x

طارق الشناوي العنف اللفظى الأسود طارق الشناوي السبت 02-01-2021 07:09


بعض أقوال النجوم من الممكن أن تضعهم فى تحدٍّ مع قطاع من المجتمع لديه أحكامه المسبقة، تعودت أن أبحث عن الدوافع، عندما تتباهى نجمة بمؤخرتها، وهى نفس النجمة التى نسيت قبل عامين بطانة الفستان، فى هذه الحالة أستوعب أن تُصبح هدفًا نموذجيًّا لإطلاق مدافع الغضب والسخرية، أو عندما يتجاوز نجم فى حق فريق كروى فينهال عليه جمهور الساحرة المستديرة، بكل ما لديه من الكلمات النابية. تعودت عندما أحلل ما يجرى فى الشارع أن أطل دائمًا من شرفة الآخرين وأن أقرأ بعيونهم، ولا يعنى ذلك بأى حال أننى أتفق معهم، ولكنى فقط أمسك بالأسباب.

انزعجت مما تعرضت له مؤخرًا كل من سوسن بدر ويسرا اللوزى بكل هذا العنف اللفظى الأسود، عندما كتبت سوسن تنعى المخرج حاتم على جاء التعقيب (عقبالك) بينما وصف أحدهم يسرا اللوزى بأم الطرشة.

كل من سوسن ويسرا اللوزى تحليتا بضبط النفس، ولم تتجاوز أى منهما فى التعقيب، وهو المطلوب، السباب لا يرد عليه بالسباب، من تضعه الأقدار فى مكانة الشخصية العامة عليه دائمًا أن يضرب النموذج، ليس من حق أحد أن يتجاوز، حتى لو كانت الحجة أنه يرد على التجاوز، أعلم أن أغلب من يتعاملون فى عالم (السوشيال ميديا) تعودوا على رد الصفعة بصفعتين، القانون الذى يحكم تلك المنظومة (من يرشنى بالماء أرشه بالنار) تلك هى القاعدة المتبعة فى العالم المتوحش، الذى نطلق عليه «افتراضى»، فصار معبرًا أكثر عن الحقيقة التى يخفيها البشر حتى عن أقرب الناس إليهم.

عالم الوسائط الاجتماعية يبدو فى جانب منه كمن يضع قناعًا على وجهه ويبدأ فى البوح، وكأنه الشيخ حسنى فى المشهد الشهير بفيلم (الكيت كات)، عندما اعتقد أن الميكروفون تم إغلاقه فأخذ يلعن الجميع، لدينا ثقافة متفشية فى الشارع تنظر باحتقار شديد لمن يمارس الفن، لا يهم تعبير ملتزم أو غير ملتزم، الهجوم على بدر واللوزى يؤكد أن الحكاية ليست لها علاقة سوى بالفن، الجانب المريض أيضًا فى تلك الثقافة اعتبار الموت عقابًا ينال من الأعداء، وأن المرض أيضًا رسالة من الله تعنى أنه أرتكب خطأ يستحق غضب ربنا، وهكذا وجدوا أن إصابة ابنة يسرا اللوزى، وهى طفلة بالصمم، منطقى وعادل لارتكابها رذيلة الفن الذى مارسته منذ أن كانت مراهقة.

لا أتصور أن تلك الأصوات المريضة هى مجرد حالات متفردة، الكل يتحمل المسؤولية، رجل الدين الذى ننعته أحيانًا بالمستنير بينما تجده يعلن أنه يستمع إلى أم كلثوم وهى تردد (ولد الهدى) ولكنه لا يستمع إلى عبدالوهاب وهو يردد (أنا والعذاب وهواك)، يبدو ظاهريًّا أنه يصرح بصوت المرأة، بينما العمق أنه يرفض الغناء العاطفى، وانتقل الأمر أيضًا للفنانين بل النجوم منهم مثل هذا النجم الكبير الذى قال حتى يكسب الرأى العام، أنه لو طلبت منه ابنته التمثيل سيرفض لأنه لن يرضى أن يقبلها أحد وهكذا اختصر الفن فى القبلات.

القضية أكبر من مجرد كلمة افتراضية نقرؤها هنا أو هناك، فهى تشير إلى مرض ينخر فى العديد من جوانب الحياة، لا يكفى أن نلعن ونشجب. العنف اللفظى الأسود يستشرى فى المجتمع، والدائرة ستزداد مع الأيام اتساعًا!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية