x

الممثل الإقليمي لـ«مفوضية اللاجئين»: «الربيع العربي» زاد أعباء مصر تجاه اللاجئين

الأربعاء 19-06-2013 22:29 | كتب: صفاء سرور |

قال السفير محمد الدايري، الممثل الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالقاهرة، إن ثورات الربيع العربي أضافت أعباء على كل من المفوضية والحكومة المصرية بسبب زيادة تدفق اللاجئين إلى مصر خاصة من سوريا، مشددا على أهمية رفع مصر لتحفظاتها على بعض الحقوق الأساسية الممنوحة للاجئين بموجب «اتفاقية 1951»، وإصدار تشريع مصري خاص بهم، ومطالبا بحماية اللاجئين خاصة الإثيوبيين من «الاعتداءات» التي يتعرضون لها بسبب مشروع «سد النهضة» الإثيوبي.

ونفى «الدايري» تحول «مخيم السلوم» إلى «مدينة للاجئين»، مؤكدا أنه سيغلق بمجرد إعادة توطين من فيه، كما نفى أن يكون هناك «تخوفات» لدى اللاجئين من الجهات الأمنية المصرية، والتي أكد أن تدخلها يكون في صالح اللاجئ»، وإلى نص الحوار..

 

* ما هو الدور الذي يقوم به المكتب في القاهرة؟

 

المكتب موجود في القاهرة منذ عام 1954، بعد توقيع مصر على اتفاقية تفاهم معنا، نساعد الحكومة بموجبها على تحمل أعبائها فيما يخص تسجيل طالبي اللجوء وإيجاد حلول لهم، كعودتهم طوعا إلى بلدهم الأصلي أو إعادة توطينهم في دول إعادة التوطين.

 

* ما هي انعكاسات ثورات «الربيع العربي» وما تبعها من زيادة في تدفق اللاجئين إلى مصر، على عملكم؟

 

البداية كانت بثورة ليبيا في 2011، حيث تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين من شرق ووسط ليبيا، ورغم أن الغالبية العظمى منهم إن لم يكن جميعهم عادوا إلى ليبيا، إلا أن هناك 1700 طالب لجوء إفريقي من «السودان، والصومال، وإريتريا» قدموا من ليبيا، وتم إعادة توطين بعضهم، ومازال هناك نحو 1300 شخص في «مخيم السلوم» نتابع إجراءات إعادة توطينهم.

وبالنسبة للأزمة السورية، فقد تدفق لاجئون كثيرون إلى مصر، حتى بلغت أعدداهم 58 ألف لاجئ مسجل بالمفوضية، وحوالي 18 ألفا لم يتم تسجيلهم بعد، وهو ما يضيف تحديات جديدة، ففي 2012 قٌدمت مساعدات كثيرة للسوريين في مصر، خاصة من الجمعيات الأهلية، على أمل انتهاء الأزمة، ولكن باستمرارها يستمر التدفق المتزايد للسوريين، لدرجة أنه تم تسجيل 25 ألف لاجئ سوري في مارس وأبريل الماضيين فقط، من هنا وجب على الدول المانحة مساعدة مصر في تحمل هذه الأعباء.

 

* هل الأعباء مادية فقط أم هناك مصاعب إجرائية تتعلق بالتسجيل والتعامل مع الجهات المصرية؟

 

الحكومة المصرية حافظت على سياسية «الباب المفتوح»، بمعنى أنه قبل اندلاع الثورة السورية كان المواطن السوري يدخل مصر دون تأشيرة، وهو الأمر الذي استمرت مصر في تطبيقه إلى الآن، كما أنها مدت فترة الإقامة الممنوحة للسوري من 3 إلى 6 أشهر.

بجانب ما سبق، أعلن الرئيس المصري أمام جامعة الدول العربية، سبتمبر الماضي، تقديم الخدمات التعليمية والصحية مجانا للاجئين السوريين، فالتعامل الحكومي رائع وهناك انفتاح وتعاون فيما يتعلق باللاجئين السوريين.

 

* ما هي أبرز ملامح «خطة الاستجابة الإقليمية» الخامسة لسوريا، الخاصة بالمفوضية بعد أن فاقت أعداد اللاجئين توقعاتكم؟

 

أصبحت مصر ضمن دول «الاستجابة الإقليمية» للشأن السوري منذ الخطة الرابعة، المتعلقة بالفترة من يناير إلى يونيو 2013، شأنها في ذلك شأن دول الجوار السوري الأربعة «الأردن، وتركيا، والعراق، ولبنان». وفي الخطة الجديدة، دعونا الكثير من المنظمات الأممية للعمل معنا، ومنها «منظمة الأمم المتحدة للإسكان»، وخصصنا جمعيات مصرية ودولية لم نكن نتعاون معها في السابق، مثل جمعية «رسالة» في دمياط، و«Islamic relief international» لتساعدنا في شأن اللاجئين السوريين في القاهرة، و«جمعية مصطفى محمود» لتقديم خدمات طبية للسوريين.

وأردنا بما سبق، فصل الخدمات الخاصة بالسوريين عن الجمعيات التي تقدم لغير السوريين، ليكون هناك اهتمام فعلي بهم لقدومهم من منطقة حرب، فقد وصف المفوض السامي لشؤون اللاجئين الأزمة السورية بأنها «الأكبر» في القرن 21، وبالفعل هناك اهتمام دولي وإقليمي بها.

 

 * بشكل عام، هناك لاجئين حالت الظروف دون التسجيل لدى مكتب المفوضية، وهناك من تم رفضهم، ما هي إجراءاتكم حيال هؤلاء؟

 

ليس كل من يتقدم بطلب لجوء يُقبل، وهذا الأمر لا يقتصر على مصر، بل هي سياسة المفوضية ودول اللجوء عامة، فنحن نحدد وضع طالب اللجوء، ونعطيه فرصة للاستئناف على طلبه، وفي حالة استمرار الرفض، يتم إغلاق ملفه، فعلى سبيل المثال، قمنا في وقت ما بتسجيل مواطنين من جنوب السودان كلاجئين، والآن بعد أن أصبحت دولة مستقلة، لا يمكن قبول مواطنيها كلاجئين لأنهم لم يصبحوا بحاجة لحماية دولية، ونحن بصدد إعلان انتهاء قضية اللجوء من جنوب السودان.

هناك أيضا حالات تأتينا من الكاميرون أو نيجيريا للتسجيل، وليس بالضرورة أن تنطبق عليهم شروط ومعايير اللجوء التي نصت عليها اتفاقيتا 1951 و1969.

 

* ألا تعتقد، في ظل المستجدات الدولية، ضرورة تغيير وتحديث المعايير الخاصة بقبول اللاجئين؟

 

المعايير الخاصة بالتحديد الفردي للجوء، وضعت عام 1951، وجاءت اتفاقية «منظمة الوحدة الإفريقية» عام 1969، ووسعت المعايير لتتيح إمكانية منح صفة اللجوء للأشخاص والمجموعات، بسبب معاناة البلد من احتلال أو اضطرابات داخلية، فمفهوم الحماية الدولية تطور عبر السنين، ففي البداية كان المفهوم فردي، لكن المشرع الدولي رأى ضرورة إعطاء الحماية الدولية لمجموعات كبيرة، كما حدث في أوروبا إبّان الصراع في البوسنة والهرسك، وكوسوفو، حيث تعطى الحماية الدولية لكل هارب من تلك البلاد.

وقامت المفوضية بتطبيق ما سبق مع مواطني دول «الربيع العربي»، حيث دعت الدول إلى منح «الحماية المؤقتة» لكل ليبي أو سوري، يغادر بلده أثناء الحرب، والآن كل من يثبت أنه سوري، يسجل لدينا أتوماتيكيا، لاحتياجه لحماية دولية.

 

* تحدثت من قبل عن وجود «مخاوف أمنية» يحجم بسببها اللاجئين عن التسجيل لدى المفوضية، هل تتعلق تلك «المخاوف» بأجهزة الأمن المصرية؟

 

ما أعنيه يتعلق بتخوف بعض طالبي اللجوء من أن يصل أمر التسجيل بالمفوضية إلى بلدهم الأصلي، مما قد يترتب عليه انعكاسات سلبية على أسرهم الموجودة هناك، لكن جميع من يتقدم للتسجيل يعلم أن الأسماء تحول إلى وزارة الخارجية والتي تحولها لوزارة الداخلية، لمنحهم الإقامة، ومن ثم فإن تخوفات اللاجئين ليست من مصر، بل من احتمالية وصول معلوماتهم لدولتهم، مما يهددهم بالتعرض لإجراءات عقابية فيما بعد.

 

* ألا توجد تدخلات من أجهزة الأمن المصرية في عملكم؟

 

لدينا مشاورات مستمرة مع وزارتي الداخلية والخارجية لحماية اللاجئين أنفسهم، فالتدخلات الأمنية عادة ما تكون في صالح اللاجئين وليست ضدهم، وكما أكرر دائما أننا لسنا دولة داخل الدولة، صحيح أننا جهة دولية، إلا أننا متواجدون داخل دولة المقر ونتعامل بما يسمى «اتفاقية المقر»، فالدولة المضيفة هي صاحبة السيادة.

 

* ما تعليقكم على استمرار تحفظ مصر على بنود أساسية في «اتفاقية 1951» تتعلق بحق اللاجئ في أمور منها «التعليم المجاني، والعمل»؟

 

كنا نأمل في أن ترفع مصر تحفظاتها، خاصة وأن المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان، أورد في خطته الخمسية «2007-2012» هدفين أساسيين بالنسبة للاجئين وحقوقهم، وهما «استصدار تشريع خاص باللاجئين، والسعي مع الجهات الحكومية لإزالة التحفظات»، انتهت الخطة دون تحقيق ذلك، لكننا نأمل في تحقيقه حينما تستقر الأوضاع، لتصبح مصر كدول عربية وإفريقية أخرى صدّقت على الاتفاقية دون تحفظات، فنحن مدركون أن مصر بعد الثورة لها أولويات أخرى.

 

* على ذكر الثورة وتبعاتها، ما مدى الاختلاف بين النظام السابق والحالي في التعاطي مع قضايا اللاجئين؟

 

لا اختلاف فيما يتعلق بتحفظات مصر على تمتع اللاجئين بحقوق أكثر في مصر، لكن ما يحدث حاليا من تعامل إيجابي على المستويين الحكومي والشعبي مع اللاجئين السوريين والليبيين، يعطينا الأمل في أن مصر مقبلة على فترات أفضل في التعامل مع اللاجئين وقضاياهم، ففيما يتعلق باللاجئين الأفارقة، أذكر أننا نظمنا والحكومة المصرية ندوة في، أكتوبر 2011، بعنوان «حقوق اللاجئين في دول حوض النيل»، وأعتقد أن تعاطي مصر مع قضيتهم بصورة إيجابية سيحسن من العلاقات «المصرية- الإفريقية».

 

* أصدرت تركيا مؤخرا قانون خاص باللاجئين، هل ترى أنه أصبح لزاما على مصر في ظل زيادة أعداد اللاجئين، أن تصدر تشريعا مماثلا؟

 

نتعشم أن نتابع تحقيق الهدفين الذين قررهم المجلس القومي لحقوق الإنسان، وقد تطرقت لهذا الأمر مع مسؤولين في وزارة العدل ولمست انفتاحا بشأنه، خاصة وأن مصر تعتزم إصدار قانون خاص بالهجرة غير الشرعية، وبشكل عام نتمنى على كل دولة  صدّقت «اتفاقية 1951» أن تصدر تشريع يفرّق بين اللاجئ والمهاجر الاقتصادي.

 

* هل تعتقد أن مصر يجب أن تصبح مصر من الدول المانحة للمفوضية، تعويضا عن استمرار تحفظاتها على «اتفاقية 1951»؟

 

لا أعتقد أن إمكانيات مصر الاقتصادية الحالية تسمح لها أن تنضم للدول المانحة، ورغم هذا فالقطاع الخاص المصري لم يبخل على اللاجئين الليبيين والسوريين، كما أن الدكتور بطرس غالي أنشأ، في الثمانينيات، جهاز لـ«الدعم التقني» يمكّن مصر من إيفاد أطباء ومهندسين ومعلمين للدول الأفريقية، وعبر هذا الجهاز الذي مازال موجودا في وزارة الخارجية، تعتبر مصر دولة مانحة لدول أفريقيا، وهو ما قد يساهم في دفع العلاقات «المصرية- الإفريقية».

 

* هناك شكاوى من بعض اللاجئين الذين يتخذون من مصر «دولة مرور»، من تباطوء المفوضية في إجراءات إعادة توطينهم؟

 

أؤكد على زملائي دائما ضرورة إعطاء أولوية إعادة التوطين للحالات التي بقيت لمدة طويلة في مصر، مع العلم بأن فرص إعادة التوطين ليست متاحة بشكل كبير، بدليل أنه منذ عام 2011، مازال هناك  1368 لاجئا من إجمالي 1700، موجودين في «مخيم السلوم» الذي طلبت مصر إعادة توطين كل المتواجدين به، الآن وبعد عامين تأخر إعادة توطينهم رغم تقديمنا كل ملفاتهم لدول إعادة التوطين، فنحن نود أن يعاد التوطين فورا، لكن «العين بصيرة واليد قصيرة».

 

* بالحديث عن «مخيم السلوم»، فهو يثير قلقًا مزدوجا، حيث يتخوف المصريين من تحوله لـ«مدينة للاجئين» على الحدود الشرقية لمصر، بينما يتخوف البعض الآخر من أن تتحول مصر لدولة تفرض على اللاجئين العيش بـ«معسكرات»، فما ردكم على هذه التخوفات؟

 

سيتم إغلاق المخيم بعد إعادة توطين اللاجئين الموجودين به، والمتوقع أن ينتهي في مارس أو أبريل المقبل، وبعدها سنغلق المخيم، فلسنا أصحاب مصلحة في بقائه. أما التخوف من أن تفرض مصر على اللاجئين العيش بمعسكرات، فهو أمر ليس في محله، لأننا نقوم حاليا بتسجيل لاجئين في «6 أكتوبر»، ولم تفرض علينا مصر تحويل أحدهم لـ«مخيم السلوم».

 

* هناك عدد من المشكلات المتعلقة باللاجئين، كخطف الأفارقة وتعذيبهم في سيناء، كما صدر حكم مؤخرا بسجن 17 سوريا لـ7 سنوات، لاتهامهم بـ«محاولة اقتحام السفارة السورية بالقاهرة»، بجانب قضية استغلال السوريات.. ما هي إجراءات المفوضية حيال هذه المشكلات، لاسيما وقد تم اتهامها في 2005 بـ«التخاذل» في حق اللاجئين السودانيين أثناء فض اعتصامهم؟

 

بالنسبة لاختطاف وتعذيب الأفارقة، فاللجوء والحماية الجسدية للاجئ تقع لزاما على الدولة المضيفة وليس المفوضية، خاصة وأنها وقعت على «اتفاقية 1951»، وقضية الاختطاف تستدعي تعاون إقليمي بين الدول المعنية.

أما ما يتعلق بأي خروقات لحقوق اللاجئين المسلجين لدينا وطالبي اللجوء، فلدينا مكتب قانوني في القاهرة وسنعمل مع آخر في الاسكندرية، ولدينا في القاهرة جمعية أهلية قانونية، نحول لها حالات الخروقات الأمنية أو المشكلات القانونية التي يتعرض لها اللاجئين، لكن نود تأكيد أن «اتفاقية 1951» تحتم على اللاجئ احترام نظم دولة المقر، ومثوله أمام قانونها كالمواطن المصري تماما.

وبخصوص زواج القاصرات السوريات، فنحن نتابع الأمر عن قرب، وهي حالات محدودة وليست بالكم الذي تذيعه التقارير الإعلامية، ونحن نريد القيام بمشروعات مع المجتمع السوري نفسه، تختص بالحيلولة دون وقوع هذه الحالات، والتصدي لها قانونيا واقتصاديا واجتماعيا عند حدوثها.

 

* هل من المنتظر أن تتخذ المفوضية إجراءات حيال اللاجئين «الفلسطينين السوريين» في ظل عدم تعامل الأنروا معهم؟

 

الأونروا تريد مساعدة اللاجئين «الفلسطينيين السوريين»، وهناك اتصالات جارية اتصالات بينها وبين الحكومة المصرية، وهناك إجراءات طيبة ستتخذ عما قريب.

 

* هل هناك رسالة تود توجيهها لأي جهة؟

 

أتوجه بنداء إلى الرأي العام المصري لحماية اللاجئين الإثيوبيين، الذين اشتكوا من تعرضهم لـ«مضايقات واعتداءات» بسبب ما يحدث في إثيوبيا، وأود أن أذكر بأن هؤلاء هربوا من بلادهم، وأتمنى على شعب مصر عدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به، وسأخاطب الجهات المعنية في الحكومة بهذا الشأن، فهم يدركون أن مصلحة مصر تقتضي عدم المساس باللاجئ الإثيوبي.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية