اهتمت وسائل الإعلام الغربية، السبت، بمتابعة تطورات الانتخابات الإيرانية، خاصة مع تحقيق المرشح الإصلاحي حسن روحاني تقدمًا في المؤشرات الأولية للنتائج، مما قد ينبئ بتغيير، بشكل أو بآخر، في تعاطي إيران مع عدد من الملفات السياسية والاقتصادية، على الرغم من أن مفاتيح السياسة الإيرانية تبقى، مع ذلك، في يد المرشد الأعلى، آية الله على خامنئي.
من ناحيتها، رأت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن المؤشرات الأولية للنتائج تظهر رفضاً شعبياً لمعسكر رجال الدين المحافظين وقادة الحرس الثوري، الذين رسخت سلطتهم في البلاد بعد انتخابات 2009، التي قالت المعارضة إنه شابتها عمليات تزوير.
وأوضحت الصحيفة أن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليل، مرشح «المحافظين» المفضل، الذي يحظى بتأييد المرشد الأعلى آية الله على خامنئى، لا يبدو أنه اكتسب الكثير من اهتمام الناخبين.
ومع ذلك، تقول الصحيفة إن الكثير من المحللين الإيرانيين المخضرمين أعربوا عن دهشتهم من المؤشرات الأولية، حيث نقلت «نيويورك تايمز» عن كليف كوبشان، المحلل الإيراني لمجموعة أوراسيا، وهي شركة استشارات سياسية في واشنطن، قوله إنه «إذا كانت التقارير صحيحة، فإن ذلك يعني أن هناك مخزونا هائلا من الطاقة الإصلاحية فى إيران لم يكن من السهل التنبؤ به»، ويتوقع المحللون أن يؤدي انتخاب أي من روحاني أو منافسه المحافظ محمد باقر قاليباف إلى تخفيف لهجة طهران في المواجهة مع الغرب.
من ناحيتها، رأت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية للأنباء أن «روحاني» يمثل بالنسبة لكثير من الإصلاحيين والليبراليين فى إيران «صورة طبق الأصل» من الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، المحسوب على التيار الإصلاحي، الذي تم استبعاده من السباق الانتخابي، موضحة أن الرجلين يؤمنان بأن إيران قادرة على المحافظة على برنامجها النووى، وتخفيف التوترات مع الغرب في الوقت نفسه.
وتضيف الوكالة أنه على الرغم من أن كل الملفات السياسية الرئيسية في البلاد، مثل البرنامج النووي، تدار من خلال القيادة الدينية، فإن تحالف «روحاني» مع «رفسنجاني» قد يمنحه المساحة لوضع بصمته فيما يخص أساليب التفاوض مع الغرب حول الملف النووي بعد فشل 4 جولات من المفاوضات خلال عام في تحقيق أي انفراجة.
وتحت عنوان: «الإيرانيون يبحثون عن رئيس قوى»، ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن هناك عدة عوامل تؤثر على اختيار الناخب الإيراني مرشحه في الانتخابات، موضحة أن الإيرانيين يعانون من عدة مشكلات متفاقمة، على رأسها تراجع العلاقات مع العالم الخارجي، بسبب الملف النووى، والاقتصاد المتدهور وخسارة العملة الإيرانية الكثير من قيمتها خلال الأعوام الـ4 الماضية.
وتقول الصحيفة إن «روحاني» يمثل خياراً جيداً بالنسبة لبعض الناخبين، حيث حصل على المزيد من الدعم الشعبي مستفيداً من الاستبعادات التي قامت بها لجنة الانتخابات في اللحظات الأخيرة لبعض المرشحين، الأمر الذي جعل «روحاني» الخيار الأوحد لـ«المعتدلين».
وقالت صحيفة «جارديان» البريطانية إن المؤشرات الأولية تشير إلى تقدم المرشح المعتدل حسن روحاني بقوة، وهو ما يضعف فرص خوض جولة ثانية من الانتخابات، وذكرت أن المحللين يعتقدون أن التزوير كان أقل احتمالا في الانتخابات هذا العام، لأن الرئيس الإيراني المنتهية ولايته، محمود أحمدي نجاد، لم يكن ضمن المرشحين، كما أن الحكومة لم تؤيد أيا من المرشحين.
وأكدت صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن «روحاني» استطاع جذب تأييد المعتدلين البارزين ممن شارك كثير منهم في الحركة الخضراء 2009 في أعقاب الانتخابات الأخيرة عندما خرج عشرات الآلاف للمطالبة بإلغاء النتائج الرسمية، ورأت أن المشاركة العالية في الانتخابات عكست تراجع الليبراليين عن فكرة المقاطعة، خاصة مع تحول الانتخابات إلى مواجهة في ظل الانقسام السياسي فى إيران.
وقالت الصحيفة إن الانتخابات وصفها الغرب بـ«المهزلة»، بعد السماح لـ6 مرشحين فقط بخوض الانتخابات من بين 680 متقدما.
ورأت أن انتصار «روحاني» سيظل محدودا، حيث يسيطر تحالف من رجال الدين والحرس الثوري على جميع السلطات الفعلية، ويضعون جدول أعمال البلاد في القرارات الرئيسية، مثل البرنامج النووي والتعامل مع الغرب.
ونقلت شبكة «إن بي سي نيوز» الأمريكية عن الباحثة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط بمعهد «بروكينجز»، سوزان مالونى، قولها إن «نجاد، الرئيس المثير للجدل، لن يتقاعد بهدوء، وإنه سيفعل كل ما في وسعه للبقاء في دائرة الضوء السياسية، وأعربت عن اعتقادها أنه يبحث عن دور ثان، وبينما رأى الصحفي الأمريكي، هومان مجد، أن نجاد لا يزال قادرا على تصوير نفسه على أنه رجل من الشعب يرعى الفقراء ولا يعيش حياة الترف، وهي أمور تجذب فقراء الطبقة البسيطة، فقد تشكك باحثون في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في أن الرئيس المنتهية ولايته سيحصل على دعم شعبي.