x

أسامة الشيخ: التليفزيون المصرى خارج المنافسة.. و«الريادة» مصطلح انتهى

الخميس 25-02-2010 13:27 | كتب: نشوي الحوفي |
تصوير : حافظ دياب

يعلم أنه يجلس فى أحد أهم مكاتب وزارة الإعلام المصرية، فهو وحسب التدرج الوظيفى لتلك الوزارة يشغل منصب الرجل الثانى حاملاً لقب «رئيس الاتحاد»، ولكنه يعلم أيضاً حجم المهمة الثقيلة. يتحدث عن عمالة تتجاوز ٤٩ ألف شخص أغلبهم من غير المتخصصين أو الأكفاء بعد تسربهم لداخل المبنى بالواسطة، ويتحدث أيضا عن ثقافة اختيار قيادات التليفزيون من المذيعين الذين اعتادوا أن يكونوا دوماً أمام الكاميرا، ويكشف عن تفاصيل ما جرى فى مفاوضات الاتحاد مع قناة الجزيرة لعرض مباريات بطولة الأمم الأفريقية فى أنجولا، معلناً أن ما حدث فى تلك البطولة لن يتكرر فى مباريات كأس العالم ٢٠١٠ فى جنوب أفريقيا. هكذا جاء حديث المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون مع «المصرى اليوم».

■ هل قنوات التليفزيون المصرى قادرة على منافسة ٥٠٠ قناة فضائية الآن؟

- المنافسة تنحصر مع ٣٠ قناة تقريباً، أما بقية القنوات فهى فاترينات عرض لا تؤثر علينا. والمنافسة مع القنوات الثلاثين لا تخيفنى، بل تمنحنى الرؤية لمعرفة مكانتى، والواقع يؤكد وجود أطراف أخرى فى الحلبة تمتلك القدرة على الإنفاق والتمويل والتدريب، بينما واقع التليفزيون المصرى مثقل بالمهام والهموم التى تعوقه عن المنافسة، مثل القنوات التعليمية التى نتحمل مسؤوليتها ولا ننافس بها لأنها خدمة اجتماعية كان من المفترض أن تقوم بها وزارة التربية والتعليم. وأقولها بصراحة، نحن الآن خارج المنافسة، لكن علينا الاجتهاد ليكون لنا نصيب من الخريطة الإعلامية العربية، ولا أقول ليكون لنا الريادة لأن هذا المصطلح انتهى، يجوز فى الماضى كان هناك ريادة لأن المتنافسين لم يكونوا يرون بعضهم البعض، فكان لدينا ريادة، لكن لم تكن هناك منافسة.

■ هل غياب الحرية من أسباب خروج التليفزيون من المنافسة؟

- توجد حرية، لكن طريقة تناولنا للأخبار أكثر بطئاً رغم أنها أكثر حرصاً على الموضوعية وتحرى الدقة، فالبطء غير مرتبط بالحرية بل مرتبط بالأمن القومى للبلاد، وهناك هيئات إعلامية ذات سمعة تراعى نفس المعايير مثل الـ«بى. بى. سى» التى تفضل عامل الصدق على عامل السرعة.

■ لكننا فى عصر القنوات التى تعتمد فى عملها على الخبر السريع ذى المصداقية؟

- كلامى ليس معناه أننا لم نتغير، فالمجتمع والتطور التكنولوجى فرضا علينا التغيير، ففى الماضى كانت الأخبار تأتينا عبر جهاز «التيكرز» فنأخذها للرقيب ليجيز إذاعتها أو يرفضها، والآن الأخبار تأتى من كل صوب، وبقيت مشكلة الرقيب الذى اختفى كمسمى وظيفى، لكنه بقى ذاتياً فى نفوس العاملين، كل يطبقه وفق مفاهيمه ومن تلقاء نفسه دون تكليف من أحد.

■ إذا كانت الرقابة فى التليفزيون ذاتية، فلماذا لا نرى قيادات المعارضة على شاشاته كالمرشد العام للإخوان المسلمين أو أيمن نور؟

- المرشد العام للإخوان يرأس جماعة محظورة بحكم القانون، وكتليفزيون دولة ألتزم بالقانون، ولو أعلن القانون أن الإخوان جماعة غير محظورة فسوف يظهرون على شاشتنا، كما أن أيمن نور عليه مشاكل هو وحزبه، ويوم الإفراج عنه نشرنا الخبر على شريط الأخبار، ولم تأت مناسبة لاستضافته حتى اليوم.

■ هل معنى كلامك أن القنوات الفضائية الخاصة المصرية التى تستضيف هذه الشخصيات لا تنفذ القانون؟

-هى خاضعة للقانون، لكن من يملك آليات تنفيذ القانون لم ينفذها، ومصطلح تليفزيون الدولة لا يعنى أنه تليفزيون حكومى، بل يعنى أنه ملك الحكومة والنظام والشعب والأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى والتاريخ المصرى كل هذا اسمه الدولة المصرية.

■ الدولة المصرية تعترف بوجود ٨٨ عضوا من الإخوان فى مجلس الشعب، وأنهم جزء من المجتمع، فلماذا تتجاهل ذلك كتليفزيون دولة؟

- أعضاء مجلس الشعب المنتمون للإخوان يظهرون على شاشاتنا كنواب فى البرلمان المصرى دون الإشارة لهويتهم السياسية، وهذا لأنهم ينتمون لجماعة محظورة من سنوات طويلة قبل حتى مجىء النظام الحالى.

■ وفق كلامك، التليفزيون يمثل ٨٠ مليون مصرى، فى الوقت الذى لا تظهر على شاشاته مذيعة واحدة محجبة؟

- لو سمحت بظهور المذيعة المحجبة، فسأسمح بظهور المذيعة التى ترتدى الصليب، وهذه نقطة تدخلنا فى مشاكل.

■ التليفزيون به أكثر من ٣٩ ألف شخص يعملون فى مختلف التخصصات والمهن، هل يمثلون عبئاً يمنعكم من المنافسة؟

- العدد يصل إلى ٤٩ ألف شخص ويشمل المعينين والذين يعملون من الخارج، وهذا العدد من أكثر المشكلات التى تعوق التطوير وتحد من الارتقاء بمستوى الأداء، ولا يعبر سوى عن الترهل الوظيفى، فهذا العدد تراكم بسبب توارث مفاهيم خاطئة كثقافة القوى العاملة والتزام الدولة بتوظيف الناس والواسطة والمجاملات. وأنا لا أستطيع تقليل هذا العدد أو تسريحه، وأجتهد فى سد الثغرات لكى لا يدخل سوى الشخص الذى يمتلك المهارات التى يحتاجها المكان والذى يصلح للتصدير للخارج بعد ذلك، لكن لا تزال هناك ثغرات يدخل منها من يملك المقدرة.

■ ألا ترى أن القائم على إدارة العملية الإنتاجية الذى يرى تدنى مستوى المذيع والمعد والمخرج ولا يبادر بالارتقاء بهم هو الفاسد؟

- لو القائم على إدارة العملية الإنتاجية مدرك لقواعد العمل الإعلامى سيرفض هذه العناصر الضعيفة، ولو توافرت عناصر مهنية محترفة فلن نكون بحاجة لتوجيهات مستمرة من القيادة، ونحن تسلمنا ميراثاً تلفزيونياً اعتاد اختيار القيادات من أمام الكاميرا، البعض يصلح وكثيرون لا يصلحون، لأن من يجلس أمام الكاميرا لا يرى غير نفسه، وإدارة أى منظومة إعلامية تحتاج لمعرفة الكثير كأبعاد تسويق المنتج الإعلامى وعناصر النجاح اللازمة له وهو أمر غاب لفترات طويلة.

■ لكن اختيار القيادات من بين المذيعين مستمر؟

- رؤساء عدد من القنوات فقط كالأولى والثانية والفضائية بينما النواب من غير المذيعين ويساعدون الرؤساء فى أداء عملهم، وعندما يكون عندى ٢٠٠ مذيعة ونأخذ منهن اثنتين فهذا مقبول.

■ لماذا لا تطبق المعايير المهنية فى الاختيار؟

-لدينا لوائح، لكن لا ينظر لها أحد، ربما هى غير دقيقة، لكنها موجودة، وهناك معايير تحكم عملية اختيار العاملين خاصة للمناصب الكبرى.

■ وما هى المعايير التى تحكم الاختيار: الولاء أم الكفاءة؟

- أحياناً لا تجدين فى مكان شخصا يتمتع بجميع المواصفات، فتختارين الأقرب لما تبحثين عنه، خاصة عندما تسود ثقافة رفض الدخيل من الخارج.

■ لكنك أحد هؤلاء الدخلاء؟

- نعم، نظروا لى على أننى نزلت بـ«الباراشوت» على المبنى لأبيع القنوات المتخصصة وأسرح العاملين فيها، ولكن أنا فى الأساس ابن التليفزيون تعينت فيه كمهندس اتصالات عام ١٩٧٦، وظللت به حتى عام ١٩٨١ حين تمت إعارتى للخارج لمدة ١٧ عاماً ثم عدت لأقدم استقالتى فى نهاية التسعينيات، وعملت كمسؤول عن العديد من القنوات الفضائية الخاصة سواء المصرية أو العربية.

■ الصيف الماضى حدثت احتجاجات هى الأولى من نوعها بين العاملين فى التليفزيون بسبب الاستعانة بعاملين من الخارج للتطوير.. ما تعليقك؟

- للأسف، تحت شعار التطوير حدثت ممارسات خاطئة من قبل البعض هنا فى التليفزيون، فالتطوير ليس عملا عشوائيا بل فعل مستمر ومتواصل، وعندما أعلنوا عن فكرة التطوير اُغتيلت كل قواعد إجادة العمل نتيجة التسرع والرغبة فى إنجاز ما تم الإعلان عنه بأى وسيلة. فتجاهلنا الضبط المالى وحدثت حالة من عدم تقدير بعض الكفاءات وتقرر الاستعانة بعناصر من الخارج مما تسبب فى حدوث احتقان خاصة فى ظل وجود تناقض بين لوائح قديمة جداً لم يجرؤ أحد على تغييرها، وبين ما تم إنفاقه على هذا التطوير.

■ وكيف ترى الخلل فى لوائح أجور العاملين؟

- أراه متناقضا وغير مناسب، فهل يعقل أن يكون أجر المصور ٣٠ جنيهاً فى الحلقة وهو يحصل فى الخارج عند عبوره الطرف الآخر من الشارع الذى يقع فيه التليفزيون على ٥٠٠ جنيه فى الحلقة؟

القيادات فى التليفزيون لم تتعامل بواقعية مع هذا الخلل لأن أحداً لم يجرؤ على تغيير اللوائح ولكنهم تحايلوا عليها بطرق فتحت أبواب الفساد، وقرروا منح العاملين نفس القيمة التى يحصلون عليها فى الخارج بشرط ألا تتجاوز سقفا محدداً سلفاً، وما يزيد على ذلك يُكتب باسم شخص آخر ويقبضه من قام بالعمل، بمعنى أنك لو عملت فى شهر بمبلغ ٥٠٠٠ جنيه لا تقبض غير ٢٠٠٠ جنيه، وبقية المبلغ يكتب باسم شخص آخر ثم يعطيها لك، هل هذا كلام؟ ولم يواجه أحد الأمر بواقعية ويطالب بإلغاء هذا الحد الأعلى من الأجور، واستبداله بحد أعلى لما يقوم به الفرد من أعمال.

■ وهل يعقل أن يحصل رئيس قطاع وبشكل رسمى على دخل شهرى ٥٠ أو ٦٠ ألف جنيه فى تليفزيون دولة يخسر؟

- تفاوت الأجور مرتبط بالقدرة على أداء متميز فى العمل، ومن يدير كيانات إعلامية ناجحة من حقه الحصول على أجور عالية، وأنا أعمل الآن على ضبط معايير الأجور، لقد تركت الأمور هنا حتى تفاقمت، وأنا سأضع يدى فى النار حتى أصلح ما فسد حتى لو قُطعت يدى.

■ الشارع المصرى فى أزمة بطولة أنجولا لم تعجبه إدارة الاتحاد للمفاوضات مع الجزيرة، ما ردك؟

- أنا واحد من بسطاء الناس الذين يضعون الكرامة قبل أى شىء فى الدنيا، وقد ابتلعت الكثير أثناء التفاوض مع الجزيرة من أجل الشعب المصرى، ولكن لم أستطع قبول الشروط المهينة التى طرحوها وكان منها الدخول على أرشيف التليفزيون المصرى، وعمل عقود وشراكات مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأن يصدر البرلمان المصرى بياناً يعلن فيه حماية استثمارات الجزيرة فى مصر، وأن يكون لقناة الجزيرة الرياضية الحق فى الحصول على مباراة من الدورى المصرى كل أسبوع يختارها كما يشاء وينقلها من الاستاد على الهواء بالإضافة لمباريات المنتخب الودية والرسمية، كل هذا مقابل أن يُخفض لى مليون دولار. وكأنه يقول لى خذ قطعة اللحم هذه ولكن اكشف عن جسدك. وأنا لا أقبل أن أكشف عن مقدرات الأمن القومى من أجل مباراة كرة قدم.

■ ولماذا لم يتم التفاوض لشراء حق عرض المباريات منذ فترة طويلة؟

- كنت أتفاوض مع شبكة الإيه آر تى منذ ستة أشهر، وتعاقدنا فى يونيو الماضى على شراء مباريات كأس العالم ٢٠١٠ والمباريات المؤهلة لها مع الدول الأفريقية مقابل ١١٠ ملايين جنيه، وحاولت إنهاء مفاوضات كأس الأمم فى أنجولا معهم ولكنهم أجلوا التفاوض لحين انتهاء كأس العالم للشباب الذى أقيم فى مصر، وهو ماحدث، واتفقنا على إذاعة ١٦ مباراة بمبلغ ٤.٥ مليون دولار، فطلبت منهم التوقيع على العقد ولكن كان هناك تأجيل من طرفهم فى الوقت الذى كانوا يتفاوضون فيه على بيع القنوات للجزيرة، ثم قالوا لى إنه حتى لو تم البيع للجزيرة فالاتفاق على أن يتولوا هم جميع التعاقدات المتفق عليها من قبل، لكن قبل ٣ أسابيع من البطولة اتصلوا بى وقالوا إن الجزيرة رفضت أى اتفاقات مسبقة مع الاتحاد.

■ ما السبب فى عدم تحقيق التليفزيون المصرى مكاسب تؤهله للمنافسة على شراء تلك المباريات من البداية؟

- لأن لدينا إحلالاً لبنية أساسية فرضها علينا التطور التكنولوجى والتشريعات الدولية بنحو مليار جنيه، كما يجب تحديث الأرشيف الإذاعى والتليفزيونى واستبدال استديوهات الإذاعة واستديوهات المونتاج، فى الوقت الذى تبلغ فيه أجور ورواتب العاملين شهرياً ٤٨ مليون جنيه بالإضافة إلى التزامات أخرى تحتم إنتاج برامج ومسلسلات لجذب المعلنين، وكل ميزانية الاتحاد لا تتعدى ٧٠٠ مليون جنيه سنوياً، وعليه ديون للدولة تبلغ ١٠ مليارات جنيه، والدولة مدينة له فى ذات الوقت ولكنها لا تعترف بتلك الديون وتراها جزءاً من مهام الاتحاد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية