أكد الدكتور بطرس بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، أهمية الانفتاح على العالم الخارجي ومواكبة أدوات العصر وثورة الاتصالات وضرورة الاهتمام بالشؤون الدولية وعدم الانغلاق على الداخل، كما أكد أهمية قبول الآخر، قائلًا إن الأمم المتحدة أعدمت نفسها بعد أن أصبحت تحت رحمة القوى الكبرى.
كما شدد على أهمية تطبيق الديمقراطية في النظام الدولي، والعلاقات الدولية، وألا يكون هناك اهتمام بدولة على حساب أخرى في التعامل مع المشكلات الدولية في الأمم المتحدة، وخاصة تحقيق الحد الأدنى من الديمقراطية في القرارات التي تحدد مصير العالم.
جاء ذلك فى محاضرة للدكتور بطرس غالي باللغة الفرنسية ألقاها، مساء الثلاثاء، في معهد القانون والأعمال الدولية «الشعبة الفرنسة»، بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، بحضور الدكتور محمود كبيش، عميد الكلية، والدكتور ستيفان برونو، المدير الفرنسي للمعهد، والدكتور فؤاد عبد المنعم رياض، القاضي المصري السابق بالمحكمة الجنائية الدولية، وأساتذة الكلية والشعبة الفرنسية من الأساتذة الفرنسيين وطلبة كلية الحقوق.
وخصص الدكتور بطرس غالي محاضرته حول رؤيته لمستقبل الأمم المتحدة في عصرالعولمة وبعد انتهاء الحرب الباردة وعمليات الإصلاح في المنظمة الدولية، فأشار في البداية إلى تاريخ ونشأة منظمة الأمم المتحدة والتي ظهرت في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945، بعد أن كانت منظمة عصبة الأمم قد تأسست في أعقاب الحرب العالمية الأولى في عام 1918.
وشدد على أنه يتعين الأخذ بعين الاعتبار دور اللاعب الجديد في الساحة الدولية، وهو المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والتي أصبحت تنتشر بالآلاف في العديد من الدول، وعلى سبيل المثال يوجد أكثر من 50 ألف منظمة غير حكومية في البرازيل وحدها.
واعتبر الدكتور «غالي» أن الجيل الثالث من المنظمات الدولية سوف يتضمن المنظمات غير الحكومية، والتي سيكون لها تأثير كبير في النظام والعلاقات الدولية خلال السنوات القادمة.
وحول كيفية مشاركة هذه المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة قال: «هناك تجربة ناجحة في منظمة العمل الدولية، حيث يوجد تمثيل ثلاثي للحكومات وأصحاب الأعمال والعمال ويمكن أن يكون هناك تمثيل للمنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة بجانب الحكومات»، مضيفاً: «هناك تخوف من أن تؤثر هذه المشاركة على سيادة الدولة واستقلاليتها»، معربًا عن اعتقاده بأن حل هذه المشكلة يمكن أن يكون بشكل دولي ومقبول بما لا يتعارض معسيادة الدولة.
ورأى «غالي» أن هناك مشكلة تقنية أخرى في طبيعة عمل المنظمات غير الحكومية، وشكل التمثيل والمشاركة في الأمم المتحدة وهل سيكون جغرافيا إقليميا أو قوميًا، كما أن هذه الأفكار قد لا تعجب الدول، موضحًا أن كل هذا سيتم التغلب عليه وسيكون موضعبحث ودراسة على مستوى دولي خاصة معاهد الفكر السياسي الدولي التي تدرس الآن عمليات إصلاح الأمم المتحدة.
وقال الدكتور بطرس غالي، إن الأمم المتحدة تعيش الآن في أزمة فهي أعدمت نفسها بعد أن أصبحت تحت رحمة «سيطرة»، القوى الكبرى، والدول الصغرى أصبحت لا تهتم بالأمم المتحدة وتتركها وبالتالي لا نجد حلولا لمشكلات العالم ولابد من إيجاد التوازن داخل المنظمة الدولية بين دول العالم.
ونبه الدكتور «غالي» إلى أهمية عدم إغفال الظاهرة العالمية الجديدة وهى ظاهرة «الإخاء العالمي»، أو ما يطلق عليه العولمة والثورة التكنولوجية المتطورة والمتلاحقة والتي لا مثيل لها وهو ما سيؤثر بالتالي على الأمم المتحدة.