متكئًا على كتف ابنه الأكبر جمال، دخل محفوظ إلى مستشفى الحسينية بالشرقية، رجلٌ أربعيني، مُصاب بفيروس كورونا المستجد، مُنذ أكثر من 11 يومًا، صحيح أنه كان بصحة جيدة، لكن بمرور الأيام، تقرّر وضعه في غرفة العناية المركزة، وإخبار الأهل: «دي مجرد إجراءات، نسبة الأكسجين كويسين، يوم وهايخرج على البيت»، لم يخرج من المستشفى بل خرج إلى المقابر في مشهد مأساوي.
محفوظ عبدالعزيز سرور، 44 سنة، أحد ضحايا واقعة مستشفى الحسينية، الواقعة المأساوية التي أثارت الجدل، مساء أمس السبت، إثر انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر «الإهمال» بالمستشفى وانقطاع الأكسجين عن مرضى الكورونا داخل العناية المركزة ما أدى لوفاتهم.
نفى الدكتور ممدوح غراب، محافظ الشرقية، ما حدث وقال إنه لا صحة لوفاة 7 حالات من مرضى فيروس كورونا بمستشفي الحسينية المركزي، بسبب نقص أو نفاذ الأكسجين من المستشفى، مشيرًا إلى أن «عدد المتوفين هم 4 حالات فقط وكانوا على أجهزة تنفس صناعي، وأن الوفاة طبيعية نتيجة لتدهور حالتهم بسبب الإصابة بفيروس كورونا وأنهم أصحاب أمراض مزمنة».
لكن أهل الضحايا كان لهُم رأي آخر، إذ قال جمال محفوظ، إن والده لم يُعاني من أي أمراض مزمنة أو تدهور بالغ في حالته الصحية، متابعًا: «والدي لحد إمبارح نسبة الأكسجين كانت كويسة، الدكتور قالي (أنا هديت الأكسجين على أبوك لأنه تخطّى نسبة الخطر، اللى عليكم تأكلوه)، أكلناه وشبِع، كان المفروض أروح استلمه يروح على البيت، بدل ما أروّحه البيت وديته على المقابر».
وأضاف في تصريحات لـ«المصري اليوم»: «والدي كان كويس جدًا، داخل على رجله، كان عنده مشكله في التنفس، معندوش أي أمراض مزمنة، أنا عندي 26 سنة، أكبر واحد، يتموني. أنا وأخواتي، والدي كان (أرزقي) على باب الله، عنده عربية ربع نُقل، كنت بكافح عشان اجوز أختي، بجري ورا لقمة عيشي أنا وأبويا»، يصمُت للحظات، ثم يكمل بصوت باكي: «الحالة بتدخل على رجليها بتطلع ميته إزاي؟».
يقول «جمال» إن إدارة المستشفى أبلغته بوفاة والده، وعندما ذهب إلى المستشفى، لم يجد سوى العويل والبكاء، إذ يروي: «لقيت كل اللى في العناية ماتوا، مش أبويا بس اللى معندوش أمراض مزمنة، كان في شاب كمان صحته كويسة وداخل على رجله، مش عارف إزاي يموتوا».
تملّك الحُزن من صوت «جمال»، الذي روى لنا جوانب أخرى من شكاوى أهالي المرضى: «ده مستشفى حكومي، كنت بدفع للأمن فلوس، كل ما أقابل حد في المستشفى يقولي (عاوز أشرب شاي)، دفعت 17 ألف جنيه شاي، مش علاج لأ، العلاج من عند وزارة الصحة، الحقن والأدوية، لكن دفعت 17 ألف جنيه شاي وقهوة، إكراميات ومحسوبيات».
اختتم «جمال» حديثه بمزيد من الأسى: «الموت ده سبب وبإيد ربنا، لكن ده سبب قاسي».
من ناحيةٍ أخرى، قالت مصادر قضائية إن النيابة العامة بالشرقية قررت استدعاء مدير مستشفى الحسنية بالشرقية و3 أطباء و4 ممرضات لسؤالهم عما جرى ليلة أمس داخل غرفة العناية المركزة، وذلك للتحقيق في وفاة 5 مصابين بفيروس كورنا.
وقالت المصادر إن النيابة استدعت مسئولى المستشفى وغرفة العناية المركزة لاستيضاح ما حدث دون توجيه اية اتهامات لهم حتى الآن. وطلبت النيابة انتداب لجنة طبية لبيان ما حدث ومدى صحة نقص الاكسجين في المستشفى ليلة أمس.
وكان محافظ الشرقية ومدير المستشفى أكدا عدم صحة ما تداوله البعض بشأن وفاة المرضى في العناية المركزة بسبب نقص الاكسجين، في الوقت الذي اكد فيه بعض الاهالى وممرضتين وجود نقص في الاكسجين ادى إلى وفاة المرضى.