين الفريقين، كانت الفوز بهدف نظيف ( 1/0 ) ، فاز بها المنتخب المصري 4 مرات، مقابل 3 مرات للكاميرون ، وتفوق مرتين بنتيجة (2/0 و 2/1 )، مقابل مرة واحدة لأسود الكاميرون بنفس النتائج ، ويعد المنتخب المصري هو صاحب أكبر النتائج في مواجهاته مع غريمه بنتائج كبيرة كانت ( 3/2 و 4/2 و 4/0 ) ، فيما جاءت لقاءات التعادل بينهما بفوزين رسميين للمنتخب المصري بركلات الترجيح، بينما لم يتمكن المنتخب الكاميروني من تحقيق ذلك أبداً ( كأس الأمم الأفريقية 1986 : تعادل سلبي وفوز مصري بركلات الترجيح 5/4 ، والألعاب الأفريقية 1987 : تعادل ايجابي 1/1 ، وفوز مصري بركلات الترجيح 4/3 ) .
وعلى الرغم من ظهور منتخب الكاميرون بشكل غير جيد مع بداية البطولة وتعرضه لهزيمة مفاجئة أمام «الجابون» كادت أن تكلفه تعرضه للخروج المبكر، وخاصة بعد تأخره أمام «زامبيا» في اللقاء الثاني، إلا أنه استعاد عافيته سريعاً وقدم مباراة قوية بعد أن عدل النتيجة وفاز بالمباراة، قبل أن يتعادل ويكشر عن أنيابه أمام المنتخب التونسي ، ليصعد بناءاً على لوائح الاتحاد الأفريقي كثان المجموعة الرابعة التي تعتبر من أفضل مجموعات الدور الاول، وأصبح على الأسد الكاميروني أن يبارز منتخب الفراعنة مرة جديدة حاملاً طموحه الكبير في حصد بطولته الخامسة والثأر – كروياً – من المنتخب المصري الذي أذاقه هزائم مريرة في السنوات الماضية .
بينما قدم المنتخب المصري أداءاً مقبولاً إلى درجة كبيرة في الدور الأول للنسخة الحالية للبطولة، بعد أن تجاوز سريعاً حمى البداية محققاً فوزاً غالياً لم يتحقق منذ سنوات طويلة على المنتخب النيجيري، ثم مر بهدوء وبشيئ من المنطق من عقبتي موزمبيق وبنين بنتيجة واحدة (2/0)، محققا أفضل النتائج بين كل الفرق المشاركة وحاصدا أغلب الألقاب الخاصة بهذا الدور ، حيث حصد نقاط مبارياته كاملة (9)، وهو صاحب أقوى خط هجوم ودفاع، كما أنه صاحب أفضل لعب نظيف "بإنذار واحد فقط"، وبالرغم من كل هذه الايجابيات ، فإن الكل يدرك أن إبتداءاً من هذا الدور الحاسم ، فان الأمور تحمل معطيات أخرى بعيداً عن أنه رقمياً الأفضل حتى الآن ، وأن عليه بذل الكثير والكثير من الجهد للمرور من تلك العقبة الكبرى في طريق الحفاظ على لقبه الثالث على التوالي والسابع في تاريخه .
ويمتلك الجيل الحالي للمنتخب المصري المشارك في البطولة 3 لاعبين سجلوا أهدافاً في مرمى الكاميرون، «محمد زيدان» هدفين، «حسني عبد ربه» هدفين، و هدف لـ «أحمد حسن»، ويغيب النجم «محمد أبو تريكة» صاحب أغلى هدف في الكاميرون بنهائي البطولة الماضية .
كان المنتخب المصري، قد حقق الفوز بمبارياته الثلاثة الأولى وحصد 9 نقاط في بطولة عام 2000 بغانا ونيجيريا، وصعد بعدها ليقابل «تونس» في دور الثمانية ويخرج بعد الهزيمة (0/1)،. كما حقق نفس الأمر في بطولة عام 1974 بين جمهوره وإن حصد (6 نقاط) حيث كان الفوز يحتسب بنقطتين ، ولكنه في الدور الثاني تقابل مع «زائير» وخسر بنتيجة (2/3)، وهذه المرة أيضا فاز بمبارياته الثلاثة محققاً رصيداً كاملاً من النقاط ، فهل ينجح في تجاوز هذا الحاجز التاريخي!.