x

إضراب الأطباء: معركة النفس الطويل لاتزال مستمرة

السبت 20-10-2012 10:49 | كتب: منة علاء |
تصوير : سيد شاكر

«النفس الطويل» قد يصبح العامل الحاسم في معركة إضراب الأطباء التي بدأت مطلع الشهر الجاري.

فالخلافات بين الأطباء حول الإضراب، رغم إقراره من الجمعية العمومية لنقابتهم، قد تهدد تماسكه.

وقد كانت هذه الخلافات موجودة وفاعلة قبل طرح الأمر على الجمعية العمومية، وهي ما زالت مؤثرة حتى اليوم، سواء داخل النقابة، أو في الوسط الطبي بشكل عام.

فرغم الموافقة على الإضراب، إلا أن الجدل مازال مستمرًا، بل تطور من التصريحات إلى الاستقالات.

يوم في الإضراب

قبل تسليط الضوء على الخلافات المرتبطة بالإضراب، أحببنا أن نلقي نظرة على سير الإضراب في أحد المستشفيات.

اخترنا مستشفى المنيرة العام.

كان الهدوء هو سيد الموقف في المستشفى. فبينما كان سورها الخارجي يحمل ملصقات وشعار الإضراب، بدت طرقاتها الداخلية شبه خالية من المرضى الذين كانوا حتى ما قبل الإضراب يتزاحمون بلا كلل أمام بوابتي المستشفى.

أغلقت المستشفى عياداتها الخارجية وإن ظل باب الاستقبال مفتوحاً، والسبب في ذلك أن «المستشفى في إضراب» بحسب ما يؤكد أمن البوابة لكل من يسأل.

أمام النافذة الخاصة بسداد رسوم «تذكرة الكشف» وقفت سيدة أربعينية تطالب الموظف بتذكرة لعيادة الأنف والأذن والحنجرة، فأجابها بأن المستشفى لا تستقبل سوى «الطوارئ».

يقول حمدي إبراهيم، والذي جلس مع والدته المسنة في الاستقبال: «أتيت الأسبوع الماضي إلى المستشفى بوالدتي لإجراء جراحة بيدها، وقد كنت متخوفاً أن يرفضوا استقبالها أو تعريضنا لمضايقات بسبب الإضراب الذي سمعت عنه، وهو ما كان سيضطرني حينها إلى اللجوء لمستشفى خاص، لكنني حينما أتيت تم تحويلها لقسم الجراحة وأجريت لها العملية الجراحية، وقد أتيت اليوم لمتابعة حالتها.»

أما محمد متولي، الذي أتى برفقة زوجته التي كانت في حالة وضع، فقد قال: «بالنسبة لحالة زوجتي لم أشعر بأي تأثير سلبي للإضراب، حيث تم استقبالها وتحويلها إلى قسم الولادة وذلك حتى قبل أن أُنهي الإجراءات المطلوبة، وكان ما يقلقنا فعلاً هو ما نسمع عن الإضراب الذي ادعى البعض أنه جعل عددًا من المستشفيات ترفض بعض الحالات مما تسبب في وفيات، وهو الأمر الخطير لأن المسألة تتعلق بأرواح الناس».

إضراب ناجح؟

المرضى لا يعرفون الكثير عن أسباب الأضراب أو لا تعنيهم أهدافه بصورة مباشرة، إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للأطباء الذين يدافعون عنه ويرون فيه أملاً لتحسين الخدمة الصحية المقدمة.

وعن ذلك يقول أحد أطباء العيادات الخارجية بمستشفى المنيرة، طلب عدم ذكر اسمه: «بعد أسبوعين من الإضراب أستطيع التأكيد أنه لم يؤثر على أي مريض، وضمائرنا لن تسمح لنا بذلك خاصة وأن الإضراب أحد أهدافه تحسين الخدمة المقدمة للمرضى. لذلك ومنذ بدء الإضراب لم نرفض استقبال أية حالة طوارئ حيث يتم تقديم العلاج الفوري لها.»

وعن تقييمه للإضراب، يقول:«حتى الآن أراه ناجحاً، وسنستمر فيه حتى تتحقق الأهداف، ولن نقبل بوعود شفهية، فنحن نريد قرار رئاسي مكتوب»، مضيفاً فيما يخص «حملة الاستقالات المسببة» والتي شرع بتنفيذها بعض الأطباء مطلع الأسبوع الماضي«تلك الحملة التي تبنت نفس أسباب الإضراب هي إحدى الخطوات التصعيدية التي قررنا اتخاذها للتأكيد على أن إضرابنا ومن قبله وقفاتنا الاحتجاجية لم تكن بغرض اختلاق الأزمات، بل تعبيراً عن مدى تأزم أوضاع المستشفيات.»

جدل الأرقام

رغم التصريحات المتكررة لمسؤولي وزارة الصحة عن ضعف نسبة الإضراب وتراجعها (أعلن مساعد الوزير أن النسبة الإجمالية للإضراب بلغت 3% فقط ثم صرح بتراجعها إلى 2.4%)، إلا أن اللجنة العامة للإضراب تعلن أرقامًا مختلفة. إذ صرحت أنه بلغ خلال الأسبوع الأخير 65%.

بالنسبة للدكتور عمر الشوري، عضو حركة أطباء بلا حقوق وعضو اللجنة الإعلامية لإضراب الأطباء، يعد الإضراب «ناجحًا بصورة تفوق التوقعات». يقول: «في أول يوم كانت نسبة الإضراب 80%، وبعد 15 يوم ارتفع عدد المضربين بانضمام مستشفيات بمحافظات كالإسماعيلية والقليوبية.»

ويؤكد الدكتور الشورى أنه فيما يتعلّق بردة فعل المرضى «الهجوم والتعديات على المستشفيات انخفض معدلها بعد شرح الأطباء جدوى الإضراب ونفعه للمرضى».

على الجانب الآخر، ورغم تأكيد الدكتور عبد الله الكريوني عضو مجلس النقابة العامة للأطباء ومقرر لجنة الحريات أن «الإضراب ناجح»، إلا أنه يفضل عدم الدخول في «جدال الأرقام والنسب» داعيًا إلى تقييم الإضراب بـ«أهدافه وليس بنسبه وأرقامه.. فهو ناجح لتوحيده الأطباء في مطالبهم»، على حد قوله.

ويؤكد «الكريوني» أن الإضراب «من الملفات الساخنة التي لن تستطيع أي جهة تجاهلها» معتبراً مشروع الكادر «إنجازًا» لأنه وللمرة الأولى منذ عام 2006 «هناك إجراءات فعلية لإنشاء وإنجاز كادر الأطباء، بلجنة خاصة».

المحافظات

يفصّل دكتور محمد شفيق، عضو اللجنة الإعلامية للإضراب والمسؤول عن إحصائيات المستشفيات المضربة، النسبة في أعلى ثلاث محافظات قائلاً: «حتى الآن، تعتبر دمياط هي أقوى محافظة، فجميع المستشفيات بها مضربة، عدا مستشفى كفر البطيخ المركزي، ومستشفى الأورام التي استثنيناها من بروتوكول الإضراب لطبيعة تخصصها، إضافة لمستشفى القلب الذي كسر إضرابه منذ 14 أكتوبر.»

ويتابع الدكتور شفيق: «أما ثاني أقوى المحافظات فكانت سوهاج التي تتراوح النسبة بها بين 95-99%، ويتجاوز الإضراب فيها المستشفيات إلى الوحدات الصحية.»

ويضيف شفيق أن المركز الثالث «أحتلته مناصفة كلا من محافظتي بور سعيد والسويس»، مشيرًا أن «الإضراب ناجح، بعكس التصريحات الرسمية» وذلك بفضل انضمام مستشفيات هامة ومركزية بمحافظات مثل جنوب سيناء والغربية والدقهلية، ومنوهًا إلى أن «وزارة الصحة تعلن أرقام عامة، على العكس مما نفعله نحن من عرض ارقام تفصيلية، وذلك حرصاً منا على مصداقيتنا».

ويشرح شفيق أن الإضراب هدفه الضغط على وزارة الصحة لا المريض: «الإضراب يؤثر على الوزارة فيما يتعلق بالأموال التي يحصلون عليها من المرضى، خاصة في قطاعات معينة من المستشفيات مثل المعاهد المتخصصة كمعهد ناصر، والمستشفيات التعليمية كالمطرية التعليمي، والمستشفيات العامة كالمنيرة، حيث نقدم الخدمة بالمجان منذ بدء الإضراب، مما يحرمهم من دخل كبير.»

استجابة الدولة

وحول استجابة الدولة لمطالب الإضراب الذي تجاوز يومه العشرين، يقول  الدكتور الشورى: «تجاهل الدولة محبط»، مرجعًا سببه إلى «حزب الحرية والعدالة الذي لم يدعم الإضراب» ومؤكداً أن «سياسات الموازنة في عهدي مبارك ومرسي لم تتغير، وأن الفساد مازال موجودًا».

ويعلّق الكريوني على الاتهام الموجه لـ«الحرية والعدالة» بقوله إن «تدخل حزب معين في أزمة الأطباء أمر يجانب الصواب، وتدخل الأطراف السياسية في الإضراب لتحقيق مكاسب على حساب المشهد يضعفه».

وكان مساعد وزير الصحة قد صرح في مؤتمر صجفي، الأسبوع الماضي، أنه «تم الانتهاء من 90% من الكادر، ومن المنتظر اعتماده من الوزير في غضون أسبوع، ومن ثم تمريره لمجلس الشعب».

لكن الدكتور الشورى يعلق على تصريحات مساعد الوزير قائلاً «كيف يعد مساعد وزير الصحة بحلول ليست في يده؟».

استقالات جماعية

وفي تطور جديد شرع عدد من الأطباء في تنفيذ حملة استقالات جماعية مسببة تهدف لجمع ما بين 15 إلى 20 ألف استقالة من مستشفيات الوزارة اعتراضاً على «تأخر الإستجابة لمطالب الإضراب».

ورغم ما صرح به مساعد وزير الصحة بأن الاستقالات المجمّعة المسببة «ليست قانونية»، أكد  الدكتور الشورى أن «قانون 47 لسنة 1978 به مادة تنص على قانونية الاستقالات المجمّعة المسببة». كما رد على تصريحات مساعد الوزير بأن «دعوة الإستقالة لم تقم بها اللجنة المشرفة على الإضراب، وكانت عن طريق عضوة واحدة لا تعبر إلا عن شخصها» بقوله إن «القرار أخذته لجنة الإضراب بناءً على طلب الأطباء».

من جانبه، علّق «الكريوني» على حملة «الاستقالات المسببة» بقوله إن «اللجنة العليا للإضراب تضر الأطباء، وهي لا تمثلهم مثل النقابة، مؤكداً تفهمه لـ«مشاعر الأطباء الغاضبة» ومستدركاً بسؤاله «لكن ماذا لو قُبلت الاستقالات؟ وكيف يساعد ذلك الأطباء، في ظل عدم وجود غطاء قانوني لها؟»

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية