x

يوسف القعيد انتخابات «فى ظلال القرآن» يوسف القعيد الجمعة 25-05-2012 02:11


سعدت عندما عرفت أن انتخابى سيكون فى مدرسة نجيب محفوظ للتعليم الأساسى بالحى العاشر بمدينة نصر، لأن المدرسة تحمل اسم والد الليبرالية الروائية المصرية. ولأننى أجيد قراءة الخطابات من عناوينها، فقد اعتبرت أن اسم المدرسة بشرة خير، لكن عند البحث عن مكان المدرسة المحفوظية، ثم بعد الوصول إليها، سرعان ما أدى ما رأيته فى المدرسة لتبخر سعادتى.

بحثت عن اللجنة طوال يوم الانتخابات الأول، وبيانات لجنة الانتخابات العليا لم تكن واضحة ولا الخريطة. وعندما ذهبت لقسم شرطة مدينة نصر أول استقبلنى سيادة اللواء مرحباً. ولكنه نقل سؤالى للعسكرى الواقف أمام القسم فدلّنى على مكان، عندما ذهبت إليه اكتشفت أنه حديقة نجيب محفوظ. توصلت لثلاثة عناوين. أخرجنى من حيرتى صديقى محمد على الذى ذهب للجنة رغم مرضه وعرف المكان ودلنى عليه.

كنت أحمل ثلاث صفات لحظة الوصول للجنة: الأولى أننى أحمل صفة مراقب محلى للانتخابات، باعتبارى عضواً فى المجلس القومى لحقوق الإنسان. والثانية أننى ناخب سأدلى بصوتى. والثالثة أن معى ابنتى رباب، وحفيدتى أمينة التى جاءت معنا لترانا ونحن نشارك فى صياغة شكل مصر عندما تكبر. هذا أن قررت البقاء والاستمرار فى مصر. تعليقات أمينة ابنة السبعة أعوام عن المرشحين تستحق وقفة. لكن هذا قد يخرجنى عن موضوعى.

دخلت المدرسة. كان رائد الشرطة جافاً وغير إنسانى وهو يسألنى بعد أن شاهد شهادة مراقبة المجلس القومى لحقوق الإنسان للانتخابات: اسمك إيه؟!. لم يكن أمام المدرسة مدرعات ولا ضباط للقوات المسلحة، بل عدد من الجنود الذين رحبوا بنا بحفاوة تتنافى مع خشونة رائد الشرطة.

تجولت فى المدرسة من دورها الأول حتى الثانى. سألت نفسى: ماذا فى المدرسة من نجيب محفوظ؟ أم أنه مجرد اسم يطلق بشكل روتينى على المبنى؟ خُيِّل إلىَّ أننى دخلت مسجداً وليس مدرسة. كل الشعارات على الحوائط والأبواب دينية إسلامية الطابع.

ولا اعتراض لى على ذلك. ولكن نحن فى مدرسة يصل إليها التلميذ من أجل تلقى العلم والمعرفة. والدين جزء من هذه المكونات. أما هذه الشعارات فهى تسلمنا إنساناً من ذوى البعد الواحد. ووجوده خطر حقيقى على مستقبل هذا الوطن. لم يكن ثمة زحام ولا طوابير. واكتشفت السر عندما عرفت أن كل المقيدين فى هذه اللجنة أربعة آلاف ناخب فقط. أقول إنه لم تكن هناك تجاوزات من مناصرى أى ناخب. ويبدو أنهم اعتبروها لجنة منسية لا تستحق التواجد.

لكن شعارات المبنى وهى كثيرة توشك أن تشكل تدخلاً سافراً فى العملية الانتخابية. ابتداء من الباب الخارجى: «ادخلوها بسلام آمنين». وحتى بوابة الخروج. شعارات تقول لك إن مصر لم يعد أمامها سوى استكمال دينها الذى لا يحتاج أى استكمال. حتى عبارة عباس محمود العقاد: «التفكير فريضة إسلامية» لم أجدها مدونة. فهل تصلح مثل هذه المدرسة كمكان لتلقى العلم؟ وإعداد أطفال مصر الذين هم كل مستقبلها؟ ثم هل تصلح كمكان لإجراء الانتخابات فيه؟ ومثل هذه الشعارات ألا تشكل تدخلاً فى العملية الانتخابية لصالح تيار بعينه له مرشحون؟

لحظة خروجى اكتشفت أن المدرسة التى بحثت عنها كثيراً. تقع بالقرب من باب منزل صديقنا الدكتور حمدى حسن أبوالعينين. الذى أعتبره من أهم دارسى الإعلام فى مصر والوطن العربى. وربما كان الوحيد الذى يربط الإعلام بالمجتمعات التى يعبر عنها ويخاطبها ويتوجه إليها. سبق أن زرته فى منزله للمرة الأولى - وأرجو ألا تكون الأخيرة - الأسبوع قبل الماضى برفقة صديقنا الدكتور صابر عرب، الذى لم يغير توليه وزارة الثقافة فى التعديل الأخير من سلوكياته. بل ازداد تشبثاً بها ليؤكد لنا أن نهجه فى الحياة ثابت فى مواجهة كل متغيرات العمر. كانت معنا رفيقة درب صابر عرب الكاتبة الصحفية: أميرة خواسك، وزوجة حمدى حسين الإعلامية فاتن، وابنته طبيبة الأسنان حديثة التخرج الدكتورة رضوى.

قال لى حمدى حسن إن عمر هذه المدرسة خمس سنوات، ثم حكى لى أنه ذهب إلى مديرة المدرسة أكثر من مرة. متوسطاً لإدخال أبناء البوابين فيها. وأن المديرة تذمرت وتساءلت عن أبناء السادة الذين يذهبون بأبنائهم وأحفادهم إلى المدارس الأجنبية. أما المدرسة التابعة للوزارة فلا يذهب إليها إلا أبناء الفقراء الذين يعيشون تحت خطين أخطر من بعضهما: خط الفقر وخط الأمية.

تساءل حمدى: ماذا يمكن أن تنتظر فى مثل هذا الجو سوى العثور على المعنى السلبى بل شديد السلبية للدين؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية