فى أحد أهم أفلام السينما المصرية «مراتى مدير عام»، كان أشهر «إيفيه» هو المتداول بين «وكيل» المصلحة الحكومية «المتدين» المقتنع طوال الفيلم برأى الإمام «ابن حنبل» بأن لمسه لأى امرأة «ينقض وضوءه»، وبين الساعى الخاص بمكتبه، الذى يحاول إقناعه برأى الإمام «أبوحنيفة» المخالف تماما، حتى يتبدل الإيفيه بينهما نهاية الفيلم عندما يقتنع «الوكيل الرجعى» الذى كان يستخدم «القبقاب» فى الوضوء- فى إشارة لرجعية فكره- بأن المرأة ليست مجرد «جسد»، وإنما «فكر وعمل»، فيحيى مديرته «النشيطة» بحرارة شديدة بالمصافحة بكلتا يديه وهو يمسك «بمسبحته» التى لم تفارقه، فيرمى «القبقاب» الذى أتى به الساعى، ويقول له: «مالوش لازمة، أبوحنيفة قال ماتنقضش»، وبالرغم من أن الفيلم تم إنتاجه فى الستينيات من القرن الماضى، إلا أن هناك من يزال «فكره قباقيبى» ولا ينظر للمرأة سوى نظرات الدونية والإثارة، وتحميلها أسباب أى أزمة، وهو ما أكدته عدة حوادث خلال الأيام الماضية، ولن أحكم بأن جميع السيدات «بريئات»، فلن أكون «منصفة»، ولكن «رمى الحصى» لرجمهن يأتى أسرع دائما قبل أن نسمع كلمة دفاع واحدة منهن، الحادث الأول والذى اعترض فيه البعض على حكم المحكمة ببراءة المتهمين بهتك عرض «السيدة سعاد» فى المنيا، وهى السيدة الصعيدية «المسيحية» التى قاربت على السبعين من عمرها، والذى لا يعرفه الكثيرون أن الحكم جاء بناء على شهادة السيدة سعاد نفسها، بأن المتهمين ليسوا هم من تعدوا عليها، وهنا فحكم القاضى لا تشوبه شائبة، وحسنًا فعل النائب العام بالطعن على الحكم، لحين الوصول لأدلة جديدة، ولكن الأهم الذى لم يفكر فيه أحد هو ما تعرضت له تلك السيدة من وجع وأسى من عائلتها أولا قبل من انتهك عرضها، فقد تركها «رجالة» البيت، «فريسة» لـ«رجالة» آخرين من عائلة مسلمة، لم يجدوا غيرها فى المنزل ليردوا ما حدث لـ«انتهاك عرضهم» أيضا، «رجالة الأسرتين» كلاهما استباحا «المرأة» أيًا كان عمرها، وبالمناسبة لم يستر جسد السيدة سعاد «النحيل» وهى تجرى فى شوارع «قريتها البسيطة» عارية سوى «امرأة» أخرى «مسلمة»، والتى لم تفكر سوى فى إنقاذ «امرأة مثلها» فقط بعيدا عن الديانة، إذن لم تشعر أى جهة بـ«الألم النفسى» الذى تملك بالسيدات الثلاث، فهن مجرد «ستات».
القضية الثانية لفتاة ميت غمر التى استباح عدد من «رجالة القرية» لمس جسدها لمجرد أنها اختارت أن تسير بملابس «مودرن» لم يعتادوا عليها فى شوارعهم، والأزمة هنا هو اتحاد أهالى القرية ضد الفتاة- بمن فيهم أهلها- واعتبارها هى «اللى غلطانة»، هذه العقول «القباقيبى» لا تزال تنظر للمرأة بمنظور «ابن حنبل»، بالرغم من أننا نتزوج بمذهب «أبوحنيفة»، ما هذا التناقض؟، والحديث يطول بنا، ولكن رسالتى لأمنا جميعا الست سعاد «المسيحية» وسيدات «مصر»: أبوحنيفة قال ماتنقضش.