«إما المشاركة فى المرحلة الثالثة لمشروع إحلال التاكسي، ومساعدتكم في الحصول على المتأخرات أو لا نعدكم بالمساعدة»، تلك الكلمات قالها أمجد منير، مستشار وزير المالية، رئيس صندوق مشروع التاكسي، واضطرت البنوك بناء عليها إلى الرضوخ لضغوط «المالية»، والمشاركة فى المرحلة الثالثة للمشروع، بحسب عدد من المصادر، رغم الخسائر التى تكبدتها خلال المرحلتين الأولى والثانية، والمتمثلة فى عدم سداد مستحقاتها من جانب سائقى التاكسى منذ الثورة، بسبب تراخى وزارتى المالية والداخلية.
وتوصل الطرفان إلى اتفاق تم بموجبه توقيع بروتوكول للمشروع يضم إليهما وزارة الداخلية، ونجحت الحكومة فى طرح المرحلتين الأولى والثانية لكن لم تأت الرياح بما تشتهى السفن، حيث امتنع بعض السائقين عن سداد الأقساط المستحقة للبنوك بعد ثورة 25 يناير، وزاد الطين بلة تبارى بعض مرشحى الرئاسة لكسب أصوات الناخبين بالحديث عن إسقاط أقساط التاكسى.
وبحسب عدد من الخبراء، أصبحت البنوك بين شقى الرحى، بعدما تجاهلت وزارة المالية الأمر، بينما رفضت وزارة الداخلية ضبط السيارات الممتنع أصحابها عن السداد خلال المرحلتين الأولى والثانية.
ومع الخسائر التى تعرضت لها البنوك فى المرحلتين الأولى والثانية، توافقت على عدم المشاركة فى المرحلة الثالثة للتاكسى إلا بعد الحصول على مستحقاتها، وأكدت وزارة المالية من جانبها أنها بصدد تغيير صيغة البروتوكول ليصبح أكثر قانونية، وتغيير اسم «شهادة كف البحث» إلى شهادة تفيد بأنها لم تعثر على السيارة.
وبادر وزير المالية السابق، الدكتور المرسى حجازى، بطمأنة البنوك وإغرائها بالمشاركة فى المرحلة الثالثة عن طريق توقيع تعهد كتابى بأن الوزارة تضمن منح البنوك مستحقاتها فى المرحلتين السابقتين، خاصة للسائقين الذين لم يسددوا لمدة 180 يوما، لكن البنوك شددت على ضرورة الحصول على مستحقاتها قبل التوقيع على بروتوكول المرحلة الثالثة.
وبعد أيام قليلة من تعهد الوزير السابق، بدأت تدخلات الرئاسة لحل الأزمة باتصالات مكثفة من أحد مستشارى الرئيس، الذى عقد اجتماعات مع البنوك المشاركة وممثلين للسائقين المتعثرين، وقال مستشار الرئيس إنه التقى السائقين، وإن الرئيس طالبه بالتوسط لحل الأزمة من خلال حملة صلح بين السائقين والبنوك وجدولة الديون والمتأخرات، لكن البنوك رفضت العرض الرئاسى، وقالت إن قبول مثل ذلك الأمر سيغرى العملاء الملتزمين بالتوقف عن السداد،
ودخلت البنوك فى جولة جديدة من التهديدات الضمنية من مستشار وزير المالية، أمجد منير، الذى قال حرفيا للبنوك «إذا وقعتم على بروتوكول المرحلة الثالثة هتاخدوا فلوسكم، وإذا امتنعتوا لا أعدكم حتى بالمساعدة»، ملوحاً بتوقف «المالية» عن سداد مبلغ الـ10 ملايين جنيه شهريا، التى تحصل عليها البنوك نظير الإعلانات. وأيقنت البنوك وقتها أنه ليس هناك مفر من المشاركة فى المرحلة الثالثة حتى تحصل على مستحقاتها السابقة، لذا قررت المشاركة ووقعت البروتوكول قبل نحو 3 أسابيع، وتلك البنوك هى الأهلى وناصر والإسكندرية، فيما لم يحضر ممثل بنك مصر الاجتماع، رافضا صيغة التهديد، قبل أن يعود ليوقع منفردا قبل أسبوع.
ويستحوذ بنك الإسكندرية، الذى تملك أغلبيته مجموعة أنتيسا سان باولو الإيطالية، على نصيب الأسد من مشروع التاكسى منذ بدايته بحصة بلغت 65% من دين بلغ أكثر من 450 مليون جنيه، ولا تزال البنوك تبحث عن مخرج من ذلك المأزق، مؤكدة أنها تتعرض لضغوط شديدة من الحكومة للمشاركة، بحسب عدد من المصادر.
من جانبه، أكد هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى بالإنابة، أن متأخرات البنك من الأقساط المستحقة على مشروع التاكسى فى المرحلتين الأولى والثانية تمت تغطيتها بمخصصات بالكامل منذ بداية التعثر بعد ثورة 25 يناير على خلفية عدم سداد بعض السائقين، بالإضافة إلى إخفاق شركة الدعاية والإعلان المتعاقدة مع وزارة المالية فى الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك.
وقال «عكاشة» فى تصريحات خاصة، إن وزارة المالية تحملت نسبة الدعاية والإعلان فى المرحلة الثانية، لافتا إلى أن التعثر فى سداد الأقساط يرجع إلى حالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد بعد الثورة، ففى ظل غياب الأمن لم يعد لدى السائق دواع لتجديد الرخصة، بالإضافة إلى أن تراجع دخول السائقين تسبب فى عدم قدرتهم على السداد، مما دعا البنك الأهلى بالاتفاق مع وزارة المالية لتأجيل الأقساط فترة معينة وجدولة فوائد التأخير.
وقال إن الحديث عن ضياع أموال البنوك فى المرحلتين الأولى والثانية أمر غير حقيقى، حيث إن المالية ضامنة وملتزمة -حسب قوله - بسداد أموال البنوك، وأشار إلى أن البنك الأهلى لم يقم أى دعاوى قضائية ضد سائقى التاكسى.
واضاف أن الدعوى القضائية الوحيدة التى أقامها البنك كانت ضد شركة الدعاية والإعلان، التى أخفقت فى الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك، وفشلت في سداد أقساط البنوك بعد إقرار المرحلة الأولى بنحو 6 أشهر.
وقال إن نسبة البنك الأهلى في هذا المشروع بلغت 400 مليون جنيه، فى المرحلتين الأولى والثانية، موضحا أن نسبة المتأخرات فى الأقساط بلغت فى ديسمبر 2012 نحو 188 مليون جنيه، لتتراجع إلى 172 مليون جنيه بعد إقبال بعض السائقين على السداد.
وقال يحيى العجمى، رئيس مجموعة التجزئة المصرفية ببنك مصر، إن البنك شارك فى المرحلة الثالثة لمشروع التاكسى، لأنها استكمال للمرحلتين الأولى والثانية، ولفت «العجمى»، فى تصريحات خاصة، إلى أن وزارة المالية لم تمارس ضغوطا على البنك، من أجل المشاركة فى المرحلة الثالثة.
وحول تأخر توقيع بنك مصر على التوقيع على بروتوكول المرحلة الثالثة، قال «العجمى» إن البنك كان له بعض الأسئلة الاستيضاحية عن المشروع من وزارة المالية تسببت فى تأجيل التوقيع.
ولفت مصدر مسؤول ببنك الاسكندرية إلى أن حجم خسائر البنك من مشروع التاكسى خلال المرحلتين الأولى والثانية يصل إلى 180 مليون جنيه من أصل 650 مليون جنيه ضخها البنك فى المرحلتين.
وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن جميع المتأخرات قام البنك بتغطيتها بنسبة تصل إلى 100% من المخصصات.