x

20 عاماً على هدم جدار برلين.. والحاجز النفسى مازال قائماً بين الشرقيين والغربيين

الثلاثاء 10-11-2009 00:00 |

من أقصى اليمين المتطرف النازى فى أربعينيات القرن الـ 19، إلى أقصى اليسار الشيوعى الذى شطر البلاد إلى قسمين فى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تأرجح تاريخ ألمانيا الحديث حتى وصلت عام 1998 إلى مرحلة «التوحيد»، المصطلح الذى عادة ما يأتى مسبوقا بكلمة «إعادة»، لتمييزه عن الوحدة الأولى «الرايخ الثانى» عام 1870، على يد المستشار الحديدى ليبولد بسمارك، فهل كسر انهيار جدار برلين الحاجز النفسى بين الشطرين الشرقى والغربى الآن بعد 20 عاما على الوحدة ؟، وإلى أى مدى يراود الاشتراكيون الحنين لتلك الأيام «الخوالى»؟.

شىء ما فيه قسماته يجعلك تشعر أنه من ألمانيا الشرقية، وما أن يتحدث أخيم زيجيلو (55 عاما) ليفصح عن نفسه حتى تتأكد من صحة انطباعك وهو يقول: «كثيرا ما يراودنى الحنين للأيام الخوالى التى تمتعتُ فيها بالرعاية الاجتماعية والصحية، حتى النظام التعليمى كان ممتازاً وأفضل من الآن،

لذا فسأظل أدافع عن ألمانيا الديمقراطية (الشرقية)، رغم كل سلبياتها، ورغم كل ما عانيناه فيها من تدهور اقتصادى وكبت لحريات الرأى والتعبير»، لكنه استدرك «مع ذلك ما كانت تبثه وسائل الإعلام فى الخارج كان مبالغاً فيه، فالقمع لم يصل أبدا للدرجة التى يتحدثون عنها.. ألمانيا الديمقراطية كانت وطنى، ورأيته ينهار أمام عينى، صحيح أن الوحدة كانت هى الخيار الأفضل، لكن الوحدة كانت يمكن أن تتم بشكل مختلف، وما حدث هو أن ألمانيا الشرقية انضمت للغربية، فأخذناها بعيوبها، دون أن يحدث تكامل بين إيجابيات هذا النظام وذاك».

ويضيف زيجيلو، المنحدر من روستوك، ويعمل حالياً صحفياً فى إذاعة «دويتشه فيله» الألمانية فى بون الغربية: «أشعر بالحزن عمن يتحدثون عن وطنى باعتباره دولة مخابرات فقط.. ألمانيا الشرقية كانت أكبر من ذلك.. أنا من هناك وبوسعى أن أؤكد لك ذلك».

وبينما يتحدث عن سعادته الغامرة لحظة هدم الجدار، قال: «لا أظن أن الحاجز النفسى، انهار كليا.. فالشباب الذين تقل أعمارهم عن 20 عاما لا يشعرون بأى فروق، لكن من هم فى سن الخمسينيات مثلى بإمكانهم الإحساس بالفرق، كانت لنا ذكريات جميلة وأنشطة نقوم بها ومسارح نرتادها فى ظل النظام الاشتراكى، لا أملك إلا أن يتملكنى الحنين لتلك الأوقات ولوظيفتى التى فقدتها بعد إغلاق تليفزيون ألمانيا الشرقية، خاصة أن حياتنا كانت عادية مثل جميع شباب العالم، وليست كما تصورها وسائل الإعلام».

وبلغة عربية فصحى اكتسبها بحكم عمله فى الإذاعة الموجهة، يمضى زيجيلو قائلا: «أحد أهم الفروق الموجودة بين الشرقيين والغربيين هو أنه فى ألمانيا الغربية كان المواطنون ينشأون على تعزيز روح المبادرة الفردية وتنمية القدرات الشخصية، فى حين كنا فى ألمانيا الشرقية نعتمد على الدولة فى كل شىء، فقد كان النظام هو المسؤول عن مأكلنا وملبسنا، إنه الفارق بين قيمتى الفرد والجماعة ـ فى النظريتين الرأسمالية والشيوعية ـ وهو ما انعكس فيما بعد على سلوكنا وعلاقتنا، إذ واجهت كثيراً من المشاكل فى بداية عملى، لكن الحقيقة أن رؤسائى ساعدونى كثيراً على تجاوز تلك السلبيات».

غير أن زيجيلو عاد لانتقاد أقرانه الذين ترعرعوا فى ألمانيا الغربية قائلا: «تلك الفردية جعلتهم يقيمون الشخص على أساس ما يملكه من منزل وسيارة.. فى حين أننا لم نكن كذلك، كنا نقيس الأمور بالتعليم والمؤهلات».

وفى المقابل، رأت بيرثى (29 عاما) التى نشأت فى ألمانيا الغربية منذ مولدها أنها لا تشعر أبدا بأى فروق، واستدلت على ذلك بأن شريكة غرفتها من شرق ألمانيا، لكنها استدركت: «أشعر فقط بتلك الفروق حينما يتحدث أصدقائى عن طفولتهم، إذ كانوا محرومين من أشياء بسيطة كانت بالنسبة لى بديهيات، مثل تناول الموز والشوكولاتة ومشاهدة بعض المسلسلات التليفزيونية التى شكلت وجداننا فى الغرب».

كارل (35 عاما) أيد بيرثى بقوله: «دائما كان عندى فضول لأعرف ما وراء هذا الجدار، وكم كنت سعيدا عند هدمه، كنت شغوفا جدا بمشاهدة الأوضاع بعينى وليس الاعتماد فقط على ما تقوله الصحف، لأننى لا أثق فى كل ما تكتبه الجرائد، وهو ما جعلنى أدرك فيما بعد أن الشيوعيين أخذوا من الشرقيين حريتهم، لكنهم أيضا منحوهم فى المقابل الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية