حذرت مجلة «إيكونوميست» البريطانية السياسيين من موجة غضب تجتاح مدن العالم، ودعتهم إلى توخي الحذر من غضب الشعوب، مشيرة إلى أن كل مظاهرة غضب تحتج بطريقتها.
وقالت المجلة إنه رغم ظهور قناع «أنونيموس» في المظاهرات التي شهدها عدد من مدن العالم في 3 قارات، فإن هناك اختلافات في الدوافع التي أدت خروج المظاهرات.
وأضافت المجلة أنه «بينما خرج المتظاهرون في البرازيل احتجاجاً على رفع أسعار وسائل النقل العامة، خرجت الحشود في تركيا احتجاجاً على مشروع هدم حديقة لصالح مبنى تجاري، أما في إندونسيا، فقد اعترضوا على ارتفاع أسعار الوقود، وفي بلغاريا رفض المحتجون فساد الحكومة واعتمادها على المحسوبية».
وذكرت «إيكونوميست» أنه «في الوقت الذي خرجت فيه المظاهرات في دول منطقة اليورو، احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية والتقشف، أصبحت دول الربيع العربى تحتج غالبا على كل شيء».
وأوضحت المجلة أن «الأسابيع القليلة الماضية انتشرت الاحتجاجات في دولة بعد الآخرى بشكل مذهل، حتى إن المظاهرات في الدول الديمقراطية بدت أكثر نشاطًا من الدول الديكتاتورية، حيث خرج متظاهرون عاديون من الطبقة المتوسطة، لا ينتمون لأي جماعات ضغط، وإنما جمعهم خليط من الصخب والغضب يدينون الفساد وعدم الكفاءة والغطرسة التي تعانى منها الحكومات».
واعتبرت المجلة أن «التكنولوجيا، خاصة مواقع الاجتماعي سرعت من إيقاع الاحتجاجات، وأن العفوية التي تتميز بها المظاهرات تعطي شعور محفز بإمكانية تحقيق الأهداف، إلا أن غياب التنظيم يخفي معالم خطة أعمالهم أيضًا».
وقالت «إيكونوميست» إن «مصر تعاني من الفشل الذريع للحكومة على جميع المستويات، لدرجة أصبح معها المتظاهرون بديلاً عن المعارضة، أما في أوروبا، فالمعركة أصبحت حول كيفية تقليص دور الدولة، وكان آخر قرار أثار الاحتجاجات في اليونان هو إغلاق التليفزيون الرسمي، أما السويد، فلديها أكبر نسبة بطالة، كما يعاني بعض البريطانيين من ضعف مستوى التعليم».
وأشارت المجلة إلى أنه «في الديمقراطيات الناشئة مثل البرازيل وإندونسيا، توقع المواطنون تحسن مستوى المعيشة مع النمو الاقتصادى المستمر، ورغم أن البرازيل تمكنت من تضييق الفجوة بين الفقراء والأغنياء، إلا أن هناك تهديد ما زال موجودا من التوزيع غير العادل»، بحسب المجلة.
واعتبرت «إيكونوميست» أن «التوقعات السياسية للطبقة المتوسطة في الديمقراطيات الناشئة مازالت أكثر فاعلية (في إشارة إلى خروح المتظاهرين في الهند، احتجاجاً على عدم توفير الحماية الكاملة للمرأة بعد اغتصاب فتاة)، كما اجتاحت البلاد مظاهرات ضد الفساد الحكومى أيضاً عام 2011. وهو الحال نفسه في تركيا، حيث اعترض الشباب من الطبقة الوسطى على التوجه المحافظ لرئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ورغبته في وضع قيود على المشروبات الكحولية».
أما البرازيليون، بحسب المجلة، الذين تمكنوا خلال الـ8 سنوات الماضية من الخروج من الفقر، فاستطاعوا لأول مرة مراجعة الحكومة في الضرائب التى يدفعونها، وطالبوا بالحصول على خدمات لائقة.
وقالت المجلة إنه «لا أحد يستطيع توقع كيف سيغير هذا العام العالم، ورغم الأهمية الراسخة لهذا العام، فإن رغبة السياسيين في بقاء الأوضاع على ما هى عليه تجعل التوقعات سيئة، والشواهد تفضى إلى نتيجة واحدة، هي أن الديمقراطية باتت أصعب، خاصة فيما يتعلق بتوزيع عادل للموارد بين جماعات المصالح المتنافسة».
وتوقعت المجلة أن تكون منطقة اليورو أكثر حرارة هذا الصيف، مشيرة إلى أن «الزعماء الأوروبيين سيضطرون في مرحلة معينة إلى الحد من الإسراف على الرعاية الاجتماعية وضعف المؤسسات وعدم الاستقرار الناجم عن الاحتجاجات».
واعتبرت أن «زعماء الدول الديمقراطية يحسدون الدكتاتوريين على قدرتهم على احتواء الاحتجاجات، مثلما حدث في روسيا والصين والسعودية، إلا أنها اعتبرت أنه على المدى البعيد، يدفع الدكتاتوريون ثمناً أكبر، ومنع المتظاهرين من التعبير عن رأيهم بالقوة يقتل الحكومات، والرياض وبكين وموسكو ينبغي ألا تشعر بالراحة»، بحسب المجلة.