فى أوائل الثمانينيات، طرح هيرناندو دى سوتو رئيس معهد الحرية والديمقراطية فى بيرو، رؤية مفادها «أن الفقراء ليسوا جزءا من مشكلة التنمية، وإنما جزء من حلها، وإن الافتقاد إلى الحصول على حقوق الملكية وغياب غيرها من مؤسسات اقتصاد السوق، هو السبب فى انضمام الفقراء إلى الاقتصاد غير الرسمى»، ونجح فى دمج 30000 مشروع صغير فى الاقتصاد الرسمى فى بيرو، وعبر الإصغاء للفقراء»، حصل إيرادات تصل إلى 300 مليون دولار أمريكى، فى التجربة التى عممت بنجاح فى البرازيل، وتايلاند والصين. فى مصر 2013، مازال أحمد أحمد حتاتة ورفاقه فى محطة مصر والنبى دانيال بالإسكندرية، يعانون من معوقات نائب المحافظة الإخوانى حسن البرنس لتقنين أوضاعهم، ودمج أعمالهم الصغيرة، ضمن الاقتصاد الرسمى.
باعة بالإسكندرية: البرنس أوقف تقنين أوضاعنا لينسبه «الحرية والعدالة»
كان المشروع الذى من المفترض أن يعمم على أسواق أخرى كسوق كرموز والمنشية قد استعان بأحد خريجى كلية الفنون الجميلة، والذى قدم تصميما للأكشاك يراعى البعد الأثرى والحضارى، وقرر على عرفة النائب السابقى أن المشروع «ممتاز ويعمم» وفقا للأوراق التى وقعها بنفسه، ولم يطلب من الباعة الجائلين سوى إيجارا شهريا قيمته 14 ألف جنيه لجميع الأكشاك. قام حتاتة ورفاقه بجمع المبلغ من بعضهم البعض، وقاموا بسداده، وحصلوا على إيصال يثبت سدادهم للمبلغ، لكن «عندما أتى حسن البرنس لمنصب نائب المحافظ» يقول حتاتة، أوقف المشروع، وقال إن النموذج المعروض من قبل الباعة سيئ ويجب أن تقوم لجنة بتقييمه، وانتهت اللجنة، برفع الإيجار الشهرى المطلوب من 14 ألف جنيه لجميع الأكشاك إلى 195 ألف جنيه، أى بواقع 110 جنيهات لكل كشك، تصل إلى 750 جنيها، وفقا لحتاتة، إذا ما أضيفت إليها المرافق والضرائب. المزيد
ضياء الدين الجارحى: الباعة يخشون نظرة الناس لهم كبلطجية
يشرف مركز عدالة للحريات والإعلام على وجود كيان قانونى للباعة الجائلين؛ انطلاقا من الباعة المتواجدين فى ميدان الجيزة بشكل محدد، ضياء الدين الجارحى المحامى ورئيس المركز يشرح طبيعة وأهمية وجود قانون للباعة فى هذا الحوار: ■ الحديث الآن يدور عن إنشاء نقابة تضم الباعة الجائلين، لماذا النقابة وليس أى كيان قانونى آخر؟ فى البداية كنا سننشئ جمعية لهم، ولكننا اكتشفنا أنها ستكون مقصورة على منطقة بعينها وتابعة للقسم الخاص بها، لذلك قلنا فلتكن نقابة حتى تكون المسألة أشمل وتنضم للاتحاد المصرى للنقابات المستقلة. إنشاء النقابة يتطلب جمع بائعين من سبع محافظات على الأقل، ويجب ألا يقل عدد المنضمين من كل محافظة عن 1500 شخص، ونحن فى طريقنا لعمل هذا. هى ستكون نقابة عمالية وليست مهنية، لأن البائع الجائل لا تعتبر مهنة، هم من ضمن العمال وهم أيضا يعتبرون فئة مهمشة.المزيد
فى ميدان الجيزة: البائع فرد أمن وعامل بلدية فى نفس الوقت
يتحرك الشيخ عمر بائع الملابس بارتياح فى ميدان الجيزة قائلا: «هذه هى عزبتنا»، ولكن رغم شعور الشيخ عمر أنه يتحرك فى عزبته إلا أن مطالبه تبدو أكثر أولية من مشاعره، فهو يريد أن تعامله الدولة كمواطن له حقوق، الشيخ عمر أحد ممثلى الباعة الجائلين بميدان الجيزة الذين يبحثون عن تقنين أوضاعهم أمام الدولة بحيث يتم الاعتراف بهم كعاملين ومواطنين مصريين لا كمجرمين. يقول الشيخ عمر: «على الحكومة أن تفهم أن البائع ليس بلطجيا، فوقفته فى الميدان قد تجعله فرد أمن يحافظ على سلامة الميدان، وقد تجعله مسؤولا عن النظافة لأنه سيحافظ على شكل الميدان حوله، سيحافظ على المرور لأنه لن يقبل بسيارة توقف المرور، وفوق كل هذا سيعصم البائعين من الجريمة». المزيد
فاطمة حسين.. من الشرقية إلى القاهرة يومياً للبحث عن «لقمة العيش»
تفترش الأرض بجلبابها البسيط، تركن رأسها قليلاً على الباب الخلفى للمترو، تلقى بنظرة خاطفة على «الطشت» الذى تحمل فيه بضع فطائر صنعتها بالمنزل لتبيعها للنساء العائدات والذاهبات إلى العمل فى الصباح والمساء. إذا التزمت فى مواعيد ركوبك المترو ستجدها يومياً فى تمام الثامنة مساء فى قلق شديد. إنها فاطمة حسين «أم على» التى جاءت من إحدى قرى مركز منيا القمح بالشرقية لتبيع الفطير الذى تصنعه فى منزلها للنساء العاملات بعربة السيدات بالمترو، تقترب منها فتجد الإجهاد والفقر رسم ملامحه على وجهها البسيط، عيون زائغة تبحث عن زبونة تخلصها مما تبقى معها من فطائر، وأذن صاغية لمن تنادى عليها، واظبت على عد الفطائر التى معها والمناداة على من يرغب بها، تستغل وقت استراحتها على أرض المترو فى تقشير قليل من الثوم، دقائق معدودة تلتقط أنفاسها وتقطع عربة السيدات ذهاباً وإياباً «محدش عاوز فطيرة يا بنات يا ستات، عاوزة أروح القطر هيطلع من شبرا الخيمة الساعة 8.30 اشترى إنتى يا أبله دا معمول فى البيت وزى الفل».المزيد