x

حوارات النخبة السياسية: (١٠) د. محمد كمال: أى تعديلات دستورية جديدة يجب أن تتعامل مع المادة ٧٧

الخميس 21-01-2010 14:40 | كتب: محمود مسلم |
تصوير : محمد مسعد

أكد د. محمد كمال، أمين التثقيف والتدريب السياسى بالحزب الوطنى، عضو أمانة السياسات، أن أى تعديلات دستورية جديدة يجب أن تتعامل مع المادة ٧٧ من الدستور، موضحاً أن المناقشات التى جرت حول التعديلات الدستورية عام ٢٠٠٧ شهدت انقساماً واضحاً حول هذه المادة انتهت ببقائها كما هى. وأضاف أن المادة ٧٦ غير مقدسة وواقع انتخابات ٢٠١٠ سيحدد تعديلها أم استمرارها كما هى مشدداً على أن مرشح الرئاسة يجب أن يكون أساسه الحزبى معروفاً.

وأشاد-«كمال»- خلال حواره مع «المصرى اليوم»- بشخصية د. محمد البرادعى، مشيراً إلى أنه إضافة للحياة السياسية المصرية. وأكد أن الهجوم الشخصى على د. البرادعى مرفوض، كما أوضح أن هناك مبالغة شديدة حول موضوع توريث الحكم لجمال مبارك على مدى ٨ سنوات بسبب الإعلام والصحافة، كما أشار إلى أن الرسالة الإعلامية للدولة تتسم بالتشتت وتبعث من مراكز مختلفة دون تنسيق.. وإلى الحوار:

■ كيف ترى انتخابات ٢٠١١؟

- انتخابات ٢٠١١ ستكون هامة جدا، لأنها تأتى فى مرحلة دقيقة داخليا وخارجيا، ويمكن أن تمثل نقلة نوعية نحو المستقبل، وقبل أن «نشخصن» الأمور ونتحدث عن مرشحين يجب أن نستغل هذا الحدث والفترة التى تسبقه فى الحوار حول شكل مصر التى نريدها فى مرحلة ما بعد ٢٠١١، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو دوليا، والوصول لقدر من الإجماع حول هذه الأفكار بدلاً من الجدل حول أسماء المرشحين.

علينا أن نطرح أفكارا حول شكل النظام الحزبى فى مصر، الذى يعانى من ضعف هيكلى واضح، وعلينا أن نجيب عن سؤال: هل نريد حياة سياسية تتمحور حول أفراد، أم حياة حزبية، أم حول الأحزاب كأطر مؤسسية وفكرية، ويرتبط بهذا الأمر شكل النظام الانتخابى.. كلها قضايا موضوعية لا تقل أهمية عن الحديث فى أسماء مرشحين.

■ ولكن كل ذلك مرتبط بقدرة الأسماء المطروحة على التنفيذ؟

- المسألة ليست مرتبطة فقط بمرشحين، وأرى أننا نستهلك وقتا كبيرا فى الدخول إلى «مباراة التنبؤات» حول المرشحين، من المهم أن نخصص جزءا منها للحوار حول شكل مصر فى مرحلة ما بعد ٢٠١١.. ليس فقط بين المرشحين المحتملين، ولكن يجب أن نشارك فيها جميعا وتصبح قضايا للحوار بدلاً من استهلاك الوقت فى لعبة التنبؤات حول المرشحين للرئاسة. جزء من هذه الرؤية يجب أن يرتبط بشكل النظام الرئاسى.

■ حزب الوفد طرح نظاما برلمانيا.. هل الحزب الوطنى لديه رؤية حول هذا الاقتراح؟

- أعتقد أن شكل النظام السياسى يحتاج تطويرا، ولكن ليس بالضرورة أن يكون فى اتجاه نظام برلمانى، كما تطالب بعض الأحزاب.

النظام الحالى فى مصر يطلق عليه نظام «شبه رئاسى»، وهو النظام الذى يجمع بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فى إدارة السلطة التنفيذية وأخذناه عن فرنسا، ولكن هذا النظام تطور كثيرا فى فرنسا خلال السنوات العشر الماضية، وفرنسا تحاول تدريجيا التحول من النظام «شبه الرئاسى» إلى النظام الرئاسى، وأدخلت عدة تعديلات على هذا النظام، منها أنه فى عهد شيراك تم تقليل مدة الرئاسية من ٧ إلى ٥ سنوات، وهى نفس مدة البرلمان.

وفى عهد ساركوزى تم تحديد مدد الرئاسة بعد أن كانت مفتوحة، وهذه أفكار جديرة بالدراسة مادمنا أخذنا بالنظام الفرنسى، يجب أن ننظر كيف تم تطوير هذا النظام وندرس الأفكار المتعلقة بالتطوير، وإن كنت شخصيا أفضل التحول للنظام الرئاسى لكن فى ظل قواعد جديدة يتم من خلالها الفصل التام بين السلطة التنفيذية والتشريعية، وتعطى للبرلمان سلطات أكثر كى يوازن سلطات الرئاسة، مع إعطاء دور أكبر للبرلمان وتحقيق الفصل التام بين السلطتين التنفيدية والتشريعية وقد يأخذ ذلك مرحلة زمنية، وفى الطريق لتحقيق هذا الأمر يجب أن نطور النظام القائم وهو «شبه رئاسى» بحيث يتوافق مع التطوير فى البلد الذى أخذنا منه هذا النظام.

■ البلد الذى أخذنا منه هذا النظام- وهى فرنسا- لم يكن محددا به مدد الرئاسة، ورغم ذلك لم يظل رئيس فى الحكم لأكثر من مدتين، ومع ذلك غيروا النظام وحددوا مدد الرئاسة فى الوقت الذى ما زال يتمسك فيه الحزب الوطنى بعدم تحديد مدة الرئاسة؟

- دعنى أقدم خلفية تاريخية حول هذا الموضوع.

ففى ظل تعديلات الدستور التى جرت كان هناك حوار فى الحزب حول المادة ٧٧، وكان هناك فريق يتمسك بضرورة تحديد فترات الرئاسة، ولكن كان هناك فريق آخر يرى أنه مادامت هناك انتخابات تعددية يترك الأمر للناخب فى تحديد فترات الرئاسة دون قيد على إرادته، وانتصر هذا الفريق.

ومن وجهة نظرى الشخصية، نحن فى حاجة لفتح الحوار حول هذا الموضوع مرة أخرى، وإذا تم فتح باب التعديلات الدستورية مرة أخرى فيجب أن تتعامل أى تعديلات جديدة مع هذه المادة.

■ وهل ذلك سيكون بعد انتخابات ٢٠١١؟

- قيادات الحزب أعلنت أن ذلك لن يكون قبل ٢٠١١، ولكن أى تعديلات دستورية جديدة أو فى المستقبل يجب أن تتعامل مع المادة ٧٧ أو مدد الرئاسة.

■ والمادة ٧٦؟

- المادة ٧٦ غير مقدسة، والدليل على ذلك أنها تغيرت مرتين خلال السنوات الماضية.

■ البعض يقول إن ذلك دليل على فشلكم فى صياغة المادة؟

- لا.. لا، لأن المادة ٧٦ ترتبط بالواقع، وعندما تغير الواقع أدى ذلك إلى تغييرها

ويجب أن نعترف بأن ذلك تم بإرادة الرئيس مبارك، وليس كما أشيع أنه بناء على ضغوط من قوى خارجية، وكانت رغبته أن يحدث تطوير فى طريقة اختيار رئيس الجمهورية من خلال الانتخاب وليس الاستفتاء، وأن تكون انتخابات رئاسة الجمهورية تعددية وتنافسية، لذا تم تعديل هذه المادة أولاً فى ٢٠٠٥، ولكن انتخابات مجلس الشعب فى هذا العام فرضت واقعاً جديداً اختلف مع نص المادة ٧٦، لذا عُدلت المادة مرة أخرى عام ٢٠٠٧ لأن الأحزاب التى وصلت إلى البرلمان لم تنجح بالنسبة التى وضعتها المادة ٧٦ فتم تعديل المادة، فالواقع هو الذى فرض تعديلها، والواقع هو الذى سوف يفرض تعديل هذه المادة أو لا، لأنها ترتبط به إلى حد كبير، خاصة ما يتعلق بالأحزاب السياسية.

والواقع الحالى يتيح لكل حزب له عضو واحد منتخب فى مجلس الشعب أو الشورى أن يتقدم لانتخابات الرئاسة. ووارد أن يزداد عدد هذه الأحزاب أو يقل استنادا إلى انتخابات ٢٠١٠. إذن انتخابات البرلمان هى الواقع الذى سيحدد إذا كانت المادة ٧٦ ستتغير أم لا.

■ إذن انتخابات ٢٠١٠ هى التى ستحدد تعديل المادة ٧٦ أم لا؟

- تعديل المادة ٧٦ مرتبط بالواقع، والواقع هنا هو انتخابات مجلسي الشعب والشورى، والواقع الموجود لا يمثل تحديا كبيرا لدى الأحزاب.

■ الإشكالية لدى المستقلين أن الناس تحلم بأن ترشح نفسها وهذا لن يحدث إلا بتغيير المادة، وكان كلامكم أثناء تعديل المادة ٧٦ أنها ستحقق حلم كل من يريد الترشح للرئاسة، واختزل الحلم الآن فى مجرد تعديل المادة؟

- كل دول العالم تضع ضوابط للترشح لرئاسة الجمهورية وتضع ضوابط للأحزاب تختلف عن الضوابط التى تضعها للمستقلين. هذا الوضع موجود فى أمريكا، مع الفارق، ولابد للمرشح المستقل أن يجمع توقيعات من ٥٠ ولاية، وبعض المرشحين لا يستطيعون جمع ترشيحات من كل الولايات، فيترشح فى الولايات التى جمع منها توقيعات.

أما مرشحا الحزبين الديمقراطى والجمهورى فيصبحان مرشحى الحزبين للرئاسة إذا فازا فى انتخابات الحزبين الداخلية، والهدف من المادة ٧٦ من البداية هو إتاحة سبل أيسر لمرشحى الأحزاب فى الترشح للانتخابات، لأن الأحزاب هى أساس الحياة السياسية فى كل بلاد العالم.

الواقع يقول إن الأحزاب لا تزال ضعيفة، والدليل على ذلك هو نتائج الانتخابات، وبالتالى أحد الحلول هنا هى مسألة كيفية دعم الحياة الحزبية فى مصر وبالنسبة للمسائل التى تتعلق بالنظام الإنتخابى وإعطاء مساحة أكبر للأحزاب مازلت أعتقد أن المرشح لانتخابات الرئاسة هو الذى يجب أن يكون الحزب أساس ترشيحه، لأن الحزب معروف «أوله من آخره»، ومعروف برنامجه الانتخابى وهيكله التنظيمى لذا كانت الشروط أيسر فى الترشيح فيما يتعلق بالأحزاب.

■ هل يمكن أن تعدل المادة ٧٦ من الدستور قبل انتخابات ٢٠١١؟

- نص المادة ليس أبدياً أو مخلداً، ومصر تتغير.. والواقع يتغير.. وهذا الواقع قد يفرض تعديلات أخرى فى المستقبل، ولكن من الواضح أن هذا لن يحدث قبل انتخابات ٢٠١١، وأرى منطقاً فى هذا الأمر لأن النص الحالى لهذه المادة يفرض شروطاً بسيطة على الأحزاب وهو مجرد ضرورة فى أن يكون هناك عضواً واحد منتخب فى مجلس الشعب والشورى.

■ والواقع يقول إن انتخابات الرئاسة ستكون مهددة بعدم التنافسية الجادة أمام مرشح الحزب الوطنى؟

- وجود مرشح قوى ومرشحين أخريين أقل قوى ليجعل الأنتخابات أقل تنافسية والمسائلة التى لا تأخذ فى الإعتبا أن مصر تغيرت كثيرا خلال السنوات الماضية، وليس من السهل التنبؤ بنتائج أى انتخابات حرة ونزيهة، ولدينا جيل ضخم من الشباب سجلوا أسماءهم فى القوائم الانتخابية فى السنوات الماضية ولا نعرف ما هى توجهاتهم الانتخابية.

ولا يوجد حزب من الأحزاب الحالية استطاع أن يجذب هذه الكتلة الانتخابية.. لكنها موجودة ويمكن جذبها للتصويت لأى مرشح، وما يدعم وجهة نظرى هذه أن نسب التصويت فى الانتخابات الماضية- بما فيها انتخابات الرئاسة- كانت ٣٠% فقط، وبالتالى يوجد ٧٠% من الناخبين المسجلين لم يساهموا، وبالتالى هذه دعوة لكافة القوى الحزبية لجذب هؤلاء الناخبين، ونحن لا نعرف إذا صوّت هؤلاء كيف ستكون النتيجة.

ويبقى وجود مرشح قوى ومرشحين أقل قوة ظاهرة موجودة فى عدد كبير من دول العالم، ولا يعنى ذلك أن الانتخابات ستكون أقل تنافسية. والمهم أن تبقى الانتخابات حرة ونزيهة لا يتم فيها استغلال أدوات السلطة لمصلحة مرشح معين سواء وسائل الإعلام أو أجهزة الدولة أو أدواتها. ومن وجهة نظرى أن الانتخابات القادمة يجب أن تتم تحت شكل من أشكال الرقابة، ولكن أفضّل رقابة المجتمع المدنى المصرى عن الرقابة الدولية.

■ كحزب وطنى.. ألا ترى أن ترشيح رجل مثل د. محمد البرادعى للمنافسة أفضل من «المرشحين الكومبارس»؟

- دعنى أكلمك عن الدكتور البرادعى، من وجهة نظرى هو شخصية مصرية محترمة جدا، وشعرنا جميعا بالفخر لفوزه بجائزة نوبل للسلام، والهجوم الشخصى عليه وعلى أى سياسى أمر مرفوض، فالأهم هو مناقشة الأفكار التى يطرحها رغم أن الهجوم الشخصى أصبح سمة للعديد من الكتابات الإعلامية، ورموز الحزب الوطنى ينالهم «من الحب جانب» فى هذا الصدد.

أما بالنسبة لترشيحه أو عدم ترشيحه فالأمر يحكمه عدد من المسائل، وبالنسبة لمدى توافر شروط الترشيح للرئاسة هناك أمران.. أولا الشروط الإجرائية وهذه يحددها القانون والدستور، والثانى الشروط الموضوعية بمعنى الملكات والقدرات والرؤية، وهنا الحكم للناخبين، وما يعجبنى فى مرشح قد يختلف عن الذى يعجبك، ولا يجب أن نصادر على أراء الناس فى هذا الصدد.

وغير واضح حتى الآن إلى أى مدى يريد البرادعى أن يسير فى هذا الطريق، وأعتبر أن وجود البرادعى فى مصر ومشاركته فى العمل العام سيمثلان إضافة للحياة السياسية فى مصر، ومرحباً به فى وطنه.

■ وما رأيك فى ترشيح عمرو موسى؟

- هو يشغل منصباً دولياً، والمنصب يضع عليه ضوابط فى الحديث والحركة السياسية، ولا أعتقد أنه يجوز له الحديث حول هذا الموضوع إلا عندما تنتهى مدته فى المنصب ولكل مقام مقال. وأنا لست متأكدا أيضا هل يريد الترشح أم المشاركة فى الجدل العام حول هذا الأمر.

■ نأتى لمرشح الحزب الوطنى.. من هو مرشح الحزب؟

- مسألة الترشيح هى قرار الرئيس مبارك فى المقام الأول، ليس فقط لأنه رئيس الجمهورية حاليا، ولكن لأنه أيضا رئيس الحزب الوطنى، ومتأكد أن الرئيس سيتخذ قراره فى هذا الشأن فى الوقت المناسب.

ولعلك تتذكر أن هذا ما حدث فى انتخابات ٢٠٠٥ والدستور يتحدث عن بدء إجراءات انتخابات الرئيس الجديد قبل نهاية مدته بـ٦٠ يوما. أما بالنسبة للحزب الوطنى فإن أولوياته الانتخابية الآن لانتخابات مجلس الشورى ثم الشعب.

■ فى حوار سابق لى معك.. قلت إن الذين يتحدثون عن «التوريث» لديهم نوع من الهوس.. ألا زلت متمسكاً برأيك؟

- دعنى أنظر للسؤال من زاوية أخرى، وهى مسألة ترشيح جمال مبارك فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.

فجمال مبارك لم يعلن عن نيته أو رغبته فى الترشح لانتخابات الرئاسة، وجهده الحزبى ليس حملة انتخابية للترشح ولا يوجد فريق فى الحزب لديه توجيهات بالعمل من أجل ترشيح جمال مبارك.

■ وما تفسيرك لأنشطته؟

- أعتقد أن هناك مبالغة كبيرة فى الحديث عن التوريث منذ أكثر من ٨ سنوات، واستهلاك الجهد فى هذا الأمر يحجب الرؤية فى الحديث عن القضايا الملحة التى تهم مستقبل مصر، ويجب أن نعطى أهمية أكبر لهذه القضايا.

جمال مبارك يقوم بنشاط حزبى بحت، وليس له أى أدوار تنفيذية أو رقابية، والقول بأن أمانة السياسات هى التى تحكم مصر «خيال غير علمى»، فمؤسسات الحكم فى مصر معروفة، هى: مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء فى الجانب التنفيذى، والبرلمان فى الجانبين التشريعى والرقابى. وأرى أن تقييم أمانة السياسات يجب أن يستند إلى معيارين أساسيين: أولاً.. هل الأفكار التى تبنتها الأمانة ساهمت فى تطوير السياسات العامة فى مصر أم لا، وثانياً.. هل استطاع الحزب من خلال الأمانة ومن الهياكل الحزبية أن يقدم كوادر حزبية جديدة للعمل العام أم لا.

غداً فى الجزء الثانى

د. محمد كمال

يجيب عن هذا السؤال: هل يتدخل جمال مبارك فى تشكيل الحكومة؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية