لم يكن أقصى طموحه سوى أن يهرب من جحيم الانتظار ومرارة البحث عن وظيفة، أو الوقوف في طابور لا يعرف متى سينتهي، وقبل الاصطدام بذلك الواقع المحتوم، قرر أن يخوض تجربة لم يسمع عنها من قبل، ولم يكن يتخيل أن يصبح أحد أبطالها في يوم من الأيام.
مصطفى حمدان، طالب الفرقة الرابعة بهندسة طنطا، قرر الخوض في مسابقة لأفضل أفكار لمشاريع تابعة لمؤسسة «إنجاز»، غير الهادفة للربح والتي تتبنى إحدى مبادرات «ريادة الأعمال» بالتعاون مع وزارتي التعليم في مصر، بفكرة تتعلق بكيفية إعادة تدوير النفايات الإلكترونية.
مصطفى، في تصريحاته لـ«المصري اليوم»، قال إنه لم يكن يتخيل، وهو طالب في الفرقة الثانية في كلية الهندسة أن تكون فكرته مشروعًا في المستقبل، لكن بعدما حصل على المركز الأول في المسابقة سبتمبر 2011، حصل على دعم من المؤسسة وتدريب لتحويل الفكرة إلى شركة رسمية تحت اسم «ريسايكل بيكيا»، لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية، كحماية للبيئة من أضرارها، والاستفادة المادية مما تخرجه من مواد يمكن استخدامها مرة أخرى في الصناعات المختلفة كأول شركة مصرية في هذا المجال.
وفي أبريل 2012، وهو لم يزل طالبا في «هندسة طنطا»، أصبح لمصطفى شركة رسمية تتعامل مع مصانع في دول شرق آسيا وبعض الدول الأوروبية، لتصدير النفايات الإلكترونية، بعد تحليلها إلى عناصرها في مصر أو كما هي حسب صعوبة وتعقيد تلك المواد والتي تحتاج إلى مهارة علمية خاصة».
التعامل مع أصحاب تجارة «الروبابيكيا» هو العامل الرئيسي لدى مصطفى، لتجميع «خردة» أجهزة التكنولوجيا، قبل أن ينتهي مصيرها للحرق وتحويلها إلى مواد سائلة، وما تمثله من خطورة أضرارها على البيئة، بخلاف أن التجار أنفسهم لا يعرفون طريقا بديلا للتخلص من تلك النفايات.
شركته المكوّنة من 16 طالبا، وتتعامل مع أكثر من 100 عميل في عامها الأول، مهددة بالفشل وتراجع استثماراتها الناشئة، التي تدر عملة صعبة، بسبب الضغوط الجمركية، وما تواجهه من رسوم «باهظة جدًا» على صادراتها والتي لا تتعدى كونها نفايات ولا ينطبق عليها قانون محدد، بحسب ما قاله مصطفى.
ويشتكي طالب هندسة طنطا من الشروط الحكومية في الدخول لمزايدات لشراء «خردة القطاع العام»، وعدم فصل النفايات الإلكترونية عن «الخردة الأخرى»، ما تنتج عنه صعوبة في استمرار عملنا، متسائلا «أين تشجيع الشباب الذي تتحدث عنه الحكومة».
وفي تعليقها على قصة نجاح «مصطفى حمدان»، قالت دينا المفتي، المديرة التنفيذية لمنظمة «إنجاز مصر»، إن دول الربيع العربي تمر بعملية تحول عميقة وشاملة، ومن المهم الآن تزويد الجيل الشاب بآفاق للعمل، ونظراً لأن 70% من الشركات الصغيرة والمتوسطة هي التي تحدد شكل الاقتصاد المصري، وتمثل 60% من نمو إجمالي الناتج المحلي ليس فقط في مصر، ولكن في أنحاء المنطقة، فإننا نعتقد أن الشباب العربي يجب أن يلعب دور الباحث عن العمل من خلال السعي لشق طريقه المهني في ريادة الأعمال، وبدء مشاريعه الخاصة.
يشار إلى أن مؤسسة «إنجاز» غير ربحية، بدأت في 1999 كمشروع بدعم من الوكالة الأمريكية للإنماء الدولي USAID، وتنفّذ «إنجاز» دورات تدريبية داخل المدارس الحكومية والجامعات وكليّات المجتمع في مختلف المناطق بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى تنمية حس الرّيادة والإبداع لديهم.