كثيرون تناولوا شخصية الملك فاروق بالدراسة والتحليل، بعضهم خلص إلى أنه ليس كما صوره إعلام ثورة ٢٣ يوليو، وأنه لم يكن سكّيرًا، بل كان لا يطيق رائحة الخمر.. ولم يكن زئر نساء.. وإن ظهر بغير ذلك، ولكنه كان فقط يلعب الورق، أى القمار. وبالمناسبة كان لعب الورق من الأمور العادية، حتى إن الزعيم سعد زغلول اعترف فى مذكراته بأنه كان يلعب الورق.. ولذلك نجد من المؤرخين لحياة الملك فاروق من يرون أنه مات مظلومًا.. وإن كان بعضهم قال عنه إنه كان ظالمًا.. بل يراه بعضهم أنه كان يحاول أن يتقرب من الناس.. وكان مسالمًا.
أما والده، الملك فؤاد، فكانت شخصيته مختلفة، كان جبارًا ودائمًا كان متجهم الوجه، أى كان وجهه صارمًا.. ولم يحاول أن يتقرب من شعبه، ولذلك لا يمكن وصفه بالملك المحبوب.. وربما كان ذلك بسبب مواقفه من الثورة الشعبية الكبرى فى تاريخ مصر، أى ثورة ١٩، وربما كان بذلك يحاول أن يحمى عرشه تمامًا كما حاول أخوه الخديو توفيق.. وربما لأنه كان يرى فى نفسه صورة الملك الجبار القوى لكى يهابه الناس، ولكن له إيجابيات عديدة. وفؤاد هذا هو أصغر أبناء الخديو إسماعيل، ورحل مع والده إلى المنفى وعاش فى إيطاليا- وفى غيرها- ولم يحلم يومًا بأنه سوف يجلس على عرش مصر. بل إنه عاش بعض حياته مثل الصعاليك حتى إنه أصبح ضابطًا فى الجيش الإيطالى.
الأميرة شويكار لم يعش معها سعيدًا، وكان قد تزوجها من أجل أموالها فهى حفيدة إبراهيم باشا.. وأنجب منها ابنته الكبرى الأميرة فوقية عام ١٨٩٧، ولما ساءت علاقة «الأمير» فؤاد بزوجته شويكار حاول شقيقها الأمير أحمد سيف الدين قتله وأطلق عليه الرصاص.. ثم تم الطلاق بينهما.. وهذا الأمير لم تكن أمه الأميرة فريال زوجة شرعية لأبيه الخديو إسماعيل، بل كانت من الحريم.
المهم أن فؤاد جاءه عرش مصر على طبق من ذهب بعد أن رفض الأمير كمال الدين، ابن السلطان حسين كامل، عرش مصر.. ولما مات السلطان حسين كامل الذى حكم مصر بين عامى ١٩١٤ و١٩١٧، أصبح الأمير فؤاد سلطانًا على مصر عام ١٩١٧.. وفى عهده اندلعت ثورة ١٩ وأصبح فؤاد ملكًا على مصر بعد تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢، إلى أن مات عام ١٩٣٦، ليخلفه ابنه الوحيد الأمير فاروق.. وقد أنجب فؤاد من زوجته الثانية نازلى صبرى بعد فاروق بناته فوزية ثم فايزة ثم فائقة وأخيرًا فتحية.
■ ■ وأقول- للمرة الثانية- إن تجاهل بعض المؤرخين لعصر الملك فؤاد كان سببه صراعه مع ثورة ١٩ الشعبية.. بل تشجيعه إسماعيل صدقى على إلغاء دستور ٢٣ ووضع دستور جديد عام ١٩٣٠. وقد استمر هذا الصراع بين الملك والثورة إلى أن أسقط الشعب دستور ١٩٣٠ الذى كان قد أعاد للملك كثيرًا من السلطات التى كان دستور ١٩٢٣ قد حرمه منها.
ولكن للملك فؤاد جوانب إيجابية.. ربما كان يونان لبيب رزق أفضل من أعاد الحياة إلى الملك فؤاد فى كتابه الممتاز «فؤاد الأول.. المعلوم والمجهول» الذى صدر عام ٢٠٠٥ وأعاد فيه الاعتبار للملك فؤاد.. فماذا قال؟!.