وصفت الدكتورة نادية رمسيس فرح، أستاذة الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية، مستشار الأمم المتحدة للنوع الاجتماعى والتنمية سابقاً، أداء الرئيس مرسى فيما يتعلق بالملفين الاقتصادي والسياسي، بأنه يتسم بالضعف الشديد، وتوقعت ألا يكمل مدته الرئاسية إذا استمر بنفس السياسات.
وقالت «نادية»، فى حوارها لـ«المصرى اليوم»، إن الرئيس رفع راية الاستسلام، للمؤسسات المانحة، وأن تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادى، يعمق المشاكل الاقتصادية والاحتجاجات الفئوية، ويساعد على اندلاع ثورة الجياع، مشددة على أن الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة على تغيير المشهد الحالى وإنقاذ الدولة من الانهيار، وأنه سيعود مرة أخرى بأمر الشعب وليس بالانقلاب.. وإلى نص االحوار:
■ ماذا عن تقييمك للمشهد السياسى والاقتصادى الراهن؟
- العنوان الرئيسى للمشهد هو «صراع النخب»، فثورة 25 يناير هى فى الأصل ثورة ضد النخب الموجودة، وهى صراع طبقي، بقيادة الطبقة المتوسطة والعمال ضد النظام السابق والحالى، والصراع بدأ منذ عام 2004 من خلال تزايد المطالب الفئوية، كما أن الثورة فى الأساس اقتصادية، وظهرت بوضوح من خلال شعارها، وفى استطلاع رأى، أجراه أحد مراكز البحوث الأمريكية، تبين أن 81٪ من العينة المستطلعة، أكدوا أن مطالبهم اقتصادية، أما النسبة الأخرى فكانت مطالبها ديمقراطية والحرية، خصوصاً إذا علمنا أن نسبة أجور العمال فى القطاع الخاص مقارنة بالعائد لا تزيد على 7٪ وفى القطاع العام 11.9٪ مقارنة بفترة الستينيات، حيث كان نصيب العمال من الدخل 30٪، وهذا خلل كبير ويجب تداركه بحيث تتم إعادة توزيع الدخل.
■ ماذا عن تطبيق برنامج الصندوق للإصلاح الاقتصادى؟
- تطبيقه حالياً يؤدى لتعميق المشاكل الاقتصادية والاحتجاجات الفئوية، ورغم أن الصندوق غير طريقته بسبب اعتباره باعث الثورات، بحيث يطلب من الحكومات تقديم روشتة خاصة بها، بدلاً من فرض برامج جاهزة، إلا أن الإصلاحات تعتمد على نفس المنهج، وهى تقليل عجز الموازنة وميزان المدفوعات من خلال تقليل النفقات وزيادة الإيرادات دون المساس بضرائب الدخل، التى وصلت إلى 30٪، فى حين تصل فى أمريكا إلى 48٪ والمطلوب أن تزيد لمن يتعدى 10 ملايين جنيه لتصبح 40٪ على الأقل، والحكومة بشكل عام منحازة إلى طبقة الأغنياء على حساب القفراء، من خلال زيادة ضرائب المبيعات التى ترفع الأسعار على المواطنين بشكل كبير، كما أن الصندوق يشترط تعويم الجنيه، وهو اتجاه مرفوض، ولا ينبغى أن يترك محافظ البنك المركزى، يتحكم فى السياسات النقدية والمالية دون رقيب، فلابد من رقابة الدولة، أسوة بدول مثل الصين وغيرها.
■ لكن ذلك يؤدي لعودة النظام الاشتراكى وهو طرح صعب تبنيه حالياً؟
- الاشتراكية والقطاع العام لن يعودا، والمبدأ الأساسى هو حرية السوق وتركها لسياسة العرض والطلب، لكن يجب أن تكون الدولة حاضرة فى الصناعات الاستراتيجية والثقيلة، والبنية التحتية وتساند القطاع الخاص، ويكون لها دور فى التشغيل ووضع السياسات، والمشكلة الحقيقية أن النظام الحالى أكثر يمينية من النظام السابق لكنه أقل كفاءة، فلا مقارنة مثلاً بين المجموعة الاقتصادية فى الحكومة الحالية.والمجموعة الاقتصادية فى حكومة ما قبل الثورة.
وما يحدث حالياً هو الليبرالية الجديدة التى تجرى وراء الحصول على قرض من الصندوق، رغم أن الاتفاق معه سيؤدى إلى ركود اقتصادى وليس تنمية، ورغم مساوئ الرئيس المخلوع فإنه لم يجرؤ على تطبيق كل سياسات الصندوق، خصوصاً تحرير الدعم للخبز والوقود، عكس ما يفعله النظام الحالى حالياً.
■ إذن ما رؤيتك للخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية؟
- طرحت رؤيتى فى المؤتمر الاقتصادى لجبهة الإنقاذ، وتعتمد بالأساس على نموذج الدولة القائدة، بحيث يتم المزج بين القطاع الخاص وبين دور الدولة كمنظم وصانع فرص عمل، تهتم بمحاربة الفقر، خصوصاً أن نصف الشعب المصرى تحت خط الفقر، والقضاء على الفساد فى القطاعين الحكومى والخاص، وأمريكا اللاتينية تمثل النموذج الأقرب لمصر، حيث مرت بنفس مراحل التحول الديمقراطى الحالى، ونجحت بعدما تبنوا سياسات الديمقراطية الاجتماعية، وأوصلوا الدعم للفقراء والمستحقين، كما أعادوا توزيع الدخل لتحقيق الأهداف التنموية، واستثمرت تلك الدول فى مجالات البحث العلمى والمعرفة والتكنولوجيا، وخصصت ميزانية ضخمة للبحث العلمى، عكس ميزانية مصر بعد الثورة التى تقل عن 2٪، يصرف معظمها على الرواتب، إضافة إلى ضرورة الاستثمار فى التصنيع وليس السياحة، ووقف عمليات الاقتراض الخارجية غير المحسوبة، وتحديد الحدين الأقصى والأدنى للأجور.
وقبل كل ذلك لابد من التوافق السياسى ومشاركة جميع القوى، لا إقصائها، خصوصاً أن تنظيم الإخوان مشغول بقضية «التمكين» وليس التنمية والاقتصاد، فى المقابل فإن المعارضة بشكلها الحالى «ضعيفة» وغير متوافقة داخلياً بسبب تعدد الاتجاهات وتضادها فى بعض الأحيان، من رأسمالية إلى اشتراكية، وجبهة الإنقاذ، لن تستمر، فهى تحالف مرحلى لن يثمر عن شىء ولم تطرح نفسها كبديل شعبى.
■ ما البديل الشعبى؟
- «الجيش» هو الوحيد القادر على تغيير المشهد الحالي وإنقاذ الدولة من الانهيار، والجيش سيعود مرة أخرى بأمر الشعب، ولن يكون ذلك عبر انقلاب، وأتوقع أن تحدث ثورة جياع فى مصر تتواكب مع مشاحنات واضطرابات أهلية ستعجل بنزول الجيش، والذى سيكون مهدداً إذا لم يستوعب الأزمة سريعاً، خصوصا أن سياسات النظام الحالى تتسم بالغباء السياسى والعجلة فى التمكين والهيمنة، ودليل ذلك إصراره على حكومة هشام قنديل، رغم ضعفها، وأداء الرئيس مرسى، بشكل عام ليس جيداً ويتسم بالضعف الشديد فى ملفى الاقتصاد والسياسة، وهناك استسلام تام للمؤسسات والدول المانحة، وأنا لا أعرف من ينصحه، ولا أتوقع أن يكمل فترته إذا استمرت بنفس السياسات الاقتصادية.