لا أدرى ما هى الرسالة التى تريد جامعة دمنهور إرساءها بفصل الطالب مصطفى شعلان؟.. وما هى رسالة الجامعة التى تكبت الطلاب بهذه الطريقة؟.. لقد استبشرنا خيراً أن الجامعات بدأت تدريس كتاب التفكير النقدى، لتجعل لدى طلابها قدرة على التفكير غير النمطى.. ولتصنع منهم طلاباً لديهم قدرة على البحث والتفكير وليس التلقى كما اعتدنا فى سنوات طويلة.. كانت كل جريمة مصطفى أنه تكلم مع تليفزيون الدولة ومع إعلامى مصرى يسأله عن وضع الجامعة فى ظل كورونا، وهل هناك إجراءات احترازية أم لا؟!
ولكم أن تتخيلوا.. لقد كانت المداخلة الهاتفية مع الإعلامى وائل الإبراشى، وليس مع قناة الجزيرة أو غيرها من القنوات.. أشار فيها الطالب إلى التكدس فى الجامعة، ورأت الجامعة أنه ينتقدها.. ويوجه لها اتهامات بالتقصير، أو فهمت الجامعة منه أن هناك إهمالاً.. ولو، فما المانع أن ينتقد الجامعة؟ هل أصبح أداء الجامعة مقدساً؟.. وهل أصبح رئيس الجامعة فوق النقد.. السؤال: كيف وصلنا إلى هذه الحالة فى الجامعات المصرية؟!
لقد فضح قرار الفصل ما يحدث فى الجامعة من تقييد وكبت لا يقبله أحد.. ومن حُسن الحظ أن القرار صدر بأغلبية أصوات أعضاء لجنة التحقيق، وليس بالإجماع.. ومعناه أن هناك من أدرك أن القرار سيكون كارثياً على جامعة لم نسمع بها من قبل، إلا متورطة فى فصل طالب، كل جريمته أنه عبر عن رأيه فى تليفزيون بلاده.. وهو دليل على تغوّل السلطة وسوء استغلال النفوذ وقلة خبرة من أصدروا القرار، ولو كانوا على مستوى رئيس جامعة!
وأتساءل: ما هى القوانين التى حققوا بها مع الطالب؟.. أليست حرية الرأى والتعبير مكفولة بالقانون والدستور؟.. هل اعتبروا أنه يروّج شائعات؟.. أين هى الشائعات، مع أن الطالب كان يدق ناقوس الخطر؟، ويخشى على جامعته من انتشار الكورونا؟.. لقد أحسست بالراحة من انتشار هاشتاج باسم «حق مصطفى شعلان»، وهى أول مرة أنضم إلى هاشتاج يؤيد موقفاً أو يعارضه، فهو دليل على الوعى وانحياز الناس لحماية حق الطالب فى التعبير والحرية!
وأعتقد أن هذا الموقف كاشف تماماً لانعدام التعبير فى الجامعة، ودليل دامغ على أنها لا تعترف بالحريات، وليس لديها أسرة صحافة، ولا حتى مجلة حائط، فما بالك أن يكون فيها «صوت الجامعة» وما لهذا كانت الجامعات أبداً، فالجامعات تربى رجال فكر ومثقفين، أكثر منهم يتلقون الكتب وينقلونها فى ورقة الامتحان!
وبالمناسبة، فإن لجنة التحقيق نفسها كانت فيها أصوات معارضة لقرار الفصل، ولو أن رئيس الجامعة، قدَّر هذه الأصوات واستمع إليها لكان كفاه شر الانفعال والتصرف بعصبية والإساءة للجامعة والجامعات كلها، ولكانت هذه المعارضة كفته شر الانتقام، لأن الطالب نشر الغسيل غير النظيف.. ولكان عامله كابنه الصغير وانحاز لمصلحة الطالب، فلم يمض فى قرار الفصل.. وهذه فرصة لتحية الأصوات المعارضة فى لجنة التحقيق.. التى انحازت لحق الطالب وحرية التعبير!
التفكير النقدى ليس مجرد كتاب فى الجامعة لكنه أسلوب حياة!