تعالى الهتاف الجماعي في استاد ماراكانا «بيرلو، بيرلو، بيرلو»، لكن الهتاف لم يكن آتيا من الجماهير الإيطالية، بل من مشجعين محليين يرتدون قميص المنتخب البرازيلي أو قميصي فريقي فلامنجو وفاسكو دا جاما، أقروا جميعا بتألق «بيرلينيو».
واحتاج «مهندس» كرة القدم الإيطالية، الرجل الذي أكمل أمام المكسيك مئة مباراة دولية بالقميص الأزرق، إلى ضربة حرة مباشرة كي يفوز بتأييد الاستاد الأسطوري، ويتم اختياره كأفضل لاعب في المباراة.
وقال «بيرلو» عقب المباراة: «المرء يفكر في ذلك في أفضل أحلامه.. لقد كان ذلك أفضل مما حلمت به».
وقال العقل المفكر لوسط الملعب الإيطالي في المؤتمر الصحفي ليلة المباراة: "لقد رأيته (جونينيو) في ليون، وشيئا فشيئا أردت التصويب مثله.. رأيت أنني كنت أتمكن من ذلك من حين لآخر، لذلك سعيت إلى إتقانها والتصويب مثله».
واحتفل «بيرلو»، الأحد، بمباراته المئة مع المنتخب الإيطالي بهدف رائع من ضربة حرة، وفوز لفريقه في أول زيارة له إلى ماراكانا.
وبدا دور اللاعب حاسما في فوز «الأتزوري» على المكسيك «2/1»، وأظهر لمرة أخرى أن في أحيان كثيرة تكون المهارة هي السبب في النجاح الكروي، رغم التطور الدائم نحو جعل الأداء البدني في أرقى المستويات.
وأظهرت جماهير ريو دي جانيرو من ناحيتها أنها تعشق بفطرتها التعامل الجيد مع الكرة، بصرف النظر عن ألوان القمصان.. وكما يقدر أطفال المدينة على ارتداء القميص الأرجنتيني رقم عشرة واسم ميسي على ظهورهم، لم تتردد الجماهير المحلية في تحية نجم أوروبي أمام منافس لاتيني.
ومنذ الدقائق التي سبقت المباراة، تحول لاعب يوفنتوس إلى نقطة التركيز لخمسة وخمسين ألف متفرج برازيلي «ترافقهم حفنة من الإيطاليين والمكسيكيين» الحاضرين في استاد ريو دي جانيرو.
واقترن إيقاعه الهادئ في دخول الأجواء بحماسة قادمة من المدرجات، في كل مرة كانت صورته تظهر فيها على الشاشات العملاقة.
وبمجرد بداية اللقاء، كان على «بيرلو» أن يلجأ إلى الخيال من أجل الهروب من رقابة مهاجمي المكسيك، جيوفاني دوس سانتوس وخافيير هيرنانديز «تشيتشاريتو».
وازدادت الرابطة مع الجمهور المحلي بعد قليل من الدقيقة العاشرة، عندما اقترب من حافة الملعب لينفذ ضربة ركنية، وانعكست صوبه كل كاميرات الهواتف المحمولة وصيحات الإعجاب القادمة من الجماهير الجالسة في تلك الزاوية.
واقتبست الضربة الحرة، التي سكنت بعبقرية الزاوية اليمنى للحارس خيسوس كورونا، روح أهداف «جونينيو» الشهيرة، الذي تألق لسبعة أعوام في ريو دي جانيرو مع نادي فاسكو دا جاما: ضربة حرة، مركزة، وذات قوة تصاعدية.
وبعد سبع دقائق من الشوط الثاني، احتسبت لإيطاليا ضربة حرة في مكان شبيه بالهدف الأول، وفي أجزاء من الثانية كان ماراكانا كله يهتف مجددا: «بيرلو، بيرلو، بيرلو».
ويحاول النجم العودة إلى التألق بتسديدة أسفل الحائط البشري، لكن زميله جورجيو كيلليني لم يتوقع مكر مهندس فريقه، وغير مسار الكرة.
وانتهت المباراة وفازت إيطاليا وخرج «بيرلو»، الذي ودع مباراته رقم مئة بشكل لا ينسى، من الملعب بصورة الممثل الرئيسي في الافتتاح الرسمي لماراكانا الجديد.
وأبرز المدير الفني الإيطالي تشيزاري برانديللي: «أندريا بيرلو هو كرة القدم بالنسبة لنا.. إنه شخص متواضع للغاية، ومعتدل للغاية، ولكنه دائما ما يكون لاعبا رائعا في الملعب، وملعب الأحد لم يكن بأي ملعب، بل كان ماراكانا».