على غرار العديد من السوريين المقيمين في مناطق تشهد معارك، لن يحتفل أبوحميد هذه السنة بعيد الأضحى، والهاجس الوحيد الذي يتملك هذا التاجر في حلب هو البقاء على قيد الحياة.
وقال في إحدي أسواق الأضاحي التي أقيمت على حدود حلب، ثاني مدينة في البلاد، التي تشهد منذ أكثر من 3 أشهر معارك بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة «لن يحل العيد هذه السنة، ولا احتفالات هذه السنة».
وأضاف «أخاف الموت»، مشيرًا إلى أن القصف والغارات الجوية أرغمته على مغادرة منزله العائلي في حلب، للمجيء مع زوجته وأولادهما الخمسة وبعض الأقارب، للاختباء في محله الواقع على حدود المدينة.
وفي سوق الأضاحي تبقى المبيعات قليلة جدًا عشية عيد الأضحى، الذي يبدأ الجمعة، وتقدم فيه تقليديًا الهبات إلى الفقراء.
ويقول أبوحميد «لقد جئت إلى السوق فقط لقضاء الوقت ولرؤية ما يحصل، لا يمكنني شراء أضحية، لأنه ليس لدي المال».
وهناك خراف من كل الأحجام معروضة للبيع، لكن قلة من الزبائن مهتمة بذلك أو حتى تشتري الأضاحي.
ويقول محمد عاصي (20 عاما)، مالك محل ملابس في حلب: «هذه السنة لن تكون مثل السنوات السابقة. هذه السنة لن يكون هناك عيد في سوريا».
وأضاف الشاب «لقد جئت أشتري أضحية، لكنني لا أجد ما أبحث عنه. الأسعار مرتفعة جدا، حوالي 15 ألف ليرة سورية (220 دولارا). السنة الماضية كانت الأسعار تتراوح بين 11 و12 ألف ليرة».
وتابع «ليس لدى الناس المال حتى لشراء ملابس جديدة، ولن يكون هناك شيء مميز، كل الناس حزينون للغاية».
وأعلن الموفد الدولي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، الأربعاء، أنه حصل على موافقة دمشق ومعظم قادة المعارضة المسلحة لإعلان هدنة في عيد الأضحى. لكن الأمل في تطبيقها فعليا على الأرض يبقى ضئيلاً.
وفي مستشفى حلب الميداني، تحدث أحد العاملين، الأربعاء، عن تهدئة في المعارك. وقال «لم يحصل الكثير من المعارك اليوم»، موضحا أنه استقبل 6 جرحى فقط.
وفي قاعة تكسو بقع الدماء أرضها، يقوم طبيبان بمعالجة رجل أصيب بشظايا قذيفة هاون في رأسه. وفي شارع تجاري تتسوق «أم أحمد» التي تضع حجابا وترتدي الأسود مع شقيقاتها وأصغر بناتها لشراء أحذية للشتاء، ولا تتوقع عيدا سعيدا هذه السنة.
وتقول المرأة البالغة من العمر 36 عاما: «لقد اقترضت المال من شقيقي، للتمكن من شراء الطعام. المدارس مغلقة في حلب، والأطفال يبقون طوال النهار في المنزل. لا أسمح لهم حتى بالذهاب لشراء الحلويات، لأنني خائفة جدا».
وفي محل بيع أحذية صغير ورطب ويتسلل إليه فقط ضوء النهار عبر الواجهة، يقول حمود محمد علي، صديق مالك المحل، إن الكهرباء مقطوعة منذ يومين.
ويضيف «لا عمل ولا مال. كل شيء مرتفع الثمن، ولا يمكننا حتى مغادرة الحي، بسبب القناصة. قبل يومين مثلا أراد رجل في الثلاثين من العمر محاولة المرور، وقتل برصاصة أحد القناصة المتمركزين على سطوح أعلى المباني».