يبدو الأمر بين أديس أبابا وبين الخرطوم هذه الأيام، وكأن الأولى تضغط على الثانية بسبب موقفها فى مفاوضات سد النهضة!
فليس سراً أن الموقف السودانى فى مراحل التفاوض الأخيرة، صار أقرب إلى الموقف المصرى منه إلى الموقف الإثيوبى، وهذا على عكس ما كان قائماً فى مراحل التفاوض الأولى، التى تابعناها جميعاً فى حينها مرحلةً من وراء مرحلة!
وقد وصل الأمر بالدكتور ياسر عباس، وزير الرى السودانى، إلى الدرجة التى أعلن معها مؤخراً عدم استعداد بلاده لحضور مفاوضات مع الجانب الإثيوبى لا تؤدى إلى شىء، ثم أعلن أنه لن يحضر إذا استمر نهج الإثيوبيين كما هو، وأن الاستمرار فى ظل مثل هذا النهج هو مضيعة للوقت!.. وقد كان هذا بالضبط هو ما تدعو إليه القاهرة، وتتمسك به، وتصمم عليه، منذ أن بدا التسويف الإثيوبى غالباً على ما عداه.. وقد غاب الوزير السودانى عن جولة التفاوض الأخيرة بالفعل، فوضع إثيوبيا فى مأزق لم تكن تتوقعه!
فماذا حدث بعدها أو بالتوازى معها؟!.. بدأت الحدود السودانية الشرقية مع إثيوبيا تشتعل عن قصد فيما يبدو، وبدأت تتعرض لهجمات متتالية من قوات وميليشيات إثيوبية، وبدأت عناصر من الجيش السودانى تسقط بين قتلى وجرحى، وكان آخر عمليات الهجوم هى التى جرت الأربعاء ١٦ ديسمبر، وفيها سقط ضابط سودانى برتبة كبيرة صريعاً ومعه عدد من الجنود!
وقد بلغ الضيق بالحكومة السودانية مما يحدث من اعتداءات متكررة على الحدود، إلى حد أن رئيس الحكومة الدكتور عبد الله حمدوك، طلب أن يكون الموضوع على رأس جدول أعمال قمة الإيجاد المنعقدة فى جيبوتى أمس الأول الأحد ٢٠ ديسمبر!
تعرف إثيوبيا أن موقف السودان الأخير فى التفاوض قد راح يقلب الطاولة عليها، وأنه قد حشرها وحدها فى زاوية بعيدة، بينما مصر والسودان تقفان معاً وتدافعان عن حق ثابت فى ماء النيل.. تعرف حكومة آبى أحمد الإثيوبية هذا وتراه جيداً، وليس من المستبعد أن يكون هذا الهجوم المتكرر على الحدود السودانية، من قبيل البحث عن أى ورقة يمكن بها الضغط على المفاوض السودانى!
ولكن هذا لن يجدى فى الغالب، لأن السودان أصبح يرى الموقف الإثيوبى على حقيقته، ولم يعد مستعداً للجلوس على مائدة تبدد الوقت وتستهلكه!