«يوسف هذا العصر خرج من السجن ليحكم مصر».. منذ إعلان جماعة الإخوان عن اعتزامها ترشيحه ليتولى رئاسة الجمهورية صارت العبارة السابق ذكرها علامة على خيرت الشاطر، أحد أكبر التجار المسيطرين على سوق بيع التجزئة، والمسيطر هو وصديقه حسن مالك على الحافظة المالية لجماعة الإخوان المسلمين.
استدعى ترشح «الشاطر» للرئاسة إعادة تهيئة لصورته عند الناس، فسرعان ما تم تهذيب لحيته وتقصيرها وظهر في البرامج الحوارية ليتحدث بصوت خفيض هادئ وابتسامة ثابتة عن احتواء الجميع والتزامه حال تسميته رئيسًا بتحقيق الإجماع الوطني وتنفيذ مطالب الثورة.
ورغم استبعاد «الشاطر» وفوز محمد مرسي لاحقًا بالانتخابات، ظلت قوى المعارضة والمتابعين لنشاط الجماعة مجمعين على كون «الشاطر» هو المحرك الحقيقي لما يدور في قصر الرئاسة، رغم عدم وجود أي دلائل على صحة هذا الاستنتاج الذي إن صح يجعله مسؤولًا مباشرة عن جميع الأخطاء السياسية التي وقعت فيها مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين خلال عام من حكم ممثل الجماعة للبلاد.
منذ عودته للأضواء عقب انتهاء حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ظل صوت «الشاطر» محافظًا، حاملًا للقيم الأكثر جذرية لجماعة الإخوان المسلمين، وفور خروجه تم إقصاء القيادي الإخواني محمود غزلان عن منصب المتحدث الرسمي باسم الجماعة، بعد جملة من المشاكل التي أثارتها تصريحاته التير أظهرت الجماعة في صورة متطرفة في وقت كانت تسعى فيه للسيطرة على المسار السياسي للبلاد عقب الثورة، وجرت تسمية النائب الثاني لمرشد الجماعة متحدثًا رسميًا، ليصير «الشاطر» بعد أسابيع من خروجه المشهود من السجن هو الواجهة الإعلامية للجماعة بالإضافة لمنصبه كنائب للمرشد العام ونفوذه كواحد من أثرى رجال أعمال الجماعة ومدير شؤونها المالية.
مثَّل الدفع بـ«الشاطر» الخارج لتوه من السجن إشارة لبدء عهد جديد لم تعد فيه الجماعة ضحية نظام حكم قائم، و«إن لم تتخل عن الخطاب الذي يعلن تعرضها الدائم للتهديد والتربص»، فعقب الثورة خرجت جماعة الإخوان المسلمين «من ظلمة السجن إلى أروقة القصور»، بحسب تعبير ناجح إبراهيم، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية.
فكما انحسرت موجة الثورة الأولى كاشفة عن عماد تنظيم جماعة الإخوان المتماسك الذي يدين بالولاء لرأسه «المرشد العام ونائبه محمود عزت»، انحسرت غياهب السجن عن الشاطر كاشفة عن إمبراطوريته الاقتصادية، مترامية الأطراف، التي لم يمسسها سوء، وقوة التنظيم المساند له الذي لم تفككه الملاحقات المستمرة ولا التحالفات المشهرة مع نظام مبارك.
يعزي المراقبون إلى «مهندس النهضة» خيرت الشاطر جميع القرارات المفصلية التي شهدتها البلاد خلال العام المنقضي وما سبقه خلال المرحلة الانتقالية، بهدف دفع الجماعة لتحقيق حلم «التمكين وأستاذية العالم» في أقصر وقت ممكن.
امتد نفوذ «الشاطر» إلى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح التي يحتل موقع العضوية فيها، وهي جبهة تضم عددًا من مشايخ التيارات السلفية والجهادية ورجال الدين المحسوب بعضهم على جماعة الإخوان المسلمين، مما دعا «الشاطر» نفسه للتقدم باستقالة رفضها علماء الهيئة.
ظل وجود خيرت الشاطر ظاهرًا رغم إصراره على البقاء خارج الأضواء، لكن الجميع ظل ينظر إليه باعتباره الحاكم الحقيقي لمن يجلس في قصر الرئاسة وبالتالي، اعتباره الحاكم الحقيقي لمصر، وإن صحت هذه الرؤية يكون خيرت الشاطر هو مهندس النهضة الذي ضرب معولًا في مشروع أسسه حسن البنا قبل ثمانين عامًا، بعد أن جردها من التأييد الشعبي الذي كان يتطلع للحل المنتظر على يد «مشروع النهضة».